لكنني سأنتخب
الإدارة الذاتية وقعاً و.. واقعاً
مصطفى عبدو
“المرحلة الثانية للانتخابات؛ فجرٌ جديدٌ ومستقبلٌ أكيد ”
كان واضحاً اهتمام الكثير من المواطنين بالانتخابات الأخيرة التي جرت في روج آفا وشمال سوريا، فلم تتوقف الحركة في مختلف شوارع وأحياء المدن والبلدات تزامناً مع تنظيم انتخابات المجالس المحلية، وعجَّت المراكز الانتخابية بالحيوية والنشاط في الأحياء الشعبية، واتسمت الأجواء داخل المراكز الانتخابية بالهدوء والنظام، وكان رؤساء المراكز حريصُونَ على معالجة كافة الإشكالات التي كانت تقع داخل المراكز؛ خاصة من الجانب التنظيمي, كما حرصَ جميع المُشرفين على العملية في هذه المراكز الانتخابية؛ بالتعامل مع المواطنين بشكلٍ مرنٍ وشفاف. كما لوحظ تواجد عناصر الأمن والحماية المدنية أمام مراكز الاقتراع، للسهر على سير العملية، وحفظ النظام العام، وهو ما تحقَّقَ بالفعل، فقد جرت الانتخابات في ظروفٍ طبيعية، وتنظيمٍ مُحكَم دون تسجيل أية تجاوزاتٍ تذكر.
غير أنه ومن المؤسف؛ أنَّ غباراً بدأ يعلو في سماء هذا اليوم التاريخي, ولا أظنني أستبق الحكم واستعجل اتهام من سعى إلى مقاطعة هذه الانتخابات، فالأيام المقبلة كفيلة بكشف المستور. إلا أنني سأتجاوز صمتي لأقول:
“إن الذين قاطعوا وامتنعوا، بل هربوا من الاستحقاق الانتخابي وتجنبوا حتى بعرض أنفسهم على الجماهير. هؤلاء لا جماهير لهم، ولا سند لهم، وهم يكتفون بالبحث عن استحقاقاتهم على موائد الآخرين، وفي عواصم بعض الدول. وإلى جانب كل ذلك؛ وبعدما تأكد هؤلاء من قيام الانتخابات في موعدها؛ تشدقوا قائلين: “إن هذه الانتخابات لا معنى لها، و وجهوا سيلاً من الاتهامات للوفود القادمة من الخارج للاطلاع على سير العملية الانتخابية. مع كل ما قام به هؤلاء إلاَّ أن العملية الديمقراطية مضت إلى غاياتها، وبقيت الأيادي ممدودة لدعوة الجميع إليها. والوصول إلى مُخرَجاتٍ ترضي كل أفراد المجتمع، وإلى خارطةِ طريقٍ ترسُم المخرجَ وتنشرُ الأمل”.
إن مقاطعي الانتخابات مارسوا “الشر” على وجهين، الوجه الأول واضحٌ وصريحٌ يتمثل بأقوالهم، والوجه الآخر باطن يتجسد بأفعالهم ونياتهم السيئة و “المبيتة”. وفي حقيقة الأمر أن ما يبطنون أضحى أكثر وضوحاً مما يظهرون، وأقرب للقراءة والإدراك. فأفكار هؤلاء غالباً ما تكون مقروءة قبلً نطقهم بها، لاسيما بعد أن امتحنهم الجماهير، وأدركوا تماماً مبتغاهم في كل ما يتفوهون به، ويتجلى هذا الأمر واضحاً من خلال تصريحاتهم خلف شاشة هنا؛ أو على منصة هناك، وقد فاتهم أن الجماهير باتت تُدْرِكُ مغزى تصريحاتهم حتى قبل بثها، وأصبح المخفيُّ منها محسوساً وملموساً لدى كوادرهم قبل الجميع.
بالمحصلة أنَّ هذه الانتخابات عكست الحالة الإيجابية في مجتمعنا لكونها عكست رغبة الشعوب في ممارسة حقها الديمقراطي، ورغبة المترشحين في المساهمة في بناء بلادهم. هنا ارتأيت أن أدون ما قالتْهُ امرأةٌ مسنةٌ وهي بالكاد تستطيع السير متوجهة نحو صناديق الاقتراع:
” أنا متقدمة في العمر ولا أجيد القراءة والكتابة, ولا أعرف لمن أمنح صوتي, لكنني سأدلي بصوتي [1]