اقليم كوردستان بحاجة الى دستور ديموقراطي
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3638 - #14-02-2012# - 14:41
المحور: القضية الكردية
وفق الدستور العراق الاتحادي، و قبله استنادا على كل المواثيق و القوانين الفدرالية العالمية ، كما يحق للاخرين، يحق لاقليم كوردستان الاستناد على برلمانه و حكومته الخاصة به، و الدستور كام القوانين و الناظم للامور العامة كافة و لتنظيم الادارة الذاتية و العلاقات المختلفة سواء مع المركز او مع العالم الخارجي كضرورة ملحة لا تقبل النقاش و التاخير مهما كانت الحجج، فانه من المفروض اقرار دستوره الخاص باسرع ما يمكن، و تلكؤ السلطة في اقليم كوردستان لاقراره لحد اليوم يعتبر نقطة غير محمودة يحسب عليه .
ان كانت للشعب الكوردستاني المقومات الاساسية لاقرار حق تقرير المصير في بناء كيانه ، و لم يفعل لحد اليوم، و اختار قادته الفدرالية كنظام عام و القاعدة الاساسية لبقاءه ضمن الحدود المصطنعة المفروضة عليه بحكم الظروف و المؤثرات و المصالح التي رسمت الحدود في حينه، هذا لا يعني ان يلتزم و يفرض على نفسه البقاء في واحة الصراعات و الخلافات و التحديات و عدم الاستقرار و الامان في العراق الى الابد، و يجهل و يتجاوز مصلحته كما ينبغي وكما يفعل لحد اليوم، و كابسط الحقوق لاي شعب، يمكن له ان يبحث عما يضمن مستقبل اجياله و ما يسيٌر امورهم و يؤمٌن لهم الحرية و السعادة و التقدم و الانتعاش و يثبت لهم السلام الدائم و الامان و يبعدهم عن شرارة الاحتكاكت العقيدية و المذهبية، و يبقوا هم الضحية لافعال الاخرين، و يخرجوا في النهاية من المولد بلا حمص.
اقليم كوردستان كجزء من كوردستان الكبرى من حيث الموقع الجغرافي و الشعب و الخصائص و السمات، طوال العقود المنصرمة، لم يكن في حال توفر امامه الفرصة لتحقيق اهدافه الاستراتيجية التي ناضل ابناءه من اجلها و دفعوا دماءا غالية طوال العقود الماضية، و كان هذا الشعب دائما ضحية مطامع القوى العالمية و الاقليمية حتى الوقت القريب، و ما شاهدنا من تغيير المعادلات لحد اليوم يقع لصالح الشعب الكوردستاني .
لذا ، من حقهم الشرعي ان يتخطوا المرحلة الصعبة و يوفروا ما لديهم من الامكانية و القدرة من اجل عدم تكرار المآسي و الويلات على اجيالهم القادمة، و هم من كانوا دائما تحت رحمة المتسلطين، وكانوا هم المغدورين و المحرومين من الحقوق الطبيعية لهم .
خلال العقدين الماضيين، على الرغم من وجود الانتقادات الكبيرة لمسيرة الاقليم و ما مر به و ما شاب الحكم فيه من الضيم و ما افرزت منه من السلبيات و مرَ بمراحل لا يحسد عليه و حفرت في كيانه العديد من الثغرات، الا انه استقر اخيرا على وضع و ان لا يمكن ان نصفه ضمن اطار الطموح الذي يكنه الشعب للوصول اليه، غير انه الخطوة التي بدات تتوائم مع الخطوة الاولى المؤملة لتحقيق الاماني اعظيمة للشعب، و شهد الاقليم تغييرا محسوسا مقارنة مع ما كان عليه من قبل . و لضمان استمراره و ابعاد القلق و الخوف الكامن في تفكير اجياله من المستقبل و ما يمكن ان يحدث، لابد له من ان يقوٌي القاعدة الاساسية الرصينة التي يرتكز عليها، و التي من الواجب تقويتها باستمرار، و من الممكن بناء ما يتامله الشعب بشكل سليم لضمان الوصول الى المحطة المؤملة من تحقيق اماني الشعب الكوردستاني .
