اليسار بين الداعش و مطالب الشعب
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4507 - #09-07-2014# - 22:09
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
من يحسب نفسه يساريا هنا في هذه المنطقة المعقدة من الشرق الاوسط، يتخبط حقا في بيان اراءه و مواقفه تجاه المستجدات و ما كانت عليه المنطقة و العراق بشكل خاص، فكيف بمنظمة سياسية يسارية مطلوبة ان تبدي من المواقف التي تبين من خلالها وجهة نظرها ازاء ما يحصل في المنطقة التي توجد و في العالم اجمع . لأفسر حيرتي و اعكسها على اية منظومة يسارية واقعية معتدلة، لابد ان ادخل في العمق الممل، و هذا غير ممكن هنا، و لكن سطحيا ان بينا ما يفيد الطبقة الكادحة و الطريقة الموجودة و لا وجود لغيرها للوصول الى خلاصها مهما كانت ستتوضح نظرتنا .
بداية، يجب ان ان اذكر بان التعامل مع ما يطرح على الساحة سياسيا وفق المباديء الاساسية الاستراتيجية يختلف عن ابداء المواقف وفق الفلسفة اليسارية و مضمونها . لو وقفنا متانين و حللنا بماركسية قحة و بدقة فنختلف عما يمكن ان نفسره تروتسكيا، او فكرنا بما نمر به بشكل سطحي او يمكن ان نسميه التفكير باعتدال ان لم ننتقد او نتصف بالمنحدر عن الخط العام عندئذ .
اي ماموجود على الارض العراق الان و غيره، هو تنظيم ارهابي قاتل شرير يتعامل مع الواقع بعقلية تخلفية مرت عليها عقود و لا تصلح لهذا العصر و لا قبله . و في المقابل، كانت هناك طبقة مصنفة اضافة الى الاخرين، و لكن همي هنا الطبقة الكادحة قبل غيرها و هي ضمن مذهب،و ان كان منتمي الى اي دين او مذهب او قومية، مهمشة و تعيش في القاع من الناحية الطبقية و مستقصية الى اخر حد، و من واجب اي يساري انقاذه باية وسيلة كانت، فهل داعش هذه الوسيلة ام الوسيلة الممكنة لتلك العملية الانية، ويمكن الاستناد عليها لتحرير هذه الطبقة مع الاخرين ان تمكن من تغييرها نحو الاحسن . اما من جانب اخر، و وفق الفلسفة اليسارية الصحيحة، هل يمكن الوصول الى المبتغى و الهدف الصحيح بوسائل غير صحيحة نظريا. هل من المعقول ان تتعامل مع العدو فكريا و فلسفيا و هو يعمل لصالحك و يحقق اهدافك بالنيابة، ام يكون مثل هكذا عمل وسيلة مؤقتة و تضر بالطبقة اكثر من قبل و لا ينقذها . ما نعلمه عن الدين و المذهب و ما يضمنه معلوم لكل يساري من حيث اضراره و سلبياته على العقل و الحياة بشكل عام، و لكن الواقع الذي يفرض نفسه على هذه المنطقة و ما اوغلت اكثر فيه من التشويهات و الافكار التخلفية العديدة بعد الثورات العربية و تحرير العراق، لا يمكن انهاءها الا بنفسها و محاربة قواها مع البعض، و هذا يفرض توجها تكتيكيا مرحليا يمكن ان يفيد الاستراتيجية اليسارية في النهاية .
ايهما نختار، الظلم و القهر و الغدر من القريب منك فكريا قليلا كان او كثيرا ام التحرر من البعيد منك جدا. الهدف الرئيسي في الفكر اليساري هو الانسان و مصلحته و الاهم فيه هو مصلحة الطبقة الكادحة التي يمكن ان تفعل ما تشاء من اجلها و حياتها، فهل من الممكن ان تطبق اليسارية، مقولة الغاية تبرر الوسيلة بقصد شريف و ليس لاغراض مضرة بالشعب كما تقصده المكيافيلية، اي غض الطرف عن تنظيم ارهابي محرر لطبقة ان حررها لفترة معينة افضل من استمرار الغدر و الظلم عليها من تنظيم اصولي او معتدل اقل ضررا بالقيم و الافكار الانسانية العامة لفترة اطول . ايهما الاولى مصلحة الطبقة وتحرره ام الفكر و الفلسفة النظرية التي لا تسمح الانحدار عن المسار القح الضيق للحركة اليسارية بشكل عام ولو كان التطبيق على حساب الذات .
لو اختير اي من المظلومين الوسيلة الملائمة لتحريره عقليا او جسديا، لاختار تحرير الجسد اولا و باي ثمن كان. اي، من جهة داعش و ما معروف عنها بانها آفة على الارض، و الحكم الاصولي و المذهبي و العرقي التي يضر بالشعب و الطبقات الكادحة اكثر ربما على المدى الطويل، لانه محكم القبضة و يوائم نفسه مع الاكثرية مستندا على العقلية و الثقافة و التوجهات العامة الموجودة لدى الشعب . اما التنظيم المتطرف الذي يحكم بالحديد و النار و دكتاتوري قذر لا يتحمله الشعب و يمكن ان يُزاح ليحل البديل الافضل من الاثنين في اقل مدة ممكنة.
موقف اليسار من الداعش محير جدا، الا ان النظام المهمش للبعض و غير العادل و مذهبي بلاء اخر، فالاهم هنا انهاء احدهما للاخر ليتاكد العالم و الشعب العراقي و الموجود في المنطقة بشكل الخاص بانهما الاثنين ليسا لصالحهما و لا لصالح الانسانية، و يجب ازاحتهما من الساحة. فاعتقد ان المراقبة و الانتظار و المحاولة و المساعدة على اضعاف بعضهما البعض و اثارة و تحريض الشعب علىمعرفة سلبياتهما، لما ستتوضح الطريق المفيدة للجميع و بالاخص الطبقة الفقيرة الكادحة التي تحكمها الموروثات الثقافية الدينية و الفلسفية المتخلفة و المنتهية الصلاحية منذ عقود.[1]