هل تسقط الدولة الاسلامية في العراق
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4505 - #07-07-2014# - 17:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كيفية انبثاق داعش، هذه المنظمة الخطرة في التوجه و السلوك، تكلمنا عنها، واهم ما نذكر هو انها برزت نتيجة فراغ في القيادة والكاريزما و التنظيم المترابط للقوى المتطرفة الاخرى التي كانت موجودة اصلا، و من ثم اختراقات اقليمية و دولية في التنظيمات الاسلامية، مع بقاء التساؤل المنطقي؛ لماذا افرجت امريكا عن ابو بكر البغدادي من سجن بوكا، و بعد مدة قليلة جدا طرحت مكافئة لمن يدلي بمعلومات عنه، مع العلم انها تعرف حتى بنفصيلات حركة النمل في المنطقة، كما يقولون .
ان الاحتقان و الاحساس بالمظلومية لدى مكون رئيسي من شعب العراق و اعتراضاتهم و احتجاجاتهم التي قوبلت بالحديد و النار و بالاهمال للمطالب، زادت من فرصة قبول داعش في هذه المنطقة، و رسخت ارضية مناسبة لتنميتهم من جهة ، و من ثم الطريقة التي اتبعوها و ساعدتهم عليها الاعلام و ربما القوى التي تريد ان تبان هكذا بشكل غير مباشر لزرع الرعب في نفوس من يعارضهم من جهة اخرى .
سيطرت داعش على مساحات لم تكن تعتقد هي بذاتها ان تحتلها خلال الوقت القياسي للمعارك التي انتصرت فيها الجهات عالميا في تاريخ الحروب .
انه يطبق ما يؤمن به من التشدد و التطرف الديني الذي لا يلائم هذا العصر في اية منطقة في العالم مهما كانت متخلفة و من اية ناحية من سلوكها و تعاملاتها مع الشعب . و هي تنفذ اقسى انواع العقوبات بحق المخالفين لها دون رحمة، و باساليب ما قبل قرون، و العقوبات ليست بدافع الاصلاح و انما الانتقام، و هذا ما يجعلها منبوذا بين ابناء المجتمع السوي في هذا العصر.
لكن هل من الممكن ان تسقط داعش و تزاح عن كاهل هذه المنطقة لو تركت على حالها ام بمحاربتها بكل الطرق و الوسائل و الادواة و الالات العسكرية المتاحة . في هذه الحال، اي وجود مكون محتج معارض محتقن ضد حكومة المركز، وبوجود البديل الابغض على الارض، ما هو العلاج، اي كيف التخلص منها او اقلاعها لتستريح الناس و الحكومة معا .
لنتكلم بصراحة و واقعية، ان اصرت الحكومة على الحل العسكري المجرد، ستدوم الحال و ندخل مرحلة التدمير و لم نخرج بنصر نهائي عسكريا ابدا و كما نرى سوريا اليوم، و لتتذكر الحكومة و تتعض من حالة الانبار و استخدامها للصحوات و حتى بعد الضربة الموجعة للقاعدة من قبل ابناءها، كانت عدم الثقة بها مسيطرة على الوضع و شاهدنا كيف عادت الحليمة الى عادتها القديمة، للنسبة الاكبر منهم .
اذاً، الحل اولا و اخيرا سياسي و لكن يجب ان يكون قبل فوات الاوان، ويكون جذريا و بشروط، و ان يؤخذ بنظر الاعتبار الموجود على الارض من السمات و الخصائص المجتمع و عقلياتهم و ثقافتهم و نواياهم و حالة التخبط التي يعيشون جراء التغيرات غير المتوقعة لديهم على حياتهم العامة و فكرهم، و نظرة الاستعلاء المزروعة في كيانهم خلال سنوات حكم مكونهم، و هم تعاملوا مع الاخرين على اساس الرعية و ليس الشعب او المواطن من الدرجة الاولى ، و المكونات الاخرى كانوا تابعين اصلا و ان كان الحكم يضيف رتوشا و اشكالا و تعابيرا سطحية الى شكل سياسته. اي انهم ، هذا المكون الذي يقبع اليوم تحت سطوة داعش هم كانوا من يحكم العراق بشكل مطلق و ليس غيرهم بكل معنى الكلمة مهما انكر احد و مهما كان هناك نفر هنا و هناك من المكون الاخر يساعدهم و هو تابع لهم اولا و اخيرا .
