متى و كيف تنتهي داعش ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4529 - #31-07-2014# - 22:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
الكل على راي واحد بان داعش تتحرك بحرية تامة و تتصرف و كانها الحاكم المطلق بعقليتها الهمجية في المنطقة، و لم نلمس موقفا جديا من الذين يمكن ان يضعوا حدا لهذه الفضائع ضد الانسانية و هم يدعون انسانيتهم في الفكر و العقيدة و التوجه، كامريكا و تركيا اللتان بامكانهما سحب البساط من تحت ارجل داعش خلال مدة قصيرة جدا، على الرغم من فضاعة ارهابها، وهي تطبق ما تريد وفق ما تصرح به من الشريعة الاسلامية الحقيقية معتمدة على القران و السنة النبوية مسندا لمواقفها و توجهاتها و تعاملها مع الواقع و الاخرين .
منشا داعش و محركها عليه كلام كثير، و ربما فيه من الشكوك حول اصحية من وراءها، الا ان تعامل الدول المؤثرة على الساحة السياسية في المنطقة مع التغييرات و المستجدات بعد مجيء داعش تدلنا و توضح لنا موقف و نية هذه القوى في المنطقة لو حللناها علميا خطوة خطوة .
السؤال المحير الذي نساله جميعا، هل استهلت المنطقة الدخول في مرحلة مغايرة بشكل مطلق؟ ويجب ان يُكشف جوابه لدى كل متابع عاقل بعدما بانت ملامح ما وراء الخطوات قليلا، و سيتوضح عمقه فيما بعد .
اذا اعدنا النظر في مرحلة ما قبل و بعد اتفاقية سايكس – بيكو و كيف رُتبت الامور و فرضت حدود حسب ما يؤمن و يضمن المصالح الاستعمارية و العقود ما بعدها، يمكن ان نستدل منها ما ابدته القوى المؤثرة الان التي هي بديل بريطانيا و فرنسا في هذه المرحلة مع استشار هاتين الدولتين اليوم ايضا . فهل المصالح تلك لم تبق كي تتغير التعامل مع المنطقة؟ انه سؤال منطقي. بعدما برزت ما تتطلب التعامل المغاير و ما تفرض تغير النظر الى الثوابت، من المعادلات الجديدة التي برزت بعد الثورات العربية و انتعاش روسيا و اظهار او فرض نفسها قليلا كبديل للاتحاد السوفيتي .
المحاور تغيرت شكلها و جوهرها و المعسكرات ضمت قوى مغايرة و بشكل و منهج و فكر و سياسة مغايرة، بعدما كانت الصراعات الايديولوجية هي المسيطرة على المنطقة لمدة اكثر من قرن اصبحت الصراعات الدينية المذهبية البديل المناسب لها في هذا العصر و من قبل لاعبين ممثلين للقوى في المنطقة و العالم ايضا، و عليه تغيرت الملتزمين بهذا الصراع عما كان و به يحتاج الصراع الى تغيير المواقع، اي المذهببية بدلا من القومية و الليبرالية بدلا اليسارية، فيما بعد و وفق ما تكون لصالح الثقافة و الاقتصاد الغربي، و ما تكون عليه روسيا يعتمد على سياساتها البراغماتية التي تتبعها لحد الان و كيف تتعامل مع المتغيرات و ما امكانياتها و قدرتها لتثبت نفسها في الصراع الجديد من حيث الجوهر و المظهر و المكان و الزمان .
ظهرت بداية الخريطة الجديدة للمنطقة في الافق البعيد، و ان قرانا اليوم سياسة اللاعبين الرئيسيين و من يمكن ان يكون لهم الدور الجوهري مستقبلا في المنطقة و من يكونوا سنتصور ما تكون عليه المنطقة و كيف تكون خارطتها الجغرافية و الفكرية و الثقافية العامة الجديدة . كل البوادر تشير الى ازالة الحدود التي اثبتتها بريطانيا و فرنسا، و القرن الواحد و العشرين يفرض تغيرا للحدود الدولية و بهدوء و لاعبين جدد، و الاهم عند الغرب ايضا في هذا الزمان و المكان هو ضمان مصالح اللاعبين الكبار في المنطقة و العالم لقرن اخر على الاقل . و الا ليست داعش بتلك المشكلة التي يمكن ان تعصى على الكبار، و لتركيا وحدها القدرة على ازالتها من الارض غضون ساعات و ليس ايام، و لكن المسيرة بدات وفق ما جرى وراء الكواليس و حسب خطط الخزانة الفكرية الاستراتيجية الامريكية و حلفائها في المنطقة، و كل ما يعلن على الملا ليس الا تمويه و تنظيفللطرق المؤدية الى تطبيق الخطط بسهولة و نجاح . و ليس لاي من الدول و الشعوب قدرة الاعتراض، و عليهم الخضوع لتامين مصالحهم الذاتية حسب التماهي مع ما يُراد، و ان احتجوا سوف يتضررون و يعودون الى السكة الموضوعة امامهم .
فانتهاء داعش سهل، و لكن اين المراد وصولها و كم عدد الضحايا التي تذهب سدىً جراء اعتدائاتها الوحشية التي لم تحسب لها الكبار اي حساب، لان سياساتهم و دبلوماسيتهم ليست لها اي وجدان و اخلاق و ضمير كي يحسبوا هذه الحسابات الدقيقة و يفرضوا الفكر و العقلية الانسانية امام المصالح الاستراتيجية لهم، مثلما دعموا بن لادن و افعاله لمحاربة الاتحاد السوفيتي و سياستها هكذا يدعمون داعش و ما يمكنها من تسهيل تطبيق ما يريدون دون الحساب ولو للحظة في الخسائر البشرية، و الاهم هو شعوبهم و ضمان مستقبلهم مسبقا.[1]