استفتاء كوردستان كرد فعل لمجيء داعش
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4512 - #14-07-2014# - 13:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
تقرير المصير حق يكفله القانون الدولي و الشرعية لاي شعب يرغب في بناء كيانه بحرية مطلقة، و لكن ان كان بناء الدولة او عدمه هو من الاساس من اجل رفاه و سعادة الشعب، اذا وقعت اية خطوة عكس المطلوب فعدمها افضل، اي اذا استقلال الجزء كان مضرا به فلما الاقدام عليه اصلا، فاي كيان هو الوسيلة لتنظيم حياة و ترتيب امور الشعب، فاذا باية عملية استنتجت عكس التمني فعدمه افضل . راينا بعض الاستفتاءات رفضت الانفصال لانه اعتقد المستفتين ان الاستقلال سيضر بهم . هذا في الدول الديموقراطية التي ضمنت المواطنة لجميع ابناء الشعب مهما كانت عدد و طبيعة و شكل مكوناته كما حصل في كيبك في كندا . فالوحدة تضمن القوة و التعايش و تبادل المنفعة ان ضمنت المساواة و تكافؤ الفرص و الدرجة ذاتها من العدالة الاجتماعية . اما في الدول المتخلفة، و انت تعيش ضمن اطار مع مكونات اخرى و تُحكم من قبل مجموعة وفق الخلفية التي تنحاز لفئة على حساب اخرى، فتنعدم الاحساس بالمواطنة و الانتماء الى وطن واحد، اذن الحل الوحيد هو الانفصال لحين الوصول الى المستويات التي وصلت اليها الشعوب المتقدمةمن التعامل مع البعض من العالم .
بعد المعانات التي عاشها الشعب الكوردي طوال تاريخ الدولة العراقية منذ انبثاقها لحد اليوم، و هو يتحمل القتل و الغدر و انتهاك الحقوق و التعرض لافتك السلحة، لم يكن امامه الا التفكير بالانفصال من اجل تلافي التعدي اكثر مما تعرض له، فمن حقه ان يمارس ما يحق له في طريق تحقيق اهدافه و امنياته . بعد تحرير الكويت و تامين منطقة لشعب كوردستان من قبل الامم المتحدة و القوى العظمى، اصبح الكيان الكوردي امر واقع و عاش شبه منفصل عن المركز العراقي و تقدم خطوات محسوسة في الاعتماد على النفس، لحين سقوط الدكتاتورية في العراق و عاد القادة الى المركز ليبنوا العراق من جديد مشاركين في بناء مؤسساته، متمنيا مرحلة جديدة بعيدة عن العنف و الاجحاف بحق الشعب الكوردي، الا ان السلطة العراقية بعد انسحاب امريكا و اصرار رئيس الوزراء نوري المالكي عن جمع المناصب بين يديه متراجعا عن الخطوات التي خطاها العراق من قبل، فتفرد و مارس اساليب دكتاتورية من حيث توزيع المناطب بين اقرباءه و قيادات حزبه، من اجل السيطرة و تحقيق مرامه، و اصراره على الدورة الثالثة لحكمه ضاربا عرض الحائط مبدا تداول السلطة، و بعد تهميشه و اقصاءه للمكونات الاخرى و عدم الرضا منه حتى من جزء كبير من ابناء مكونه، تخوفت المكونات من نيات المالكي و من وراءه من القوى الداخلية و الاقليمية .
زادت الاحتجاجات و الاحتقانات، بدلا من التعامل معها بعقلية و باساليب ديموقراطية استغل المالكي المنصب لكسب مجموعة و استخدامهم لغرض السيطرة بشكل مطلق على كافة المكونات و بالقوة، ازدادت الاحتقانات و زاد الحقد و الكره بين المكونات . في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة بشكل عام، استقدمت داعش و استغلت احتقان و اشمئزازالمكون السني، احتل الجزء الكبير من اراضي هذا المكون و سيطر على الموصل و مدن اخرى و تغيرت المعادلات و اختلطت على بعضها . فاصبح الداعش جارا مستفزا و معتديا لاقليم كوردستان و هو غير محمود العاقبة و غير مرغوب فيه، و كل ذلك نتيجة الاخطاء المتكررة من المالكي بالاضافة الى الدعم الذي يحصله داعش من الدول الاقليمية و من ثم كيف تتدخل مخابرات عدة في الامر .
لم يبق امام الكورد الا ان يعلنوا عن نيتهم في الاستفتاء، بعد المعاناة من تعامل المالكي اضافة الى مجي داعش و نواياها الخبيثة . هنا يبرز السؤال؛ هل من المعقول ان تاخذ قرارا كرد فعل لما هو مستجد في لمحة بصر دون ان تعرف النتائج و ماهي الاعمدة و الركائز المبنية المتوفرة لدينا لنجاح البناء، اننا نرى بانه رد الفعل دون عمل مسبق الذي هو الخطا بذاته و لا يمكن ان تضمن نسبة نجاحه ابدا . لو كان الهدف الاستراتيجي الكوردي وهو قضية الاستقلال مشغولا استراتيجية القيادة الكوردية منذ سقوط صدام لبنوا نسبة مرضية من ركائزها و ازداد الاعتقاد بنجاحه بنسبة كبيرة جدا، الا ان العمل كرد فعل لتغير اني و من دون وضوح الرؤى لا يمكن ان تعتقد انك نان يتحقق ما تريد باكمل وجه . و عليه، ان كانت القيادة الكوردية جدية في تحقيق امنيات الشعب لكانوا بنوا المتطلبات الضرورية لها منذ مدة او على الاقل استهلوا العمل في هذا التوجه منذ سقوط الدكتاتورية في العراق، و لكن ما نلمسه ليس كما نتمنى، فالتقدم في هذه العملية لا يمكن الا ان تكون مجازفة و لا يمكن ان نضمن النجاح لاي مجازفة، فما بالك في قضية مصيرية كالاستقلال و في المنطقة و الشعب الذي يعيش و هو محاط بالاعداء و يتربص للانقضاض عليه.[1]