اي، فسح المجال امام هذا المكون لاعادة النظر في مسيرته كي يفصل بين ما يضره و من يفيده، و ان كان الاحتقان و الحقد مسيطرا عليه لمدة، فاتاحة الفرصة له و توفير اجواء و ارضية لازمة لاعادة الثقة بنفسه و اعطاء المجال الاكثر ليحس بانه يحكم نفسه اي اللامركزية الواجبة، و تخيرهم لما يقررون به مصيرهم و الشكل الذي يريدون للتعامل مع المركز، فانهم يمكن ان يدخلوا فترة الاستراحة و التروي في التفكير و التمعن، و يتاكدوا في قرارة انفسهم بان العراق الجديد ليس كما كان و لا يمكن ان يعود الى ما كان، و به يمكن ان تسقط المركز ورقة مهمة بيد داعش دون اراقة قطرة دم واحدة . بعد ان يتاكد هذا المكون من عدم تلائم افكار و نوايا و سلوك داعش مع حياتهم و العصر الذي نحن فيه، يمكن بمساعدتهم او من الممكن بانتفاضة او ثورة شعبية شاملة قلع داعش من جذورها بلمحة بصر و باسرع مما انتشرت في المنطقة هذه.
قبل التحرك يجب منعهم من تحقيق انتصارات اخرى على الارض، و وضع حد لنشاطاتهم في المناطق المختلطة الاخرى، متزامنا مع ايجاد الحل الجذري السياسي كما اسلفت . بما لدينا من الثقافة و الحالة الاجتماعية و الموروثات من الترسبات الدينية و المذهبية و الفكرية و الايديولوجية الفاشلة، لا يمكن ان يُدمج ما موجود في بودقة واحدة و لا يمكن خلطه مهما ادعى بعض الخياليين الذين يرتكزون على الافكار الميتافيزيقية و الثورية التي فقدت مدة صلاحياتها منذ مدة طويلة . قناعة المكونات بما لهم من الحقوق و الواجبات باي شكل يحسهم بانتمائهم الى البقعة التي يعيشون، سيجعل التعامل مع البعض اكثر سهولة و راحة، لا يوجد حل لداعش و لا فرصة لبقائها و لا يمكن سيطرتها نهائيا الا ان بقيت الاحتقانات و الاحتجاجات المختلفة المذهبية الفكرية الايديولوجية على ما هي عليه لحد اليوم و ان لم نجد جميعا الحلول الجذرية و قابلة التحقيق على ارض الواقع، و اعتقد ان الحكم اللامركزي بوجود اقاليم لكون مكون و بصلاحيات لا تفرق عن دولة الا في امور تخص الدولة المركزية ، يمكن ان يُسحب البساط من تحت ارجل اي منظمة متطرفة ارهابية حاولت و ليس داعش لوحدها فقط، لان الدفاع سيكون ذاتيا من قبل ابناء المكون ذاته قبل الدولة . لو نذكر اقليم كوردستان، ان من انهى الارهاب و لم يدع ان يطا قدمه اقليم كوردستان خلال اكثر من عقد هو تعاون الشعب فردا فردا في هذا الجانب . غندئذ يمكن ان نقول بمشاركة الجميع ان داعش تسقط و تزاح باقل الخسائر المتوقعة، و حتى هؤلاء المتحالفون معها سيكونوا اول من يقفوا ضدها و يعادوها و يقاتلوها بكل السبل .
و يجب ان نعيد للحكومة و الشعب جميعا يجب ان يكون خط الاحمر هو سقوط بغداد و منع داعش التقرب منها، لان اي حدث بهذا الشان سيُفقد الحل السياسي ايضا.[1]