طبيعة العلاقات التركية مع اقليم كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4316 - #15-12-2013# - 13:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
بعد التغييرات الكبيرة التي حدثت في المنطقة نتيجة ما افرزته ثورات الربيع الشرق الاوسطي و التقلبات التي حصلت بعد ذلك، تشهد المنطقة مجموعة من العلاقات الدبلوماسية الفرعية و التي هي تحت تاثير مجموعة كبيرة من الاحداث و لم يستقر اي شان على حالته النهائية لحد الان و لا يمكن الوثوق به نهائيا، و منها العلاقات الدبلوماسية بين الدول و ما تربطهم من المصالح و ما يوجههم من التوجهات الفكرية العقيدية الايديولوجية ومنها التاريخية التي لها تاثيراتها المباشرة و هي تحت وابل من ترسبات التاريخ . فان كانت تركيا لحد الامس تعيش جراء ما تفرضه الانقلابات الداخلية فاليوم اصبحت الديموقراطية الخاصة بها و التي رسمت باطر و محددات قومية اسلاموية هي التي فرضت نفسها و تسير وفق ما تمليه عليها المصالح الخاصة و العلاقات الاستراتيجية لها، مع الاخذ بنظر الاعتبار مجموعة من القيم الخاصة جدا بها . اليوم نرى تركيا ماضية و مصرة على صياغة علاقاتها الخارجية وفق ما تمليه عليها المستجدات المرحلية و ما توجهها نظرة و افكار الاسلام السياسي في هذه المرحلة التي تُعتبر متنقلة و ناقلة لها الى ضفة مغايرة ان استمرت .
من خلال ما تخططه تركيا من الاستراتيجية الخاصة بها للعلاقات البعيدة المدى، لا يمكن ان لا تنظر الى اقليم كوردستان المستجداث فيه و في دوره في المنطقة و ما جرى فيه من التطورات بنظرة خاصة و جادة، فتركيا اليوم استدارت كثيرا عن افعالها و معاملاتها و نظراتها السابقة لاقليم كوردستان جراء الضرورات التي فرضت نفسها عليها مجبرة و ليس راضية مرضية . انها تدخلت في هذا الاقليم منذ بدايات العقد الاخير من القرن العشرين بشكل واضح و اكثر شيء مجحف رغما عن ارادات شعبه. انها فعلت ما بوسعها لاسترجاع وضع الاقليم الى حالة يمكنها ان تسيطر عليه بكل سهولة لضمان مصالحها و تحقيق اهدافها الواسعة المترامية الكثيرة جدا . و منذ سقوط صدام حسين و الكفة مالت لتحسن العلاقات مع الاقليم بشكل اجبرت المتغيرات تركيا على التساهل في امور عديدة كانت لا تقبل بها من قبل و رغم سياساتها الفرق تسدية بين الجهات الكوردية المتنفذة الا انها مالت الى الحزب الديموقراطي الكوردستاني اكثر من الاتحاد الوطني الكوردستاني لاسباب خاصة بها ومنها السياسية و التاريخية و الجغرافية و الديموغرافية . و نتذكر كيف ساعدت الديموقراطي الكوردستاني حتى عسكريا في حربه الداخلية مع الاتحاد الوطني، بل يتوقع المحللون بان نار تلك الحرب قد اججتها تركيا كاحتمال قوي لمصالح خاصة و لامور يمكن ان يُصدق ةالاحتمال .
اليوم بعد الخلافات القوية بين انقرة و بغداد، تستغل تركيا اقليم كوردستات لعدة امور، منها صراعها مع بغداد لنيل موقعها و اعادة سيطرتها على بعض التوجهات الخارجية للعراق و سحب البساط عن ارجل ايران، و لم تنجح لحد الان و ربما يكون تحقيق هذا الهدف صعب جدا لمتطلبات و عمق الخلافات الطائفية التي لا تسمح بذلك. لذا فكرت تركيا في صديق استراتيجي جديد و لكن مؤقت ربما لحين مجيء الفرصة التي تعتقد بانها مؤاتية للعودة الى ما كانت عليه قبل سقوط النظام العراقي، و من بين الموجودينو ما تعتبرها اهون الشرين فاختارت اقليم كوردستان كحليف لها و كموقع هام لاستخدامه في المعادلات السياسية التي تفرضها العلاقات الدبلومااسية و الصراعات و المستجدات و الاحداث السريعة التي تشهدها المنطقة و المتقلبات التي بدت تظهر كثرا في الاونة الاخيرة . و لابد ان لا ننسى الجانب الاقتصادي الهام الذي تتخذه تركيا كبديل للعراق في علاقاتها و افعالها و توجهاتها المرحلية نحو اقليم كوردستان .
لذا، من منظور ما قلناه سابقا، نرى ان العلاقات مهما تبجحت تركيا بعمقها و صحتها و ايمانها بها و اطمانت قادة الاقليم على انها استراتيجية و ثابتة، لا يمكن ان تتحمل اية عاصفة صغيرة من المتغيرات التي من المتوقع ان تحدث في المنطقة في اي وقت كان. و عليه لا يمكن الاعتماد على العلاقات التركية مع اقليم كوردستان و لا يمكن اعتبارها علاقات ندية استراتيجية صحيحة لانها من حيث القانون و ما تتطلبه الدبلوماسية لا يمكن ان تنجح دون مشاركة المركز العراقي وفق ما يفرضه الدستور العراقي حتى الان، الا انها علاقات ماضية بشكل ما الان و تتطور استنادا على استمرار ما فيه العراق من الوضع غير المستقر من كافة الجوانب .
و عليه، يمكن ان نتاكد بان العلاقات التركية مع الاقليم ليست الا مناورات انية مستندة على الوضع القائم و من ضمن ما تتطلبه الصراعات في المنطقة و بالاخص ما بين العراق الان و تركيا من الخلافات العميقة. و ربما تطول طبيعة هذه العلاقات لمدةما لكون الوضع الحالي في العراق مستمر في التدهور، و لكون العلاقات الاقتصادية هي التي تفرض امور لا يمكن للسياسة و الدبلوماسية ان تتحاشاها، و لما تفرضه تداعيات ما نتجته الثورات في الشرق الاوسط و المتغيرات على الساحة السورية . اذا نصل الى نتيجة ان الاسس التي تبنت عليها العلاقات التركية مع الاقليم هي هشة بشكل واضح و يمكن ان تتدهور في اية لحظة نتيجة المتغيرات التي يمكن ان تحدث جراء ما تؤول اليه المنطقة بعد الثورات ان استقرت الاوضاع في مرحلة ما.[1]