عصارة العقل الجمعي لقيادة كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4542 - #13-08-2014# - 12:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
بعد مجيء داعش و احتلالها مساحة شاسعة من الموصل الى مشارف بغداد، تعاملت القيادات العراقية مع الواقع الجديد بعقلية ضيقة مستندة على ما يخصها فقط، من السلطة الى من يعتبرون انفسهم في المعارضة، و تعاملوا مع الحدث بشكل مختلف و متناقض احيانا، الا انهم ادركوا ان الضرر سبنعكس على الجميع، و المعركة ستستمر و وامستمرة لحد اليوم في ميادين القتال رغم الهدوء النسبي في مناطق وسط العراق و شماله بعد تغيير وجهة داعش نحو كوردستان .
لم ينكر احد ان اسباب الانكسار الفضيع ليست عسكرية فقط بقدر ما هي سياسية و الخلل في ادارة البلاد، و لا نعيد هنا الاسباب لكي لا تحسب شماتة بمن اعتبرناه السبب الرئيسي و اليوم عوقب على اخطاءهم واستبعدوا من الكرسي الذي التصقوا به بعد سوء ادارتهم للبلد .
لم تكن القيادة الكوردية باحسن من القيادة العراقية، على الرغم من ادعائها بانها حذرت المالكي من خطر داعش قبل ستة اشهر من مجيئها، شاهدنا انها لم تتخذ اي قرار او ما يمكن ان نعتبره الحيطة و الحذر لاي احتمال و كانها متاكدة من عدم محاربتها من قبل داعش، و بعد تغيير وجهة داعش نحو كوردستان، تبين كم هو مقصر الفكر و العقلية القيادة الكوردية المنطوية في الصراعات الحزبية الضيقة بعيدا عن اي استراتيجية او عدم قراءتها للاحتمالات الممكنة عند مجيء داعش ، و هذا يوضح مدى قصور عصارة العقل القيادي الكوردي في التعامل مع الاحداث و التغييرات المفاجئة التي تواجه المنطقة و تاثيراتها السلبية على كوردستان، و لم تتخذ الاجراءات المطلوبة لدرأ الخطر، لا بل شاهدنا الوحدة الكوردية لدى الشعب و تلمسنا خيرا و اثبت الشعب الكوردستاني انه قدير و جدير بالاحترام نتيجة الوحدة و التلاحم عند المتضايقات و الصعوبات، و هذه الاحداث وحدت الاجزاء الاربعة في الموقف و العمل في الميدان لاول مرة في تاريخ المنطقة منذ تجزئة كوردستان وفق اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة .
على الرغم من عدم قراءتهم لما حدث و علاوة على فشلهم في التخمين و التقدير، انهم و اثناء العمليات العسكرية لم يقصروا في الصراع الحزبي و على ارض المعركة ايضا، مما اشمئز منهم الشعب و بوحدة كلمتهم و تعاونهم و تفانيهم و اهمالهم لما هم منغصون فيه لقنوهم درسا تاريخيا يجب ان لا ينسوه ابدا . انه الشعب هو مصدر القوة و الوحدة و القيادة على الرغم من الواجب الملقاة على عاتقه من الحفاظ على وحدة المصير و الاتحاد و الحفاظ على المعنويات و توفير المستلزمات اللازمة توفيرها للمقاومة، الا انهم خذلوا الجميع بصراعهم الحزبي الضيق، مما كزموا الانوف و تقزز منهم كل فرد كوردي طوال هذه المدة، و اثروا سلبيا على وحدة الشعب بدلا من تشجيعهم، ولولا الضربات العسكرية الامريكية و المساعدات التي رفعت من معنويات الشعب و البيشمركة لا يعرف الا الله في اي حال كنا و ما كان مصيرنا .
اننا نعيش في بقعة التي تؤثر عليها كل المتغيرات في العالم و ليست داعش الا نتائج لما فيه المنطقة من النواحي كافة، و التدخلات اثرت بشكل مباشر، و كل المؤشرات و الخصائص الموجودة في المنطقة تدلنا على ان داعش طاريء، و انها تتصرف كما كان عليه الاسلام قبل الف و اربمئة عام و لم تبق مستوجبات وجودها و بقائها، و انها تستغل الاحتجاجات و الاعتراضات الكبيرة الموجودة في المنطقة و سوء ادارة هذه الدول و الدكتاتورية المقيتة التي تنتشر في هذه المنطقة و فيها المساحات الواسعة من الثغرات الغفيرة و ما تتمكن مثل تنظيم داعش من استغلالها، و الا لا يمكن ان تستمر داعش في نظام ديموقراطي ولو في مثل هذه المنطقة من السمات الاسلامية .
ما اظهره لنا سلوك قيادة كوردستان، انه لديهم قصر نظر واضح و يعيشون فكرا و عقلا و جسدا في اللحظة التي هم فيه دون التركيز على ما يمكن ان يُستقدم او يواجهون او ما يصلون اليه في المدى المستقبلي القريب و البعيد من كافة النواحي السياسية الاجتماعية الاقتصادية و العسكرية، انها عصارة العقل القيادي الكوردي و امكانياته و قدرته المعلومة لدينا و تاكدنا منها.[1]