هل شخصية المجتمع الكوردستاني تدعم تاسيس الدولة ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4305 - #14-12-2013# - 13:18
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لو عدنا قليلا الى الوراء، و تمعنا في المجتمع الكوردي و معيشته و جغرافيته و تفكيره و علاقاته و وضعه الاقتصادي و الثقافي العام، و تابعنا مدى تقدمه و وصوله الى ما نحن عليه اليوم من كافة الجوانب المذكورة، لتبين لدينا ما يمكن ان نستنتج منه بان الشخصية الكوردية ليست بمقام ان تجهد نفسها لتاسيس كيان نظامي تقدمي حضاري بحديث يكون لها كما كانت عليه حال الامم و وصلت اليه، و هذا ليس تشاؤما او استهزاءا بامكانية المجتمع الكوردستاني الكبيرة في عدة نواحي بقدر ماهو قراءة واقعية حيادية لما فيه المجتمع الكوردي و ما يتميز به من الخصائص .
ان جغرافية كوردستان و حال المناخ اثرت بشكل مباشر على صفات المجتمع الكوردي و علاقاته، بحيث اجبرته على الانقسام و التمسك بوحدة العشيرة و القبيلة و المجموعات بدلا من التوحد العام على المستوى القومي، لذلك نرى ان انتماء الفرد الى عشيرته و قبيلته اقوى بكثير من انتماءه الوطني او يمكن ان يؤمن به من ما يسمى بالوطن واداء الواجب عليه من ان يكد من اجل توفير اسسه و اعمدته العديدة من كافة النواحي . لذلك لم نجد من الثورات التي بدات من اجل تاسيس دولة بقدر ما نتلمسه ضيق من افقها و مساحتها المبدئية و اهدافها القصيرة المدى و من بدايات عشائرية مصلحية ضيقة في منطقة معينة دون غيرها. ربما كانت هناك نشاطات فردية او توجهات لم تقلل من شان ما نذهب اليه من تقيمنا لحال المجتمع الكوردستاني بشكل علمي حيادي . الشخصية الكوردية كانت تستمتع بوصفها جريئا مقاتلا بارعا في صيده و ما كان يفعله الفرد من اجل الحصول على قوته و مغامراته في ما كان يعتبرها ساحات الوغى لاهداف قصيرة النظر فقط، و هذا ما اختلط به عند حدوث الثورات و انبرت القبائل و الافراد ان تكون الشجاعة التي ابدتها في حياتها الخاصة لترجمتها الى العامة من خلال انضمامها الى الثورة و القتال العسكري التي تطلبت تلك المواصفات .اما من الناحية الفكرية الثقافية العامة لم تكن مهتما ما تتوصل اليه القادة و الثورة و ما هي الاهداف التي تناضل من اجلها بشكل عام. كانت تتصف بالتقوقع لما اثرت عليها التاريخ و الجغرافيا من الصفات التي ابتعدتها عن النظر الى الافق البعيد . و نمت شخصيتها على الحفاظ على الذات و الشك في الاخر ضمن القبائل او العشائر المنتشرة في منطقتها . و عليه، كان الفرد في قبيلة او عشيرة ما اكثر تماسكا من انتماءه الى الوطن و منحازا او يقف بالضد في اكثر الاحيان من العشائر الاخرى للحفاظ على الذات من خلال بيان وجود عدو خارج المجموعة او اظهار قوته و عزيته على الدفاع عن النفس . اي ان الاسباب البيئية الاجتماعية اثرت بشكل مباشر على نظرة الفرد المنتمي الى قبيلة و مدافعا عنها و محاولا بقاء تماسها بكل الطرق دون ان يعرف للوطن معنى حتى الامس القريب . و كان طبيعيا ان يكون الفرد شجاعا و مدافعا عن مجموعته الصغيرة الحجم بدلا من الشعب و ان يقف ضد الاخر القريب منه من اجل حفنة من المال او ثروة ما. و لهذا نستنتج ان الانعزال كان صفة العشائر والقبائل و حتى اخيرا القرىالعديدة القريبة من بعضها اورثته بشكل كبير، و كانت لكل مجموعة صفات و خصائص و حتى لهجات تختلف عن الاخر القريب منه بكل وضوح . اي كان هم الفرد هو الحفاظ على انتماءه الصغير الامد و الحجم و الاطار من اجل المعيشة فقط و الخوف من الفناء . و كانت الافراد الموجودة في مساحة او عشيرة او قبيلة معينة متشابهة من كافة النواحي و من ضمنها التمسك بالعادات و التقاليد و اللهجة و العلاقات و النظرة الى الامور و الصراعات المحصورة ضمن المساحة ذاتها و بيان كل فرد مدى قوته و شجاعته امام الكبير الذي وضع مكان الاله على الارض .
و عند الاطلاع على محتوى الثورات الكوردية العديدة و اهدافها، تتوضح لدينا انها كانت ضمن مساحات قصيرة و لاهداف خاصة مختلفة واحدة عن الاخرى، و ليس من ضمنها استقلال كوردستان و تاسيس دولة الا ثورة قاضي محمد و لهذه ايضا اراء و تقيمات يمكن ان نقول ان الظروف السياسية و العلاقات و التاثيرات الخارجية او المؤامرات فرضت على الشهيد قاضي محمد ان يعلن استقلال و تاسيس دولة مهاباد و ليس ما كان يعمل من اجله او ابتدا به.
لذلك نرى حتى يومنا هذا ان الفكر و النظرة القبلية العشائرية مسيطرة على فكر و عقلية السادة و حتى القادة الكبار ، فليس لديهم مانع من ان يضحوا بكل كوردستان من اجل مصالحهم الخاصة و الحزبية و في هذه المرحلة التي اصبحة الدولة شيء بديهي امام ما يشهده العالم من التطورات و الاتصالات و ما يدفع لعبور الحدود و اخفاءه و تقارب الشعوب هدف عام للانسانية، و هذا نابع من جذورالفرد الكوردي التاريخية و الجغرافية التي اكتسبوا بها ما يمكن ان يحافظوا على ذاتهم الشخصية و العشائرية و القبلية قبل ان يهتموا بالدولة و متطلباتها . فليس بغريب ان نرى من يستمد العون من عدوه من اجل اسقاط بني جلدته و من اجل بقاءه هو و قبيلته الضيقة المدار على قمة الهرم فقط .
و عليه، اننا لا يمكن ان نثق بما لدينا من المميزات لتحقيق الاهداف القومية و المدنية العامة التي ناضلت من اجلها كل الامم و حققتها، و ما نلمسه اليوم خير دليل على ضيق نظر القادة الكورد امام ما يجري و ما يبرز يوميا من الاحداث . لذا نرى ان الوحدة الكوردستانية معدومة علىى الصعيد العام و الفرقة مسيطرة لعدم وصول الشخصية الكوردية الى مستوى يمكن ان يُعتمد عليها في بناء كيانها الخاص في هذه المرحلة، و بذاءة ادارة الاقليم و فشلها خير دليل على ما نقول، و نحن نتراجع سنة بعد اخرى لاننا من يديرنا الان بشكل غير مباشر و احيانا بشكا مباشر و في وضح النهار هو الدول المجاورة و ليس الكورد انفسهم، و الافق غير واضح المعالم الا ان الفشل احد الاحتمالات القوية في المستقبل ان كان بعيدا ام قريبا، و اتمنى ان اكون مخطئا.[1]