الجذوة التي كانت دائما تحت رماد التاريخ
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4513 - #15-07-2014# - 08:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
قلناه و كررنا مرارا ان الواقع الثقافي الاجتماعي للشعب العراقي هو التزام الشعب بعمق تفكيره و انتماءه لدينه و مذهبه و قوميته في عقليته و سلوكه و تصرفاته. و وصفه العالم الكبير علي الوردي بشكل علمي حيث قال بما معناه: لو خير الشعل العراقي في اختيار دولتهم لاختاروا الدولة الدينية و رغبوا العيش في دولة علمانية غربية . انه التناقض الواضح في الشخصية العراقية و في خلفيته الفكرية و ترسبات ما جمعه التاريخ في صميم معيشته و ما توارثه ابا عن الجد .
لو تكلمنا بصراحة حقيقة الشعب و انتماءاته اتهمونا بالقومجية و الطائفية، لاننا حقا نتكلم بلكنة و تعبير لا نؤمن بها نحن قبل الاخرين في قرارة انفسنا، نظهر انفسنا باننا مدنيين و نؤمن بالدولة العلمانية و نخطوا عكس المطلوب لتحقيق هذا الهدف، ننكر الانتماء الجزئي من الطائفية الى القومية وعمليا نتحكم بما موجود في داخلنا من هذه الانتماءات و ندافع عنها، اننا نضحي بكل ما نملك من اجلها اي المغروس داخلنا جراء ما فرضه التاريخ على الارض، و نظريا ندعي غيرها ، كل هذا و ندعي اننا اصحاء اسوياء في شخصيتنا .
طالما كانت طبيعة مجتمعنا و معدنه هكذا، و سلكنا ما نحن عليه في عمقنا، و تكلمنا و اظهرنا، لا بل ادعينا العكس وباننا مع الانتماء الوطني بعيدا عن ما يفرقنا، في اول لحظة الامتحان و الاختبار العملي نكشف عن عورتنا العرقية المذهبية دون ان نعلم او بعلمنا . قلناها مرارا، و نعيدها هنا ايضا، لازالت جذوة العرقية الدينية المذهبية مشتعلة و هي تحت رماد الادعاءات النظرية المضللة، وقلنا ايضا يحتاج ماموجود لنسيم خفيف كي يزيح الرماد او ترسبات التاريخ عنه، و لمسنا صحة قولنا بعد سقوط الدكتاتورية التي ازدادت الروح القومية و المذهبية في صميم شخصيتنا او كشفنا عنها و كانت متراكمة و مختفية جراء حكم و سيطرة النظام السابق على زمام الامور و منها الوضع الاجتماعي و ما يكنه الشعب من الاعتقاد و ما يؤمن به من العادات و التقاليد، بالحديد و النار .
نحن نعيش في منطقة مؤججة و تحمل من التناقضات التي تدفع ببروز العوامل المؤدية الى التفرقة و التباعد و الخلافات و عدم احترام الاخر و النهي عن كل فكر انساني تقدمي، و سنظل هكذا طالما لم نصل نحن بانفسنا و من دوافع ذاتنا و بارادتنا الى العقيدة و الفكر الانساني الذي يغطي، بل يزيل كافة الافكار السطحية المدمرة للانسان ذاته، و العوامل المؤدية الى التحارب و العداء بناءا على الفكر و الايمان بما هو المفرق و المبعد للبعض و للانسانية .
طالما كنا هكذا في داخلنا و مهما حاولنا اختفاء ما نحن فيه و فينا دون حلول جذرية و بافكار فوقية، لا يمكن ازاحته من رؤسنا و اعتقادنا الا بالكلام المعسل الذي لا يجدي في وضع المجتمع على سكته الطبيعية التي يمكن ان توصله الى الحياة الطبيعية .
فهل من المعقول ان تاتي داعش و تقهقر جيش عرمرم في غضون ساعات، ان لم تكن الارضية مساعدة و مبنية على ما يؤمن المجتمع بما اكتسبه تاريخيا و تراكمت الرماد عليه و في لحظة هب النسيم و اندثر الرماد و توقد الجذوة و ظهر المعدن الاصيل في الصميم .
الحل العلمي الوحيد هو وصول الشعب الى ما يتكلم به البعض متمنيا ان يكون الواقع هكذا، و يمكن يريد ان يخدع نفسه قبل الاخرين، و لكن الواقع و ما موجود غير ذلك . العمل هو التعاون و الاتفاق وفق الموجود اعتمادا على الصراحة و ترك الحالة او المساعدة بشكل طوعي و من قبل الجميع من اجل تحويل الجذوة الموجودة التي نغض الطرف عنها الى رماد نهائي و بقناعة ذاتية من جميع المكونات، الى ذلك الحين لابد ان نسلك طريق لكل مكون يختلف عن الاخر، كما هو الاختلاف الموجود بينهم من الاساس و من كافة النواحي.[1]