انتفض هذا المكون ام احتلته داعش ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4525 - #27-07-2014# - 19:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
لبيان صفة المناطق التي استطاعت داعش السيطرة عليها، و فرض قبضتها الحديدية المتشددة بشكل غير مقبول انسانيا، اعاد المنطقة شئنا ام ابينا الى عصور غابرة، و ستسوء كلما طال بقاءها فيها و باحكامها المتخلفة . هذه نتيجة طبيعية للاخطاء التي ارتكبت و لم يتحسن التعامل و لم يُبال المركز بما يحصل فيها قبل و بعد مجيء هؤلاء الهمج المتربين في ظروف و عقلية و نظرة و فكر و منهج العصر ما بعد العصر الجاهلي و سلبياته من التخلف و الفوضى و الغريزية الفكر و التصرف .
عشنا مرحلة الاحتجاجات التي خرجت من قبل هذا المكون السني دون غيره، و كيف تعامل معه المالكي بعنجهيته و سلوكه و توجهه الشخصي منفذا لما يمليه عليه عقليته المذهبية مع الاوامر الخارجية التي فرضت عليه، و تسبب في مذابح و قتل كان بالامكان تفاديه بحلول سلمية و تحاور و المساومات السياسية، الا ان التعامل المتعجرف ادخل الحال في اتون مظلمة و متاهات لا مخرج منها . احتقن الشعب كنتيجة طبيعية لما حدث اضافة الى التدخلات الخارجية التي استغلت سذاجة المالكي في التصرف و ازداد من عمق النزف و التفرقة بين المكونات على ارض الواقع قبل الخلاف السياسي . لم يحسب المالكي لما يمكن ان تُستغل من الثغرات الموجودة في العملية السياسية و تصرف بغرور نتيجة بعض النجاحات في السيطرة على الاحتجاجات و الاعتراضات بالقوة كما حصل في البصرة و مناطق الوسطى الاخرى، و لم يحسب لعامل الارض و ماموجود عليه اي حساب، و اعتقد بانه سيطر على الاحتجاجات في انبار و سوف ينهي اي اعتراض بالقوة الغشيمة . و تصرف و كانه لم يكبر مع تاريخ العراق و ما حدث فيه، و نسى ان الدكتاتور العراقي كان يملك جيشا جرارا وعندما سنحت اقل فرصة ازيح و من معه في لمحة بصر، الى ان اعاد التاريخ في الموصل كما حدث في الكويت و البصرة و الجنوب باشمله عند تحرير الكويت من قبل اقلوى العظمى . مشكلة السلطات العراقية هي قصر نظرهم في التعامل مع الوضع العراقي الذي يحكمون فيه و تناسيهم لما حدث طوال تاريخ العراق القديم والحديث و لم يعتبروا منه . فيضان داعش الجارف ليس اول ما يحدث في العراق كي لا نلوم المسؤلين العراقيين، انه اعادة بلباس و مظهر و ادعاء اخر لما حدث كثيرا جدا طوال التاريخ الماساوي الغابر و الحديث ايضا .انكسار الجيوش و جرف المدن و المناطق الكثيرة بعد مجيء الغزاة تكرر كثيرا، لو كانت السلطة التنفيذية المتمثلة بالمالكي و حزبه قاريء و معتبر منها لما حصل ما يحصل الان، اي انه غير عالم بتاريخ العراق و غير ملم بطبيعة شعبه وهو منهم و غير معتبرةمن الحوادث الكثيرة جدا منذ مجيء المغول لحد حروب الدكتاتورية السابقة في العراق، او كان على علم بكله و لم يهتم به، او لم يعتبره درسا لما يجب ان يؤخذ لترشيده في كيفية حكم البلاد ذات التركيبات و المكونات الفسيفسائية المختلفة الاشكال و الالوان و الجواهر .
لم يكن بالامكان ان تنجح داعش بهذا الشكل مهما قيل من وجود مؤآمراة و تدخلات و خطط خارجية، لو لم يكن المكون الذي يقطن المنطقة غير مساعد، او، ان لم يُساعد فانه تابع و اخذ موقف الحياد دون حراك . من واجب الحكومة و السلطة التنفيذية بشكل خاص التعامل مع الواقع و وأد اية تحرك تشم منه التآمر اوعلى الاقل يقطع منه السبيل قبل حدوثه، فان حدث فان الملام هو الحكومة واجهزتها التي تعمل في هذا الاختصاص و من واجباتها هو منع التامر الداخلي و الخارجي، اي بعد حصول المؤامرة ليس على الحكومة و رئيسها الا ان يعترف بفشله و يقر بعدم قدرته على درأ العراق من المؤآمرات، و يدع الحكم لمن له المقدرة على حفاظ البلد من تلك المؤآمرات التي تستمر طالما كان الوضع العراقي هكذا .
ان ما حدث في موصل و المناطق الاخرى، و من مشاهدة بعض الحالات من فرح و تفاعل بعض من هذا المكون الموجود فيه مع داعش يمكن ان نعتبره شبه انتفاضة، و ليس مجيء الداعش الا شرارة لعمل و بداية لتحقيق اهداف المنتفضين، و من جانب اخر، و مناطق اخرى بعد فرض الامر الواقع دون حراك، لا يمكن تسمية الحال الا بفرض الامر الواقع بالقوة دون رضا المكون الموجود وبعيدا عن وجود السلطة الملائمة المقنعة لما موجود من الشعب .
اننا هنا نريد ان نذكر فقط، بعد قراءة للتاريخ و ما حدث و التمعن في اوضاع المجتمع وطبيعتهم و معرفة الثقافة العامة و عقليتهم، و الدراية بالاقتصاد الموجود و تاثيراته عليهم، و بعد قياس توجههم و نظرتهم و كيف يمكن ان يتعاملوا مع الاحداث ، و التوقف جيدا عن الموروثات التاريخية التي اكتسبوها من مسيرتهم و وجودهم في السلطة لمدة عقود و ما تغير لديهم، اضافة الى التاريخ الغابر لهم، لا يسعنا الا ان نقول لا يمكن السيطرة بالقوة عليهم و لا يمكن ترضيتهم على المدى البعيد الا بالتعامل الواقعي مع سماتهم و قراءة عصبهم صلبهم و ما يكنون .
لو تكلمنا بصراحة تامة، انهم مكون تلذذوا من ما لدى السلطة ليس في تاريخهم الحديث و انما في مراحل سابقة تاريخيا، و حتى اخلاقهم و تربيتهم انمدجت مع المعايير التي تُقاس بها السلطة لديهم و ليس لطبيعتهم البشرية و السمات التي تُقاس بها الانسانية . يمكن ان نقول ان منشاهم جاء من فرض القوة و الشدة و الغزو و القتل و الغنيمة و السبي و السلب و النهب و الاحتلال منذ الفتوحات الاسلامية . كان من الواجب على السيد المالكي ان يعلم و يتعامل مع هذا التاريخ و ان لا يغتر بنصر هنا و قوة هناك في فترة حكمه القصير جدا لو قورن بالتاريخ الدموي للعراق . و بما سبق نصل لاقتناع كامل تقريبا بان ما حصل كان مزيجا من الاحتلال مع حركة او عملية يمكن ان تُسمى بشبه انتفاضة باسلوب هذا المكون و دعم داعشي، و العامل المساعد كان ما يكنه هذا المكون من الحقد و الاحتقان و الكره، و استغلتها داعش قبل غيرها و حل ما حل.[1]