دور القوى اليسارية والربيع العربي
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3567 - #05-12-2011# - 18:48
المحور: ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
1 هل كانت مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات الجماهيرية مؤثرة في هذهِ الثورات ؟ و إلى أي مدى؟
لا يمكن ان يُهمل دور و تاثير القوى اليسارية و ما يحتسب عليها من المنظمات الديموقراطية المدنية و النقابات و الاتحادات المهنية، ولا يمكن ان ننسى ان وقود هذه الثورات كان في الاغلب من الطبقة الكادحة بنسبة اكبر مقارنة مع عموم الشعب، و لم يقصرٌو بشيء في اشعال و دعم ثورات الشرق الاوسط و انتفاضاته، ان لم نقل انهم كانوا دائما من المشاركين الاساسيين لا بل كانوا في الطليعة دائما فانهم الوحيدون الذين ضحوا بدمائهم، و ان كنا نطمع للمزيد او الاكثر منهم، الا ان الاسباب و الظروف الموضوعية و الذاتية ايضا حالت دون الوصول بهم الى المبتغاة و كانت مشاركاتهم نسبية و مختلفة من بلد لاخر نتيجة اختلاف موقعهم و ثقلهم و تاريخهم عن البعض ايضا، اضافة الى الاختلاف في الثقافة العامة و الوعي العام لدى تلك الشعوب الثائرة و المنتفضة التي كانت لها الدور الهام في تحديد مدى مشاركة هذه القوى اليسارية و الديموقراطية الحقيقية و فعالياتها . و على الرغم من اننا لا يمكننا ان نقيٌم دورهم في هذه الاونة بشكل علمي دقيق لاسباب عديدة و لكون الثورات و الانتفاضات لاتزال مستمرة و ما وضعت اوارها او لم تصل لحد ان نسميه مرحلة الاستقرار التام او الانتقال الى المرحلة المقبلة لها لا يمكن تحديد مستوى اشتراكهم و تاثيرهم الفعال بشكل دقيق ايضا .
2- هل كان للاستبداد والقمع في الدول العربية الموجه بشكل خاص ضد القوى الديمقراطية واليسارية دوره السلبي المؤثر في إضعاف حركة القوى الديمقراطية واليسارية؟
بعد ان اعتمدت الدكتاتوريات و قوى الاستبداد على اللعب و المناورة او الاستناد تكتيكيا على ما كانت الجماهير تؤمن به روحيا و نفسيا من اجل بقائها في السلطة من جهة و تعلق و تثبيت هذه الجماهير في بقائها عند مستوى معين الذي لا يمكٌنها التحدي و تُشل قدرتها في مكانها، فكانت القوى اليسارية في مقدمة المتضررين ، و كان انعدام الديموقراطية العامل الحاسم في منع التحركات الثورية لدى اغلب القوى اليسارية و الديموقراطية قبل غيرها من تحقيق اهدافها . فكان الضعف مصير هذه القوى مهما كانت قوة مقاومتهم لتلك المثبطات. و بانت عليهم التشتت و الانفراط في العقد في الكثير من البلدان، و هذا ما اثر بشكل كبير على مدى فعاليتهم الحقيقية و مستوى مشاركاتهم التي اختلطت عليهم الامور بداية و لم يتمكنوا من قيادة الثورات و الانتفاضات بشكل سليم في هذه الاونة .