وفق كل مستلزمات الحياة العامة و ما يمكن ان ينظم مسيرة هذا الشعب بشكل اقوى، الهدف الرئيسي هو الاصرار و تكثيف الجهود من اجل ترسيخ الاعمدة الاساسية للبناءالموجود، من اجل استكمال البنيان العصري التقدمي الجميل الذي ينتظره الجميع في النهاية. و عليه، كاهم حاجة و ضرورة في تسيير امور الاقليم هو وجود المحرك و المنظم و الساند و الداعم، وهو الاساس القانوني الذي يجب يلتزم به الجميع وهو الدستور الديموقراطي التقدمي العصري المتوائم مع التغييرات العالمية و بما يتماشى مع متطلبات العصر و الحداثة المنشودة، لتوفير ما يدفع ظروف حياة المجتمع الكوردستاني نحو الرخاء و الامان دون اية اعاقة قانونية سياسية عامة، و هذا لا يعني عدم الاعتبار لخصوصياته و كلتوره و موقعه وما يفرضه عليه تراثه و تاريخه .
دستور ديموقراطي ضامن لكافة الحريات العامة و الخاصة حسب ما تقتضيه ضرورة المعيشة العصرية بعيدا عن احداث الثغرات التي يمكن ان تُستغل من قبل من لهم صلة و مصلحة بها داخليا و خارجيا ، من الجهات ذات الشأن من القوى الداخلية و الاقليمية و العالمية، دستور يضمن اجماع الشعب عليه من اجل الالتزام الطوعي العفوي به من قبل الجميع، دستور يضمن الديموقراطية الحقيقية و يقطع الطريق امام تكرار المآسي و الويلات التي حلت بالشعب ، دستور يمنع الاجتهادات الشخصية ولا يقلص الصلاحيات بيد اي طرف او جهة او شخصية و التي تؤدي الى اعادة بناء الدكتاتوريات باشكال و انواع و مضامين مختلفة، دستور يقطع حتى التفكير او التوجه من قبل اي كان نحو الانفراد بالحكم و ضرب القوانين عرض الحائط حسب ما نقراه من كل الشخصيات و القيادات الشرقية، دستور يضمن حقا حكم الشعب للشعب فعليا و بنسبة حريات و حقوق مقنعة تماما للشعب. هكذا يكون دستورا يمكن يتطبيقه السليم على الارض ان يدفع الحياة العامة للشعب الى الامام من كافة النواحي، و يمكن ان يقتدي به الاخرون من المؤيدين و المعارضين في المنطقة عاجلا كان ام اجلا. من اجل ضمان كل تلك الصفات و المحتوى و سهولة التطبيق و الملائمة يجب التدقيق و التصحيح و التعديل الكامل المقنع للمشروع الدستورالكوردستاني المقترح قبل فوات الاوان ، لضمان النجاح و تامين الراي العام الداعم له قبل الاستفتاء الموعود . و بعد ضمان نجاح امراره بنسبة قبول عالية ، لا يمكن ان يقف امام تطبيقه العملي او يعرقله احد و بالاخص من يتجرا و يتخرص اليوم و ينتقد هذا العمل القانوني، من بقايا الشوفينييين و المصلحيين و من حثالى البعث الذين ينعقون من بعيد، و يمكن ان يسلم الجميع من اذى الاشرار من يفعلون ما بوسعهم من اجل المصالح الضيقة .
لو توفرت الارضية المناسبة و نجحت العملية و آمنت به النسبة العالية من الشعب الكوردستاني ، او نال الاجماع في الاستفتاء، ستغلق الطريق امام بقايا الدكتاتورية و المتربصين في العراق و المنطقة، و لم يبق خيار امام هؤلاء الا التراجع و التاييد و الاقتداء به و بيان صحة الامر ولو بعد حين، كما حصل من قبل الكثير منهم في العديد من القضايا الحساسة الاخرىمن قبل، و منهم من التجا الى الاقليم و سمع العالم اعتذاراتهم سواء بشكل مباشر او ضمني، او بطريقة ما عبروا عن خطا توجهاتهم و نواياهم و استعدلوا عنها ، و نالوا رضا الاقليم و شعبه. اذن الخطوة الصحيحة هي التي تفرض نفسها ، و في هذه المهمة، هي اقرار دستور ديموقراطي يشهد عليه الجميع و يؤمٌن دعم الاكثرية المطلقة من الشعب الكوردستاني الذي يخصه قبل غيره، و سوف يحتذى به الاخرون و هو الامر المهم و يصح الصحيح في النهاية و عندئذ يعترف به المساندون و المعادون . الشيء الاهم هنا هو الحساب للوقت، و الاقليم بحاجة الى هذا الدستور المقر من قبل الشعب اليوم قبل الغد.[1]