“لا تدعوا سمومكم تقتلنا”
توفيق يواجه الحريق في سينما عامودا
مصطفى عبدو
تتعرض حياتنا وبيئتنا في الآونة الأخيرة للكثير من الممارسات التخريبية والتدميرية، ونعزو السبب دوماً إلى الأزمة التي تعيشها المنطقة؛ والتي تعكس سلباً على المواطن والمجتمع. من أبرز هذه الممارسات التي شعرنا بخطورتها اليوم؛ هو التلوث الذي بدأ يخيم على مدننا التي كانت أشبه بروضةٍ من رِياض الجنة؛ لنقاء جوِّها وصفاء بيئتها. أذكر أنني كنتُ أرافق أفراد عائلتي في الكثير من الأوقات إلى “طريق المطار” أقصد هضبة مطار قامشلو طبعاً”؛ وكنا نستمتع بمناظر المدينة، ونستنشق الهواء العليل قبل غروب الشمس, وأول ما كان يبدو للناظر مبنى البريد؛ وبجوارها الملعب البلدي الذي بالكاد كان يمكننا رؤيته, وبمجرد النظر إلى الشمال قليلاً تجد “الهلالية” تتبختر على ربوة صغيرة مزهوَّة، كونها شقيقة “#قامشلو# الكبيرة”, وعلى يمينك قرية “حلكو”، وفي نظرة سريعة كان يمكنك مشاهدة قرية “طرطب” لو أبعدت مدى نظرك قليلاً.
اليوم لا يمكنك مجرد التفكير بالذهاب إلى حيث كنت أذهب واستمتع؛ لأنك بلا شك ستكون من النادمين, فلن ترَ سوى سحابة من الدخان تغطي مساحات واسعة من سماء المدينة. الأمر أيها الأخوَة في غاية الخطورة، ولم يعد يقتصر خطورتها على الإنسان فحسب؛ بل تعداه ليصل إلى النباتات والحيوانات, فهل من مستجيب لنداءاتنا؟ أما آن الأوان لنتنبَّهَ لهذا الأمر؟.
يتطلب منا اليوم قبل الغد وضع برامج لإعادة تأهيل البيئة في مناطقنا، وتقديم برامج دراسية وتنموية، وتوضيح مفهوم المحافظة على البيئة وأهميتها, هنا يمكن الجزم بالإمكان تجنب ذلك اعتماداً على مؤسساتنا التربوية والتعليمية ووسائل الإعلام المختلفة بما تملكه من دور كبير في غرس المفاهيم البيئية الصحيحة، وتشجيع روح المحافظة على البيئة لدى كافة شرائح المجتمع، ورصد التأثيرات الصحية الناتجة عن تدهور حالة البيئة.
نؤَكَّد على دور المؤسسات التربوية والتعليمية في تأهيل البيئة والحفاظ عليها، بحيث يشعر كل فرد ابتداءً من الجالسِ على المقاعد الدراسية بأن البيئة أمانة ومسؤولية تقع على كاهله كنوع من التربية الفعّالة، ويساهم المعلمون والمعلمات مساهمة مباشرة في ذلك.
أما بالنسبة إلى الإعلام؛ فيمكن أن يلعب دوراً هاماً وفعالاً في إعادة تأهيل البيئة من خلال إمكاناته الكبيرة في تغيير الكثير من سلوكيات الأفراد ومواقفهم تجاه البيئة، وغيرها من خلال ما تملكه من تأثير وسلطة؛ لدفع الجهات المختصة وصانعي القرارات للتحرُّكِ ايجابياً من أجل اتخاذ الخطوات الضرورية لحل المشكلات البيئية القائمة، أو لتجنب وتفادي حدوث أخطار بيئية محتملة.
عمل الجماعة ينطلق من الفرد، ولكن تحويل المفهوم إلى واقع يتطلب التعاون الجدي للأفراد والجماعات والمؤسسات، وأن اختيار جملة من التوجيهات المعينة يمكن أن تقود إلى حلول، ويمكننا أن نكيّف إمكانات الحل وفقاً لإمكاناتنا الذاتية المتوفرة.
بالمحصلة فإن للمؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية دور مركزي في ضرورة دفع سويّة إحساس الأفراد تجاه بيئته؛ وعلينا تحفيز إحساس الأفراد والجماعات بوجوب المحافظة عليها.
اقترب لأهمس لك: للفقراء نصيب الأسد من السموم، فهم الوحيدون الذين يشعرون بها؛ لأنهم دوماً يسيرون خلف سيارات الأثرياء التي تنفث السموم وأنتم لا تعلمون ….[1]