3- هل أعطت هذه الانتفاضات والثورات دروساً جديدة وثمينة للقوى اليسارية والديمقراطية لتجديد نفسها وتعزيز نشاطها و ابتكار سبل أنجع لنضالها على مختلف الأصعدة؟
الجميع يعلم ان القوى اليسارية بذاتها تمر بمرحلة يمكن ان نسميها بالانتقالية الى حد كبير (بالنسبة لها) و للظروف التي مرت بها بعد تفكك الاتحاد السوفيتي و بروز قوى و تيارات ديموقراطية و تُعرٌف بعضها نفسها بانها ديموقراطية معتدلة و واقعية و هي موائمة الى حد كبير مع مستوى عقلية و ثقافة عموم الشعب بشكل كبير. فلم تكن هذه القوى اليسارية في حال تستطيع ان تمسك بزمام المبادرة او ان تقود و تسيطر على ما حصل و ما بدر من الشعب،و هو من اهم اهدافها و كما كان المنتظر منها، الا انها شاركت رغم جرحها النازف بكل قواها و امكانياتها، و اكتشفت لديها خلال فعالياتها و ما تعمقت فيها بانها تحمل في صفوفها و كيانها من كافة النواحي ثغرات و ما تنقصها من المستلزمات و الامكانيات المطلوبة لمثل هذه العمليات و ما تنوي الوصول اليه، لذا من الواجب عليها التمعن في اعادة النظر في عملها و فعالياتها من كافة الجهات و عليها تكريس توجهاتها و عقلياتها و جهودها في اعادة بناء الذات وفق ما تتطلبه المرحلة و ما فيها من الخصائص تفرض عليها التغيير في الشكل و المضمون ايضا من اجل التهذيب و التجديد عن طريق التقييم العلمي الصحيح للذات، و من ثم عليها ان تقرا ما في المرحلة من المعوقات التي تقف الان و يمكن ان تقف مستقبلا امام نشاطاتها و فعالياتها و طرق تحقيق اهدافها من حيث وجود البنى التحتية و الفوقية غير السليمة من اجل تجاوزها ان لم تتمكن من ازاحتها في الوقت المناسب، اي قراءة الذات و العام و المرحلة و الموقع من اجل وضع اللبنة الاولى لماوراء عصر الدكتاتوريات، و هذا ما يحتاج لخطى و سبل مختلفة و مغايرة لما التزمت بها من قبل، و على هذه القوى بالذات ان تستند على الدماء الجديدة من الشباب الواعي في كافة الاصعدة وفق ما تفرضه متغيرات العصر .
4 كيف يمكن للأحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية التي تلي سقوط الأنظمة الاستبدادية ؟ وما هو شكل هذهِ المشاركة ؟
نسبة الى اختلاف في دور القوى اليسارية و الديموقراطية من بلد لاخر، فعليه يجب ان تكون المواقف من العملية السياسية مختلفة من حيث المشاركة او المعارضة. و كما هو المعلوم ، ان الامر لا يمكن ان يدوم على ما وقعت عليه الحال لمرحلة و لمدة طويلة، و عليه يمكن للقوى اليسارية و الديموقراطية لوحدهم ان يبنوا صرحهم اعتمادا على القاعدة الكبيرة من الشعب على ان يكونوا سندا و داعما للاكثرية التي هي من الطبقة الفقيرة و المعدمة و يعتمدوها كاساس لفعالياتهم و نشاطاتهم السياسية مهما كانت افكارهم و عقلياتهم في هذه المرحلة . فان حصلت على الاكثرية في الانتخابات ( ليس مضمونا في اي بلد ثائر في الوقت الحاضر) و كانت قاعدتها واسعة في اقرب انتخابات، و بعد ان تمكنت من الاعتماد على امكانياتها و اخرجت بنتيجة قريبة من طموح المهتمين او مرضية للجميع، فعليها ادارة الامور او المشاركة في العملية السياسية بنشاط و عقلانية و حزم و بشكل اساسي، و ان كانت من صالحها ادارة السلطة و قيادة البلد ، و هذا امر بعيد المنال في هذه المرحلة كما اعتقد . و بعملها هذا ستكون العين المتفتحة و المراقبة و المحاسبة للجماهير الواعية الساندة لها . و عليها التحسب لعدم تكرار ما حدث من قبل باشكال و الوان مختلفة في المرحلة الحالية . او على الاقل عليها العمل على بناء جدار قوي امام امكانية استغلال هذه الثورات من قبل القوى الراسمالية العالمية المصلحية لحد معقول . و كذلك بامكان من لم يكن له قدرة المشاركة في العملية السياسية بشكل كبير ان يبقى في حال التحضير، و خير له ان يكون في صف المعارضة الايجابية و هو يعمل على تهييج و اثارة الراي العام عند شعورها بانحراف اهداف الثورة او الانتفاضة و من ثم التمكن من استغلال الفرصة للتغيير المناسب مستقبلا .
