تهور بعض الشباب امام النازحين العرب ليس بموقف الكورد
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4539 - #10-08-2014# - 09:48
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ارتفعت اصوات و نعيق هنا و هناك امام النازحين العرب و طالبوا بتجميعهم في مجمعات سكنية او اخراجهم حسب درجة دعوات المتشددين من الذين يدخلون خانة الرايسيزم . هذه المواقف المخزية ليست الا توجهات شخصية فردية من قبل مجموعات شبابية صغيرة من الجيل الجديد و لم يدركوا بعد ما يفكرون به انه بعيد جدا عن تاريخ كوردستان و الانسانية المتعلقة في سلوك هذا الشعب المغدور الذي لم يكن يوما فاشيا او شوفينيا في اية مرحلة كانت من مسيرة حياته، فمهما كانت شدة و تطرف اعداءه و غدرهم به و حتى وصلت الحال الى استعمال افتك الاسلحة ضد نساءه و اطفاله و شيوخه قبل شبابه، و العالم يتذكر عمليات الانفال سيئة الصيت و ما راح ضحيتها مئة و ثمانون الف بريء من الشيوخ و النساء و الاطفال على يد اعتى اعداء الانسانية الدكتاتور صدام حسين، وفي المقابل و بعد اقل من ثلاث سنوات فقط من تلك العمليات كيف تعامل شعب كوردستان مع مئات الالاف من الجنود بعد الانتفاضة الاذارية سنة 1991 و كيف خدموهم و اكلوهم وشربوهم و خيروهم من الرجوع الى اهاليهم سالمين محترمين معززين او البقاء في كوردستان، هذا هو التعبير عن العقل الجمعي لشعب كوردستان و ليس سلوك و تصرفات مجموعات شبابية لم تدرك معنى الانسانية و الحياة الحرة بعد .
اننا شاهدنا و سمعنا مواقف مشرفة من اخوتنا العرب في التاريخ و الانسانية و من الذين وصلت ثقافتهم الى ما تريدها البشرية من الحب و التقدير للاخر و احترامه للفكر و العقلية و الاهادف التي يضحي من اجله، على الرغم من قلة عددهم نسبة الى نسمة العرب . الشعب مهما كان مظلوما لا يمكن ان يحل مظلوميته بالتعصب و التشدد امام الاخر، فالمواقف التي اتخذتها بعض المتعصبين و من احترقت يده من قبل نفر هناك او هناك من القومية الاخرى و ليس الشعب كله، لا يعني ان ينتقم من الشعب مهما اعتلى قدرته، لا بل الخزي و العار ان تنتقم و انت في موقف مريح و الاخر في موقف لا يُحسد عليه، فمهما اعتلى قدرتك يجب ان تكون الانسانية دافع لتعاملك و سلوك و تصرفك و فكرك في هذا القرن بالاخص .
ما فرحني في هذا الوقت العصيب هو الموقف السليم من العدد الاكبر من المثقفين الكورد و هم اضعاف هؤلاء المتشددين و من السلطة الكوردستانية و عدد غفير من المتضررين ايضا من ايدي النظام السابق و من امهات الشهداء و القيادات و الشخصيات التي لهم مكانتهم الخاصة في المجتمع و معارضتهم حول ما بدر من هؤلاء من توجهات و ان كانت سلمية و الديموقراطية تسمح بتعبير عن ارائهم، و حتى منعوا من التعبير عن ارائهم في كثير من المناطق و على الرغم من حق كل منهم في الادلاء برايه، و لكن في هذا الوقت العصيب الذي يمر به العراق و كوردستان لا يمكن ان يُسمح بمن يشوه وجه الكورد الناصع و اخلاقه الباهر في هذا الجانب و مدى احترامهم للغريب وهم معروفين بكرمهم و حسن ضيافتهم و هم ورثوا ما كانت عليه اجدادهم عبر التاريخ .
لذا، من هنا و انني من خلفيتي الفكرية و العقلية كفرد من هذا الشعب و كما توجد مئات الالاف من الكورد مثلي، ارفع صوتي عاليا لمنع زرع بذرة الرايسيزم و العصبية امام اي انسان مهما كانت خلفيته و عرقه و دينه و مذهبه، و يجب على من يسول نفسه ان يلطخ تاريخ الكورد المشرق من هذه الناحية ان يواجه عقوبات و يردع عن غيه، و في المقابل، نرجوا من الراي العام العراقي و العربي ان ياخذوا بنظر الاعتبار الظروف الامنية لكوردستان و تهديدات داعش و ارجوا ان ياخذوا بسعة صدر الاجراءات القانونية الخفيفة من قبل الجهات الامنية كي يحافظ الاقليم على سلامتهم قبل غيرهم، و ارجوا منهم ان يكونوا عينا ساهرة لكشف من دس بينهم لغرض تخريبي او ارهابي كما كشف بالامس العديد منهم، و اننا لا ننسى الموقف المشرف من عدد من الاخوة العرب العراقيين الذي دخلوا مع البيشمركة ساحة القتال ضد داعش.[1]