عن الكرد الرابحون في الجدلية السورية
جوليا إبراهيم
عانت شعوب سوريا على مدى السنين التي مضت من جميع الاضطهادات التي كانت تمارس بحق هذه الشعوب، ودائماً ما كانت الأحكام والقرارات تصدر عن حكومة مركزية سلطوية تقرر وتبت في مصير هذه الشعوب لتسيير مصالح وشؤون الهيكلية المركزية للدولة، مما جعل الشعوب السورية بعيداً كل البعد عن البحث والنقاش بحقوقهم الطبيعية، ولم يتوفر أية وسيلة للمكونات الموجودة في الداخل السوري للتعبير عن لغتهم وثقافتهم وعاداتهم، والقيم التي ترتبط بها عبر تاريخها. فلم يكن النظام الحاكم يحكم لمصالح الشعب بل كانت سلطة عليا تعلو على قيم الشعوب وثقافاتها مما يجعلها في القمة، وما يتبقى عبيداً خاضعين تابعين، ألهاهم بالقليل، وأنساهم معنى الوطن والوطنية، فمن خلال سياسته الابتزازية جعل من هذه الشعوب أمواتاً على قيد الحياة، همهم الدفء والطعام لا أكثر، كي لا يفسح المجال لانخراطهم ضمن السياسة، فالشعب الذي له نظرة وتحليل سياسي هو شعب لا يقبل الخضوع والخنوع لآراء متسلطة، فالفجوة التي كانت بين شعوب المنطقة، والسياسة التي تحاك ضمن محافل الدولة جعلهم ألعوبة بأيدي الغير، إلى أن وصلت سوريا إلى الوضع الراهن، من قتل الإنسانية، وأنهاء البراءة، والتلاعب بالمستقبل، والقضاء على كافة الذكريات في كافة الأزقة، وجعل منها رواية مأساوية؛ إذ أن كل شبر من أرضها تروي تعب سنين وظلم إنسان وقتل نفس وضياع تاريخ…
فها هي طاولة جنيف وأستانا وغيرها التي زعمت أنها تبحث عن الحل السوري باءت بالفشل، وما كانت إلا محادثات تُطيل من عمر الأزمة في سوريا، لأنها لم تكن تشمل كافة شعوب المنطقة، ولم تمثل كافة أطياف المجتمع، واستمرت اللعبة؛ للبقاء على السلطة على حساب تهميش المجتمع، ولم يتم تقديم أي مشروع جديد يبت في حلحلة المعضلة السورية وينظر في مستقبل سوريا.
ونحن كحزب الاتحاد الديمقراطي وانطلاقاً من فلسفة القائد “عبدالله أوجلان” ألا وهو مشروع الأمة الديمقراطية التي تشكل اللبنة الأساسية لمستقبل سوريا، وهي التوافقية بين كافة أطياف ومكونات الشمال السوري خاصة، وسوريا عامة، فكل مكوِّن له الحق المشروع بالتحدث بلغته والتعبير عن ثقافته والمحافظة على قيمه وأصالته، كما أن للمرأة الدور الريادي في التنظيمات والنشاطات وكافة الأعمال، ابتداءً من الدفاع عن الأرض في ساحات القتال، وصولاً إلى تسيير شؤون المجتمع والسياسة، وأثبتت النساء في الشمال السوري إرادتها، وبينت أنها صاحبة القرار في حسم المواقف، فلا يمكن تشكيل مجتمع أخلاقي سياسي ديمقراطي بإنكار الآخر؛ فنهجنا هو نهج التلاحم والترابط بالمناصفة بين الجنسين، وإضفاء قوة الشبيبة التي تعتبر طاقة المجتمع وعزيمته.
فالانتخابات في المرحلة الأولى؛ أكدت على تمسك أهالي الشمال السوري بأرضهم من خلال توافدهم على الصناديق لوضع حجر الأساس في الفيدرالية الديمقراطية؛ ألا وهي الكومينات واستمرت بنجاحها حتى وصلت إلى المرحلة الثانية من هذه الانتخابات الحرة المباشرة لاختيار القوائم والأشخاص المناسبة لخدمة المنطقة؛ والتي ظهرت في انتخابات المجالس المحلية في البلدات والنواحي والمقاطعات، مما جعلت من العملية الانتخابية جواباً شافياً لكافة الدول التي تتلاعب بمصير شعوب سوريا، وكانت السبب بأن تجعل أصدقاء وأعداء هذا المشروع مرغمين للتوجه إلى طاولة الحوار، للحد من القتل والتدمير والتهميش في مقدسات هذه الشعوب، وسيكون مشروع الفيدرالية الضامن الوحيد للحل في سوريا ووحدة أراضيها على أسس متلاحمة بكافة المكونات، وتكون المرأة والشبيبة في طليعة تقدم وتطور وتطبيق هذا المشروع على هذه الأرض الطاهرة التي رويت بدماء الآلاف من شهداء الكرامة والحرية.[1]