الفرصة الذهبية امام السلطات العراقية الجديدة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4522 - #24-07-2014# - 17:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
بعد انتخاب هيئة رئاسة البرلمان و رئيس جمهورية العراق وفق التوافقات المعلومة بين الكتل السياسية في الاروقة الخلفية و وراء الكواليس و تنفيذا للعرف الذي ساد في العراق كما هو حال لبنان، فمن المفرح ان الوجوه التي فازت هي من المعتدلين و المعروفين بهدوئهم و حنكتهم الى حد كبير .
طرحت مجموعة من المواطنين العراقين انفسهم كمرشح لرئاسة الجمهورية لكسر المحاصصة و منهم تابع للكتل و متشدد و معروف عنه بتطرفه الكبير لصالح كتلته و مكونه، و كانهم بهذه الحركات البهلاونية يتمكنون من تضليل الشعب و ليسوا من الانانيين و لم يتصفوا بالنرجسية و جائوا و لم يرشحوا لاهداف شخصية بل جل ما يهمهم هو الاهداف المثالية و الخيالية التي تكلموا عنها، و لم يعلموا او يريدون ان يظهروا هكذا بان الشعب لا يمر عليه هكذا الفاظ دون اعمال، و الا لماذا لم يكملوا مشوارهم وانسحبوا، وحتى و ان كانوا متاكدين من عدم حصولهم على الاصوات المقبولة، كان الواجب عليهم السير الى النهاية ليظهروا نيتهم الصادقة و لا يهمهم ان انتخبوا ام لا وبينوا للعالم انهم يصرون و يسيرون الى النهاية لتحقيق اهدافهم المعلنة .
اليوم و بعد هاتين الخطوتين المهمتين الى حدما، لكن الخطوة الاهم هو انتخاب رئيس الوزراء و السلطة التنفيذية بشكل خاص . الرسائل التي بعثت خلال هاذين الانتخابين وضحت امور عدة؛ منها؛ ن المعروفين بولائهم لرؤساء بعض الكتل فشلوا في الحصول على الاصوات المعقولة لتشجيع كتلتهم في خوض ترشيح رئيس الوزراء من جهة، و اثناء انتخاب نائب الاول لرئيس البرلمان، حصول المرشح احمد الجلبي من كتلة التحالف الوطني و على اصوات كثيرة ، وضح ان كتلة دولة القانون لا يتمكن من النجاح في ترشيح رئيس الوزراء بهذا العدد من النواب التي فازت به، و هي في هذه الحال من التوافق مع الكتل الاخرى و حتى من داخل التحالف الوطني .
لذا، من المتوقع ان يتاخر تكليف رئيس الوزراء بعض الشيء، و ان تم ترشيح نوري المالكي و لم يتوصل التحالف الوطني الى حل لهذا المعوق و لم يتمكن من ترشيح بديل للمالكي و رشح المالكي نفسه كرئيس للكتلة الاكبر، فانه لم ينجح وفق هذه المؤشرات و الافرازات التي ابرزها لنا هذين الانتخابين ، و سيتم تكليف بديل له بعد خسارته في البرلمان .
اي، دون قصد او من خلال مسار العملية و السياقات الانتخابية التي فرضها الدستور، ياتي رئيس وزراء توافقي معتدل مقبول من الجميع، اي من قبل جميع الكتل، و هذا لصالح العملية السياسية .
بعد الخروج من العملية الانتخابية المعقدة للسلطات الثلاث، سنخرج باشخاص معتدلين مقبولين و يمكن ان تثق بهم الاكثرية ،و هذا اول الشروط لتصحيح المسار و اعادة قطار العملية السياسية الى سكته الصحيحة .
بعد توفر الشروط الكثيرة الاخرى، و من ضمنها الاعتبار من السنوات العشر الماضية وما حدث و ما يستوجب النظر اليه لعدم تكرار الاخطاء التي حدثت خلال الدورتين الماضيتين، وما تتطلبه العملية السياسية العراقية و كيفية التعامل مع الملفات و ما تريده المكونات قبل الاحزاب و الكتل السياسية، يمكن ان تخطوا السلطات الجديدة خطوات صحيحة نحو الامام، و هي تنفيذ ما جاء في الدستور بما يتوافق مع الوضع العراقي و ظروفه السياسية و الثقافية و الاجتماعية، و بعقلية عصرية معتدلة مقدرة لامنيات و اهداف كل مكون و محققة لتطلعاتهم، و يمكن ايجاد الحلول الجذرية بين الركام المحترق في هذه المرحلة .
و عليه، امام السلطات العراقية الثلاث فرصة ذهبية لاعادة النظر في كل ما حصل و العمل على ترتيب الامور بعيدا عن الاوامر و التدخلات الخارجية، و استنادا على الدستور و بنوده المرشدة الحقيقية للنظام السياسي العراقي، و بعيدا عن التعصب و التشدد، و احقاق الحق و اعادته لصاحبه .
و هنا اؤكد ثانية، ان المكونات الثلاث المختلفة عن بعضها من كافة النواحي رغم الادعاءات السياسية الخيالية البعيدة عن الواقع، لا يمكن ان يتعايشوا كشعب و نسيج منسجم الا بحكم لامركزي و بناء فدرالية حقيقية وفق امنيات المكونات و تطلعاتهم في هذه المرحلة، لان الجراح تعمقت و لا يمكن ان تندمل الا بالحرية الكاملة و الاستقلالية في الحكم، و من افضل ما يمكن اتباعه من الطريقة و التوجه و النظام المناسب هو الفدرالية الحقيقية بالاقاليم الثلاث الواقعية الموجودة على ارض الواقع . لذا، على الجميع ان يسعوا لعدم اضاعة الفرصة الذهبية التي تتوفر لنا في هذا الوقت العصيب و بعد استكمال انتخابات السلطات الثلاث.[1]