المشكلة هي الانتماء الوطني
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4502 - #04-07-2014# - 16:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
منذ اتفاقية سايكس-بيكو و الحدود الحالية لدول المنطقة على ماهي عليه دون تغيير يُذكر. المهم ان نعرف ان الحفاظ على هذه الحدود و فرضها لم يكن طوعيا او من منطلق الايمان بها من قبل المواطنين الساكنين في هذه الدول جميعا، و هذا اخطر من التحديات الخارجية و التهديدات التي تتعرض لها هذه الدول داخليا و خارجيا.
العلاقات التقليدية بين فئات المجتمع العراقي فُرضت سطحيا دون الاحساس بوجود عامل مشترك بين المكونات و هو الاحساس بالمواطنة و الانتماء و التساوي في الحقوق و الواجبات . طوال هذه العقود كانت هناك احاسيس و تعاملات مختلفة، من التي يمكن ان نعتبرها درجات من المواطنة المفروضة فوقيا و بقوة السلطة و احيانا كثيرة بجبروتها و خوفا لا اقتناعا . طوال تاريخ العراق لحين سقوط النظام العراقي الدكتاتوري، لم يحس الكورد و لا الشيعة بانهم من المواطنين المنتمين لبلدهم و متساوين مع السنة، و كانوا دوما مشكوكين فيهم و لاخلاصهم و انتمائهم و وطنيتهم، فالمراكز الحساسة لم تكن من نصيبهم مهما كانت ولاءاتهم و حزبيتهم، و هذا ما زرع الاحساس بالغبن التي لا يمكن ان تنمحي بين ليلة و ضحاها، هذا عدا الترسبات التاريخية منذ عقود غابرة نتيجة الاختلافات المذهبية في الفكر و السيرة على ارض الواقع ايضا .
اليوم قد سنحت فرصة موآتية لتصحيح المسار و عودة الامور الى نصابها الحقيقي الذي يمكنها ان تعيش و تتطور دون اية عوائق ان عاملنا معها بعقلية منفتحة و بصراحة و عملنا على ايجاد حلول جذرية لا سطحية مرقعة فقط، و نسمع هنا و هناك كلمات خيالية معسولة نابعة من المواقف السياسية المصلحية، و كل حسب خلفيته و مبادئه . لا يُصدٌق ان تكون ايران اكثر اخلاصا لاي عراقي بمختلف مكوناتهم، سواء كان سنيا او كورديا او حتى شيعيا، لانها تفضل مصلحة ابناءها على الجميع، و لهذا هي تريد ما يقع لصالح ابناءها و شيء بديهي و من حقها ان تفعل هذا، و كل الدول تعمل و تسير على هذا المنوال، اما ما لا يصح هو ان يعتقد العراقي بان ايران او اي دولة اخرى جارة او بعيدة ان تكون مخلصة للعراقي اكثر من ابناءه، فليس من المعقول ان يهتم طهراني و او مشهدي او شيرازي او اصفهاني او رياضي او جدوي او احساءي او طائفي او قطيفي او دمشقي او عماني او كويتي اكثر من ابن بغداد و البصرة و انبار و اربيل بالعراق و مصلحته . الا اننا يجب ان نذكر ان ابن اربيل لا يحس بانتماءه كما احس ابن انبار و هكذا لابن البصرة. اي كل ما يفرض فوقيا دون ارادة و رضى القاعدة فلا يمكن ان ينجح و خصوصا بوجود اختلافات كبيرة من جميع النواحي الثقافية و الاجتماعية و السياسية و الدينية و حتى اللغوية بين هذه المكونات، هذا عدا ان اللغة الكوردية هي مستقلة و مختلفة عن اللغة العربية بشكل مطلق فان اللهجات الشيعية و مفرداتها تختلف عن السنية و هذا واضح جدا، فلاي منا ان يتعرف عن اي شخص عراقي من لهجته بانه من اهل الجنوب او الشمال و الغربية في العراق ، هذه كلها حقائق يجب ان يُقال، لقد حاولت السلطات السابقة اخفائها و كما تدخل النعامة راسها في الرمل و مؤخرتها واضحة للعيان .
لا يمكن ان نجد الحل المناسب الذي يفيد الجميع و يقتنع بها الجيمع، ان لم نتكلم بصراحة و نضع النقط على الاحرف، كي يرتاح هذا الشعب المتعب و المظلوم، فليست الكلمات الرنانة النابعة من الفكر و الفلسفة و السياسة او المصلحة معينة تعين الشعب، و لا القوة الغاشمة كما يدلنا التاريخ، الم يتذكر المعنيين القوة العسكرية و الجيش الجرار للدكتاتور العراقي، الم تتذكر السلطات العراقية الثورات الكوردية و اهل الجبايش كيف قاوموا باسلحة خفيفة الجيش الجرار، و اليوم نحن وسط هذه المعادلة . بعيدا عن الحنين و العاطفة، ليس هناك حل الا اقتناع المكونات جميعا بالاطار و الشكل المقتنع لهم من السياسة و الوطن لهم و ما يهم مكونهم قبل الاخر. ليس من المعقول ان يرفض الشيعي طلب السني و الكوردي المحق و هو في السلطة كما فعل السني قبله، و ليس من المعقول ايضا ان يرفض الكوردي مطلب التركماني و المسيحي و العربي المحق ان كان هو في السلطة .
و عليه، لا يمكن ان تُبنى الاحساس بالمواطنة قسرا دون الربط بينها و بين المشاعر و التفكير الداخلي للمواطن . هذه هي ثقافتنا و تعلمناها و سرنا عليها و هذه هي نظرتنا للاخر و تربينا عليها و هذه هي عاداتنا و تقاليدنا و ان اختلفنا عليها، فلا يمكن ان ننكر الموجود، و بناءا عليه لا يمكن ان نبني نظرتنا على الخيال و ان خدعنا ذاتنا بالافكار السطحية. لا يمكن ان يحس المواطن الكوردي بالانتماء الى العراق الذي يحكمه الشيعي او السني مهما كان عادلا و بالعكس صحيح ايضا، لان التربية و الاخلاق و النظرة و العقلية تبنت على هذا الاساس، و لم تنتج القسوة في فرض الشي الا دماء و الفوضى . فالانتماء الوطني احساس عفوي يُبنى عفويا دون ضغوط او بشكل قسري مهما كان جبروت القيادات . و يمكن ان نعتبر انعدام هذه الاحاسيس اولى الاسباب و العوامل لما آل اليه العراق و تؤل اليه دول المنطقة التي على شاكلته لاحقا.[1]