هل يتمكن الجيش من دحر داعش ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4513 - #15-07-2014# - 17:07
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
سيطرت داعش خلال مدة قياسية على مساحة لم يتمكن اي جيش قوي تحقيقه و ان كان يتحرك بمنظور علمي عسكري صرف و قوي تسليحا و تدريبا، و انهار الجيش العراقي بشكل لم يجد طريقة معينةللانسحاب المتزن، بل تقهقر و فرٌت القيادات التي خرجت علينا كل يوم من على الشاشات و هي تهدد و توعد . عند البحث عن الاسباب، لابد ان نربط عوامل سياسية مع العسكرية لنخرج بنتائج واقعية حيادية .
بعد حل الجيش العراقي من قبل بريمر، لم يتاسس الجيش العراقي الا على المحاصصة العرقية و الطائفية بداية، و من دون الاعتماد على التجنيد الاجباري، اي كل من انتمى كان لابد من الحصول على التزكية لاختيار مكانه و حسب نوعية الموقع و الامتيازات و لعبت الالمحسوبية و المنسوبية في اختيار المكان الدسم، و من ثم خلال الدورتين للسيد المالكي، عمل على تمييز و تصنيف القوات العسكرية الى درجات منها خاصة و ذهبية و سوات و عادية من ابناء الملحة . فاصر القائد العام للقوات المسلحة ان يسايس الجيش و يسيسه، اي دخل الجيش من باب عوامل التفرقة التي نخرت كيان الساسة و طريقة الحكم و النظام قبل العسكر، فالمحاصصة تجذرت و ازدادت نسبة الطائفة المسيطرة، و بحكم اقليم كوردستان لديه جيش و الافراد المنتمين للجيش العراقي لم يحسوا بانتماءهم العقيدي للجيش العراقي و كانه لا يخصهم او يهمهم بقدر دوافعهم المعيشية للانخراط فيه، قلت نسبة الكورد في الجيش العراقي، طالما وجدت الافراد الكورد المنتمين الى الجيش العراقي فرصة عمل افضل في اقليم كوردستان، اضافة الى ابتعادهم بسبب احساسهم بالتهميش و الاقصاء من المواقع العديدة، فلم يبق الا نسبة كبيرة من المكون الشيعي و النسبة الاقل من المكون السني، لانهم احسوا بالتهميش و عدم تسليمهم للمواقع الحساسة و انعدام الثقة بهم ايضا. لذا ازدادت النقمة و الاحتقان في صفوفهم ايضا، و عليه لم يكونو على الاستعداد للدفاع عن مواقعهم بل تشمتوا به حال الانهيار و هم اول من طاروا و فرواا من ارض المعركة . ساحة المعركة كانت تابعة للمكون السني فالمكون الشيعي في الجيش الموجود في هذه الساحة لم يثق بهم و احس بانه غريب و لم يُقدٌر من صاحب البيت . هذه هي الاسباب الموضوعية، ناهيك عن الاسباب الذاتية لما يحمله القادة الميدانينن، و هناك اراء التي تتكلم عن المؤآمرات و الخيانات الذاتية من لدن القادة و السياسيين . فتهنا في الصحراء ولم نجد الا و تحكمنا داعش بين ليلة و ضحاها .
اليوم و بعد ان امتدت ايدي داعش الى ضواحي بغداد تقريبا، و لاتزال تصر على التقدم و ان خفت حدة تلهفها على الدخول الى بغداد، نسال؛ هل بالامكان ان يطرد الجيش العراقي داعش و يعود الى ما كان عليه ؟
للاجابة على هذا السؤال، لابد من تقييم الوضع السياسي و ما مرت به المنطقة و التغييرات على الارض، و استجابة سكان تلك المناطق للواقع الجديد و كيفية التعامل معه . ان الجيش العراقي ليس عقيديا و لم تنتم اكثرية افراده الا للحصول على لقمة العيش، و حتى القائد العام للقوات المسلحة المالكي بنفسه لم يثق به لذلك توجه و صرف و تحرك من اجل الحشد الشعبي من الطائفة الواحدة بعد فتوى السيد السستاني، و استغلها باسرع ما يمكن . دشنت داعش بعض ركائزها المطلوبة للبقاء و اعلنت دولتها و بهذا بينت اختلافها عن التنظيمات السلفية التي قبلها، و اثبتت براغماتيتها رغم تمسكها بالشرائع السلفية . حاولت ان تتاقلم مع الواقع الموجود رغم الدعايات الكبيرة حول هول جبروتها و عنفها و شراسة تعاملها مع المخالف و جرائمها المخيفة لذعر من يقف ضدها اولا و من ثم الافعال النابعة من تصرفات فردية تعلمت عليها نظريا في المعسكرات الارهابية .
رغم تحديد الحدود المؤقت لحد اليوم الا ان اطار وجود داعش ثبت في مساحة مستقرة كبيرة و مساحة متخلخلة لحد اليوم و سوف تستقر حسب مشيئة سكانها في النهاية . لو تمكنت داعش من توفير مستلزمات الحياة و الخدمات للمناطق التي فيها او سلمتها الى قوى معتدلة كما تسربت الاخبار عنها، فان الجيش لن يتمكن من العودة الى مواقعها القديمة في القريب العاجل مهما ساعدتها قوى خارجية عالمية او اقليمية .و كذلك بعد تغيثير كل المعادلات و اختلاط الاوراق فان العودة صعب جدا، اما اذا ازداد احتقان و احتجاج السكان فان التغيير يمكن ان يبدا من الداخل و ليس بيد الجيش او اي حشد غير مدرب .
انا هنا لن اتكلم عن من وراء داعش او ربما من يامرها و بيده التحركات، و من الممكن ان يبعدها عن مواقعها، لان هناك حكايات و احتمالات بهذا الصدد، و انما اقول بوجود و اصرار داعش على البقاء ان وفرت ما تحتاجه اهالي تلك المدن و المناطق، فاحتمال استئصالها بعيد جدا بما هو عليه العراق الان.[1]