ماذا وراء تحركات داعش الاخيرة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4478 - #10-06-2014# - 16:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
عماد علي
من وراء الداعش و من اسس هذا التنظيم و من لملم بقايا القاعدة و التنظيمات الاخرى في هذا التنظيم الاسلامي المتطرف، سؤال يحتمل اجابات متعددة اعتمادا على تحركات و اهداف و نوايا هذه الحركة الاسلامية المتشددة التي سيطرت على زمام الامور شيئاما في المنطقة المتواصلة بين العراق و سوريا في هذه المرحلة رغم محاولات السلطة العراقية و بخجل لمنعه من التقدم . ان كان ايران هي المؤسس و المغذي له كما يُقال، فانها تحقق غايات شيعية بعيدة المدى باداة سنية و تستفيد منها كليا كما تتبين من تحركاتها و مواقفها سواء نجحت ام فشلت في النهاية، ان كانت نابعة من الحركة الاسلامية السلفية التي تدعمها بلدان الخليج و هي محركها و داعمها الرئيسي كما يدعي الاخرون، فانه مهامه ستفيد ايران ايضا في نهاية المحصلة لاسباب نذكرها فيما ياتي .
الخراب و الدمار ينتشر في المناطق السنية و لم تتاثر المنطقة الشيعية بقيد انملة كما نعلم، و لا توجد فرصة لهم في البقاء و السيطرة التامة و الكلية و النهائية على هذه المناطق، اي جعلوا هذه المناطق جبهات قتال باسم الارهاب السني لصالح الاستراتيجية الشيعية على المدى البعيد، و هذا ما يمكن ان يعتمده المراقبون فيما يلصقون تاسيسهم بالايراني المنشا عقلا و تدبيرا. الا ان وجود هذه الحركة وتحركاتهم و تنفيذ اهدافهم في سوريا و ما ساروا عليه يثبت الى حد كبير انهم جائوا لصالح النظام السوري و هذا لصالح ايران ايضا، و ان كان التمويل و التدبير و التنظيم اللوجستي للقوى الخليجية قيادة وقاعدة . اختلطت الامور على الناس في هذا الامر، الا ان التحركات الاخيرة و التغيير في الاستراتيجية و نوعية تحركاتهم و سيطرتهم على المدن السنية و محاولة التغيير و التقرب من اقليم كوردستان الامن سيضع الف علامة على نواياهم في هذه المرحلة و ما يفيدون به . و الا هل من المعقول ان تتمكن هذا التنظيم الاسلامي المتطرف من التحرك بحرية و دون اعاقة من اي احد في وضح النهار خلال ايام و السيطرة على ثاني اكبر مدينة عراقية خلال اربع و عشرين ساحة دون ان تحرك الحكومة جفن كما هو حال الوضع العسكري الذي يؤكد لنا ذلك .
ان المحورين و ما لديهما من الامكانيات و من يتبعهما من داخل العراق، لهم مصالح عديدة و خطط مستعجلة في هذه المرحلة من ما بعد الانتخابات و التحركات و الاجتماعات و الاتفاقيات المنتظرة لتنصيب رئيس الوزراء المطلق الصلاحيات و التي يمكن ان ينفذ خطط احد المحورين خلال الاربع سنوات المقبلة بشكل مرضي و مقنع لهم، من العوامل و الاسباب الرئيسية لهذه المفاجئات .
ان كانت الخطة من تدبير و تنظيم المحور الشيعي فان المحور السني لم يتوقف مكتوف الايدي ابدا، و ستتم تدخلات واضحة و فضيحة من قبل المحورين فيما بعد، و هذا ما يؤدي الى تعقيد الامور و ستنتهي بالانشقاقات و تقسيمات مختلفة . فان كانت تحركات تنظيم الداعش تكتيكية و من اجل لفت الانظار و ما يفيد محور ما من المحورين و على الاكثر المحور الايراني، فانها ستؤثر على الوضع على المدى القصير و سنشهد اربع سنوات اخرى دامية بيد المالكي ايضا . اما ان كانت هذه المفاجئات استراتيجية و الخطوة الاخيرة للقوى و المحورين فانها ستتحمل الاحتمالات المستقبلية الواردة التي يمكن ان نطرحها كما ياتي :
ان كانت النتيجة لصالح ايران و محورها فان تركيا ستقوم بما يثبت بقاءها قويا امام ايران بكل قوة و في النتيجة ستشتد التناحرات و يمكن ان تبدا الخطوة الاولى لتقسيم العراق فعليا على الارض و ان كان بشكل غير رسمي، و انما حتى في تسير الامور اليومية الاعتيادية .
ان سيطرت ايران و محورها بشكل نهائي على ما تريد من الوسط و الجنوب بعيدا عن وجع راس، فانها ستكون الجانب الاقوى و ستغيض تركيا و تعمل ما بوسعها من اجل اعادة التوازن مهما كانت النتيجة و التقسيم من احد الاحتمالات ايضا .
ان كانت الاتفاقيات السرية المبرمة بين القوى الداخلية و رؤس محاورهم على تحقيق المكاسب الانية في هذه المرحلة و من اجل المناصب التي يمكن ان تستلمها هذه القوى، فان الوضع يبقى كماهو عليه دون حراك و الشعب هو المتضرر الاول بينما المستفيد الاوحد هو رؤس المحورين فقط .
من المتعجب لحد الان ان دور امريكا مختفي، و لم نشهد ما يمكن ان تفعله باقصى سرعة و هي ملزمة بتنفيذ الاتفاق الاستراتيجي مع العراق . و هذا ما يجعلنا ان نشك في الامر اكثر لانها مع المحور الايراني على ارض الواقع العراقي و مع المحور التركي نظريا وفق علاقاتها الاستراتيجية و هي حائرة في بيان المواقف الصريحة على العلن . ان ما تستفيده امريكا من الفوضى هو العثور على الحجج المنطقية لعودتها بقوة الى العراق باقية دون حراك لمدة غير معلومة، بعدما تغيرت الاوضاع و المعادلات في المنطقة نتيجة الوضع السوري و الاوكراني المعلوم .
لذا، القوى الداخلية الثلاث الكورد و السنة والشيعة امام امتحان صعب، و لكل منهم نظرته الى العراق المستقبلي و عليه ان يفكر بعمق و اكثر من مرة لاية خطوة يخطوها في هذه المرحلة بالذات و ربما تكون الفرصة سانحة لخطوات استراتيجية مهمة بالنسبة للكورد بعدما يتاكد من قوته و اعمدة القرارات التي يمكن ان يتخذها للوقوف و الثبات عليها و مقاومة اي طاريء كان، و يستفيد من اي تحرك بين القوتين الاخرين السنة و الشيعة لصالحه .
اذن ما وراء الداعش اهداف كثيرة من قبل المحورين الرئيسين و ستتوضح الاموراكثر بعد حين . و المتاكد منه ان هذه التحركات ليست عفوية و لا طارئة و انما وراءها خطط سواء من اجل ما يقع عليه انبثاق الحكومة الجديدة او ما يهم مستقبل المحورين على ارض العراق و خاصة المحور الشيعي . و اكثر الاحتمالات وضوحا هو تقسيم العراق نوعا ما و يمكن ان يفيد الشعب و يوفر الدم الذي يمكن ان يسفك بغير هذا الحل.[1]