دولة كوردستان بين التاييد و التخوين
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4507 - #09-07-2014# - 15:22
المحور: القضية الكردية
كثرت التحليلات و التقييمات للوضع العراقي في هذه الايام، و لكن نادرا ما نرى مقالا محايدا لموضوع كوردستان و قضيته العادلة من العراقيين بالاخص، لان الوقت لازال مبكرا كي يبرز منا من لم يلتزم بايديولوجيته، و لم نصل الى مرحلة النظر و الاعتقاد بان حق الاخر هو حق ايضا.
الذي اوغل العراق في هذه الاتون والمتاهات هو التعصب بانواعه، و منذ مجيء الاسلام و تعريب المنطقة و اسلمتها، فكتب التاريخ كتاب السلاطين، و المحايدون هم قليلون جدا، لما يبدر على اهل عتبات السلطات المتعاقبة من الخيرات و المصالح و الاموال لم يجده المحايد، لا بل يُحارَب و في اكثر الاحيان اصبح ضحية صدقه و ايمانه بما يعبر و يكتب و يبدي من المواقف الصحيحة تجاه القضايا و الاحداث، و ان كان لغير صالح السلطة .
اليوم نقرا و نسمع من الكتاب الجدد و الذي يصعب ان نسميهم بالكتاب او المثقفين، يعبرون عن مواقفهم جهارا دون ان يحكموا ضميرهم او عقولهم و يفرقوا بين الحق و الاجحاف . بالاحرى اننا لم نرى كتابا سياسيين بل الاكثرية هم من السياسيين الكتاب، اي الاهداف السياسية و الخلفية الايديولوجية و الفكرية عندهم هي الدافع لبيان الموقف و ليس الكتابة الحقة من اجل الجميع، و الا هل من المعقول ان تؤيد قائدا او شخصا ما في الوقت ذاته تخوٌنه لانه اتخذ موقفا لم يتوافق مع توجهك السياسي و ان كان محقا فيه . انعكست المعيشة و التصرف و السلوك في حياتنا الاجتماعية على مواقفنا و توجهاتنا السياسية و به اثر على كتاباتنا، اي لم احس بعزل اكثرية الكتاب نفسهم و توجهاتهم الشخصية عما يكتبون، لما لم نر التقييم الموضوعي الصحيح و النظر لحقوق الاخر بانه حق ايضا، فهل حق الذات او الجهة التي انتمي هو حق و حق الاخر هو باطل، ام الحق حق اينما و كيفما و لمن كان ؟
عليه، طالما بقينا على ما نحن عليه و كما كنا قبل عقود من السلوك و العقلية لم ننتظر اكثر مما نحن فيه، فمنطق القوة هو الذي يحكم و ليس قوة المنطق في تقييم المواضيع و القضايا و حتى الحساسة التي تمس حياة شعب باكمله .
طالما لم نلتزم بالعقلانية في النظر الى ما موجود و ان اهتمينا بالحق نلزم الوجدان فقط بعيدا عن العقلية و الحقية في اكثر الاحيان و ما يجب فعله و ما سرنا عليه دون النظر الى الاصح، و طالما كان دافعنا هو الانتقام و الانحياز و تايد الذات و النرجسية، فان الخلافات ستستمر في كل موضوع و مكان و زمان، و لتصحيح المسار نحتاج الى اعادة النظر في الذات قبل الاخر .
اعتدنا و اكتسبنا او ورثنا ما موجود على الارض من العراق الواحد الموحد بقوة و حكم الحديد و النار و المتسلط و جبهته و حلقته و جماعته و دينه و مذهبه يؤيد الخطا المستمر، و ان كان مجحفا بحق من لا يؤمن به و من حقه ما يريد. اهل يستحق الف عراق موحد قطرة دم طفل بريء، اهل يستحق العراق الموحد ذبح شاب في وضح النهار، اهل يستحق العراق الموحدهذا الفقر المدقع و العوز و الظلم للطبقة الكادحة الفقيرة من كافة مكوناته، اهل يستحق العراق الموحد توسل ارملة فقدت زوجها من اجل لاشيء سوى اختلاف في الرؤى و النظرة، اهل يستحق العراق الموحد كل هذه الحياة البائسة لشبابه و هم يعيشون متالمين و لم يحققوا طموحاتهم و هم بعيدون عن السعادة و الرفاهية. لماذا كل هذا الغوص في الخيال و العمل وفق ترسبات التاريخ و عدم التوائم مع العصر فيما تريده الحياة لاجيالنا. هل من المعقول ان نرى كتابا من الجيل المنتهي صلاحياته و هو يفرض رايه على الجيل الجديد و يوجهه و يودي بحياته من اجل لا شيء سوى جهله بما هو الاحق، وهنا العاطفة هي التي تسيطر عليه في تنفيذ امر المفتي و الناصح، و تستغله سلاطيننا و امرائنا الافاضل!!.
لو نظرنا الى الدول التي انبثقت القديمة منها او الجديدة، و فانها لم تتاسس ان كانت المصالح للمسيطرين على دولة الام تمنع ذلك. اليوم برز موضوع بناء دولة كوردستان التي هي و حسب اخر استفتاء الذي جرى في كوردستان يؤيده اكثر من 98% من شعب كوردستان، و ليس القيادة فقط كما يدعي البعض. اذا كانت الاكثرية تريد الجحيم فلابد ان يحترمه القاصي و الداني، و من يؤمن بالديموقراطية و الحيادية في النظر الى المواضيع. هل من المعقول ان تكون الاكثرية الساحقة من الكورد خونة، و خونة لمن انهم لهم كل المقومات الرئيسية لبناء دولتهم، و العالم يعلم ان قيادتهم هم من يساومون علي هذا الحق من اجل مكاسب سياسية حزبية و ليس الشعب. اهل من المعقول ان نخوٌن اربعة ملايين من الناس لانها تريد الذي تعتبره حقها المصادرة منذ انبثاق الدولة العراقية دون موافقتها، ويجب ان لا ننكر، و في المقابل نرى عددا من الكتاب اصحاب الضمائر الحية التي تكتب و تتكلم الحق و ان كان على حساب النظرة الدونية التي تنظر لها من قبل ابناء جلدتها . و عليه، لا يمكن ان نصدر امر التخوين بحق من طالب بحقه بالسرعة و التهور الموجود لدى كتابنا و سياسيينا الموقرين .
ان ما يجب معرفته من قبل الجميع ان دولة كوردستان هي الحق، و لكن دخلت في جعبة السياسة الاقليمية والداخلية و العالمية و تشوب هذه القضية امور ليست بيد اصحابها و الا التخوين و التذمر من قبل اصحاب الملزمين بوجدان الوحدة العراقية ليسوا الا من هم تعودوا على الوضع العراقي و يرفضون التغيير في قرارة ذاتهم و ان كان لصالح الجميع.[1]