5- القوى اليسارية في معظم الدول العربية تعاني بشكل عام من التشتت. هل تعتقدون أن تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلد عربي, مع الإبقاء على تعددية المنابر, يمكن أن يعزز من قوتها التنظيمية والسياسية وحركتها وتأثيرها الجماهيري؟
بعد ان انقضى اكثر من عقدين على التفريط و التشتت الكبير للقوى اليسارية بشكل عام، الا ان البعض منها تمكنت من اعادة تنظيم الذات باشكال و اسماء و مضامين مختلفة حتى قدرت على تقوية الذات و التجديد وفق متغيرات العصر و فرضياته . في الحقيقة، لازالت هذه القوى لحد الان دون المستوى الذي يمكنها من الانفراد في السيطرة على زمام الامور او ادارة الصراع بشكل يجب ان تقع لخدمة الطبقة الكادحة الى حد مطلوب. ان كنا صريحين، فان ثقل اكثرية هذه القوى في البلدان الثائرة لم يصل لحد ان يضعها في مرتبة القوى الرئيسية لاسباب و عوامل ذاتية و موضوعية معلومة للجميع لا تحتاج للذكر هنا . المرحلة بحاجة الى غض الطرف عن العديد من الجوانب السياسية و حتى الفكرية و بالاخص من الجانب الفلسفي و الالتزام بالنصوص الجافة، و لكن يجب ان يكون ذلك دون المساومة عن الثوابت التي لا يمكن ان يبقى اليسار الا بوجودها شكلا و مضمونا، كل ذلك من اجل النجاح و الانتقال بسلام لمرحلة مقبلة مناسبة للعمل الصحيح لليسار كما يتطلب، و لكن من الواجب معرفة التكتيك المرحلي المناسب و استعامله في الوقت المناسب كما هو المطلوب اليوم ما بعد الثورات الشرق الاوسطية، و عليه من الواجب على القوى اليسار و ما تفرضه عليهم ظروفهم و اوضاعهم هو التقارب و التجمع و التحالف حد الاتحاد مع القوى القريبة بعض الشيء منهم ، انه لامر ضروري و هو ما يفرض نفسه بشكل قوي ووفق ما تقتضيه ظروف و طبيعة و مميزات كل شعب على حاله في اي بلد كان . و هذا ما يفيد القوى العلمانية الديموقراطية على العموم و اليسارية بشكل خاص و يزيد من تاثيرهم و ثقلهم و يفرض الى حد ما ارائهم و كلمتهم و مواقفهم و يعزز من دورهم في العملية السياسية الفتية بشكل عام مع الابقاء على الخصوصيات و تعدد المنابر كما تفرض نفسها على الجميع .
6 هل تستطيع الأحزاب اليسارية قبول قيادات شابة ونسائية تقود حملاتها الانتخابية وتتصدر واجهة هذهِ الأحزاب بما يتيح تحركا أوسع بين الجماهير و أفاقا أوسع لاتخاذ المواقف المطلوبة بسرعة كافية ؟
في مقدمة متطلبات العصر و مايفرضه على القوى المؤمنة بالتغيير الدائم للحياة الانسانية هو الارساء على فكر مضمونه هو ان تعتمد على الدماء الجديدة الشابة المتمكنة و استغلال امكانياتهم في الفكر و النشاط و الفعاليات و القيادة و دون استثناء، استنادا على المساواة و ضمان حقوق المراة و استغلال قدراتهم في كافة المواقع و المراكز السياسية، و لكن المهم التفكير جليا بما تتطلبه الظروف العامة، فعليه يجب العمل في هذا الشان مع الاخذ بنظر الاعتبارما تفرضه المرحلة من العقليات السائدة على الالية التي يمكن ان يعتمد عليها في السياسة و ادارة البلاد، فلا يمكن اهمال الوعي العام و دور التجمعات و المكونات الشعبية المختلفة في الانتخابات العامة، اي التنسيق بين المفروض فكريا و سياسيا كنتيجة لما تعتمده الثقافة العامة و الراي العام و المقبول اجتماعيا و ثقافيا في ادارة القوى للحملات الانتخابية و مشاركتهم الفعالة في العملية السياسية في المرحلة الجديدة .
7- قوي اليسار معروفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها ودورها الفعال، كيف يمكن تنشيط وتعزيز ذلك داخل أحزابها وعلى صعيد المجتمع؟
يجب ان تكون الاحزاب و القوى اليسارية طليعية في مواقفها و افكارها و نشاطاتها و من ضمنها دفاعها عن حقوق المراة و دعمها اللامحدود لها في تسلم المكانة التي تليق بها كانسان و ما تفرض مساواتها مع الاخر لاستغلال امكانياتها في ابراز دورها الفعال على كافة الاصعدة، و هذا لا يعني ان لا تحتسب هذه القوى ما تفرضه الجماهير و عقلياتهم و مكونات الشعب و نظرتهم الى المراة و ما يخصها، لانهم العامل الحاسم في اختيار من يقودهم عبر صناديق الاقتراع و في هذه المرحلة بالذات بما يملكون من النظرة و العقلية الى المواضيع و منها المراة كتاريخ و ما اثر عليها . اي يجب التعامل مع ما يخص المراة عبر التنسيق و خطط و معادلات اجتماعية سياسية فكرية ثقافية بين ما هن فيه داخل الاحزاب او وهن من ضمن المجتمع كشيئين مختلفين، و ما يمكن ان يقمن به من الادوار المختلفة ضمن المجتمع او القوى اليسارية في هذه المرحلة و خاصة ضمن ما تتطلبه العملية السياسية بشكل عام . و هذا ما يفرض ان تتفهم المراة بذاتها ما لصالحها عند الاستثناءات نتيجة ظروف المرحلة و ما تتطلبه المستوى العام للعقليات السائدة و الافكار و نظرات مكونات الشعوب المختلفة اليها، و التي تحتاج للقوة و الامكانية و الوقت الملائم و الوافر لتغييرها و الوصول بها لحد يمكن ان لا تضر ما تكلف بها هي او تعكس عليها بالضرر و تعيد الكرٌة و بالتالي تضر هذه القوى المساندة لها بشكل مباشر، و هذا ما يقع في الضد من مصالحها و اهدافها هي بالذات.
8 هل تتمكن الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية في المجتمعات العربية من الحدّ من تأثير الإسلام السياسي السلبي على الحرّيات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والتحرر ؟
هناك طرق و وسائل عدة يمكن ان تحد بها القوى اليسارية من الافرازات السلبية لقوى الاسلام السياسي على المجتمع بشكل عام و القوى التقدمية بشكل خاص، و منها اتباعها الصراع السلمي العقلاني المقنع من كافة الجهات دون التشدد او التطرف و على كافة الاصعدة و بتركيز كبير و مكثف و دون هوادة و اهمها التوعية و التثقيف المستمر، و على كافة القوى المشاركة بها و استنغلال كل السبل لاداء الواجب الملقاة على عاتق النخبة قبل الجميع، و ما يمنع نجاح هؤلاء من العمليات السياسية عن طريق الاستناد على ما يوضحه و يحققه العلم و المعرفة و التي تفند مزاعم تلك القوى التي تسيطر اليوم للاسف على المجتمع بما يبرعون! من خيالاتهم و ما تساعدهم من الطبيعة الانسانية من الروحانية اضافة الى صعوبات الحياة في هذه المرحلة. و يجب ان تكون القوى الديموقراطية و اليسارية الحقيقة بنفسها المثال الحيوي الساطع للافكار المتنورة التي تحملها واستنادهم على ما تفرضه العلمانية و التحلي بالخصلات و الخصائص العلمية الجميلة و الصفات الاجتماعية المطلوبة من النزاهة و المصداقية و الصدق مع النفس ومع الشعب و عدم تاثير الصراعات و مغريات الحياة على اخلاقياتهم و مكانتهم و نظرتهم الى الطبقة الكادحة، و مدى ايمان المنتمين للقوى اليسارية و الديموقراطية بمبادئهم الاساسية، و اثبات ذلك من خلال العمل التطبيقي لكشف زيف و تضليل الاسلام السياسي الذي لا يهمه شيء للشعب سوى مصالحه و ما يمكٌنه من الوصول الى السلطة لتحقيق مرامه المعلن و السري . و هذا الهدف السامي يحتاج للاعتدال في العمل و الصراع، و على النخبة المثقفة التركيز على الخطوات الجدية و التعاون، و حتى يمكن الوصول الى اتحاد القوى و قراءة متطلبات ما تفرضه المرحلة و خصائص كل موقع توجد فيه تلك القوى اليسارية و الديموقراطية .
9- ثورات العالم أثبتت دور وأهمية تقنية المعلومات والانترنت وبشكل خاص الفيس بوك والتويتر..... الخ، ألا يتطلب ذلك نوعاً جديدا وآليات جديدة لقيادة الأحزاب اليسارية وفق التطور العملي والمعرفي الكبير؟
بدون شك فان التطورات التقنية تفرض بحالها في جميع النواحي على القوى السياسية كافة، و هذا ما يجبر تلك القوى على ايجاد عقليات تلائم و تفهم التغييرات ويجب عليهم التمازج بين مختلف المواقع استنادا على التقنيات السريعة التطور، و هذا ما يملي على القوى اليسارية و الديموقراطية العلمانية بالذات التي تتواجد في اي موقع و في تماس مع القوى الاخرى بالاخص ان تستغل هذه الوسائل و على الوجه الاصح و التي تكون لصالحها قبل غيرها، و هذا ما يفرض ايضا العمل على ايجاد او ابداع اليات مختلفة لما تتطلبه ظروف العمل من ما موجود من المساحة الكبيرة من المعرفة و التطور العلمي، و بحاجة ماسة الى التغيير و خاصة في القيادة التي تحتاج الى من تفاعلت في حياتها مع التطور التقني ،اي بحاجة الى قيادة من الدماء الشابة الجديدة التي ترعرعت مع التطور التكنولوجي، و خير وسيلة لافناد اداعاءات العديد من القوى الخرافية و الطوباوية التي لا تتلائم خطاباتها و عقائدها مع التطورات رغم محاولاتها المختلفة من التناسب و التلائم و التكيف معها قبل غيرهم و استغلالها لاغراض ليس في محلها و بعيدة عن مصالح الانسانية جمعاء .
10- بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن، كيف تقيمون مكانته الإعلامية والسياسية وتوجهه اليساري المتفتح ومتعدد المنابر؟
ان هذه المرحلة التي نمر بها، و منذ تفكك الاتحاد السوفيتي و تاثر كافة القوى اليسارية في العالم بها ، اوجدت متنغيرات مؤثرة على هذه القوى بالذات و ضعفت من موقعها و قوتها و ثقلها نسبة الى قوى اخرى مناهضة لها ، و هذا ما فرض في حينه و يفرض اليوم ايضا ايجاد طرق و ووسائل و اليات و افكار ملائمة و عقليات وسطية معتدلة مناسبة و متعددة المنابر لحين ايصال و الوصل الى الحقيقة الساطعة لدى الاكثرية من الشعوب عندئذ، و التي يمكن اعتمادها كقاعدة لتوضيح عمق و لب اليسار الحقيقي و ماهيته لكافة المكونات، و من بين المنابر الجميلة الواقعية القارئة لما فيه العالم و المنطقة من المتغيرات و التنوع و التاريخ و ما فرضته المتغيرات و ما الت اليه الشعوب نتيجة نهاية الصراعات الدولية بين القطبين الكبيرين لمرحلة معينة و انتقالها لها لمرحلة اخرى مغايرة تماما لما قبلها، هي الناحية الاعلامية التي تعتبر اليوم صلب الوسائل المؤثرة الهامة على العملية السياسية العامة من كافة جوانبها و بشكل قوي و مباشر . الحوار المتمدن كان في الطليعة في تلك القراءات الصحيحة للمرحلة و تعامل معها كما يجب و بعقلانية فائقة و رغم الثغرات هنا و هناك و ما يفرضه الواقع على اي وسيلة اعلامية في خضم عملها، و الفخر فيما ازدهر فيه هذا الموقع هو تحمله للصعاب و الاراء و المواقف المختلفة و تعامله الصحيح معهم رغم قساوة بعضها، فيجب ان لا ننسى ابدا دوره الفعال في استنهاض القوى و رفع المعنويات اللازمة في احلك ظروف القوى اليسارية التييمكن ان نقول بانها كانت منعدمة الوجود الى حد ما، و على ما اعتقد يجب ان تعتبر القوى اليسارية من هذا الموقع و دروسه و من مسيرته خلال هذه السنين المنصرمة و ما مرٌ به الظروف المختلفة و ما تلقى من الانتقادات البناءة و الهدامة على حد سواء، فالف مبروك لذكرى تاسيس الحوار المتمدن العاشرة.[1]