هل تعترف امريكا بحق تقرير المصير للشعب الكوردي
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3510 - #08-10-2011#- 19:12
المحور: القضية الكردية
يبدو حتى هذه اللحظة، ان تعامل امريكا مع القضية الكوردية لم يخرج من الحلقة الضيقة للسياسة التي تعتمده ضمن الحلقة الصغيرة التي تدور فيها سياساتها وفق ما تفرضه عليها مستحقات العلاقات الدبلوماسية مع حلفائها وما تهم الاطراف و خاصة ما تملك من الاصدقاء المختلفة التي تمسهم هذه القضة، و هي تكثف جهودها و ما تبديه من الاحتكاكات و التلامس مع جوهرهذه القضية بين حين و اخر على اساس كونها جزء من سياساتها الكبيرة، و التي يمكن ان تضيع فيها حتى الحق و العدل ايضا على من يملكه في المنطقة، و هي تفعل و تتعامل مع ما يخص الكورد بما تشاء هي عبر ما تهمها و ما يدخل ضمن مصالحها الجوهرية الاستراتيجية و علاقاتها المختلفة مع دول المنطقة، و ليس مع ما يمثل و يهم مكونات شعوبها. و لم تخرج مساحة عملها من المسيرة الحلزونية لاستخدام مصير مثل هذه الشعوب ضمن قوقعة ما تحتاجه المعادلات التي تتحرك من خلالها، وفق ما تلهف اليها من خلال التفاعلات التي تفرض نفسها عليها لتستخلص منها و تجد السبيل الى ما يكون ضمن الرقعة البسيطة او التي تجده و يمكن ان تشغل ما تفكر فيه هذه الدولة العظمى المسيطرة لحد اليوم على كافة اركان العالم امكانياته في الموقع الصحيح، مستندة على ما لديها من الوسائل السياسية الاقتصادية الثقافية العامة و ما تمللكها من المهارات او ما يمكن ان توصف بالحيل السياسية بعيدا عن العاطفة و ما يخص صميم حياة الشعوب المغدورة، بقدر ما يهمها مستقبل بلادها و تقدمها السريع و بقائها في الطليعة باي سعر كان، سواء كان ضمن حدود الاخلاقية في التعامل او السياسة القحة،كما هي الدليل الوحيد لمسيرتها من اجل ادارة الرقعة الارضية من الكون لحد اليوم .
هكذا فعلت امريكا لحد اليوم و كما معروف عنها عند شعوب هذه المنطقة على الاقل، اما بالنسبة للشعب الكوردي ليست اتفاقية الجزائر و ما راحت ضحية تلك الحركة التحررية التي خمدتها تلك الاتفاقية و ما كان لامريكا من الدور في توقيعها و توثيقها؛ من الارواح و ما خربت جراء الحروب فيها من البنى التحتية هباءا؛ دور قوي في بقاء الشكوك لدى الشعب الكوردي بسياسة امريكا، لم يقتنع اي فرد كوردي من عدم اشعال الضوء الاخضر من قبل امريكا في تلك الماساة و النهاية المحزنة بعد توقيع اللاعبين الكبار بجرة قلم نهاية حلم و مصير شعب منكوب ، لذا من حق هذا الشعب ان يفكر بان امريكا وراء مصالحها القحة في سياساتها و ما تسير عليه بخطوات ثابتة لم تهتم بما يحصل للاخرين من الغبن دون ان ترف لها الجفن، و كما اكتشف ذلك بعدما اعترف الساسة الكبارفيما بعد في السر و العلن .
اما اليوم و بعد التغييرات الكبيرة و الانتقالات الضخمة في كافة جوانب حياة الشعوب، و بعد ترسيخ المباديء الاساسية لتطلعات امريكا الثقافية و الفكرية و السياسية و فلسفتها المشهورة المعتمدة على ما تفرضه العولمة من التعايش و تقارب الشعوب، و ما تعلنه من النوايا السليمة على العلن على الاقل لاقرار الحقوق لكافة الشعوب المغبونة و تحقيق الاهداف المعلنة لهم و تقرير مصيرهم، و كما نشهد لها جميعا من الدعم اللامحدود في تجسيد السلم و الامان في العديد من المناطق بعد تقرير مصيرهم كما هو الحال في كوسوفو و جنوب السودان و التيمور الشرقية و دعمها المشهود لبعض الحركات التحررية، و اخيرا ما توجهت اليه من دعم الربيع العربي بشكل معقول، و كما يحسب عليها ايضا من القلق و عدم الاستقرار في بعض المناطق العالمية، و لا يعني تلك الايجابيات بانها لم تخترق الحقوق الانسانية هنا و هناك .الا انه لم يبق امامها الا قضيتين كبيرتين و مصيريتين في الشرق الاوسط، و هما القضية الفلسطينية و التي يمكن ان نعتقد بانها قد اخذت مسارا بعد تخمر حالتها و نضوجها و وصلت الى الحد الذي يمكن ان تحسم في غضون مرحلة زمنية معينة ،والثانية هي القضة الكوردية التي تتخبط و تتراوح في مكانها جراء ما تطٌوقها من الجهات التي تفعل ما تشاء لتبقى على ما هي عليه لانها الوحيدة التي لا داعم حقيقي و لاساند قوي لها الا ابناء الشعب الكوردي المعزولين و قوتهم في احقية قضيتهم التي لا تتحمل اي شك او غبار عليها .
فان كانت امريكا تهمها المصداقية و الاخلاق السياسي كما تدعيه هي في كل وقت، و تعلن بانها ليست كغيرها ، فعليها ان تجد بين المصالح التي تعيق خطوها المطلوب في حل القضية الكوردية نهائيا، ان تجد ثغرة بين كل هذه الاعشاش الملغومة لتامين حياة هذا الشعب و وصوله الى ما ضحى من اجله اكثر من اي شعب اخر بمرات عديدة كما يعلم الجميع .
عند قراءة ما تضمنه المعادلات الخاصة بمنطقة الشرق الاوسط و ما يجري فيها و موقع اللاعبين المؤثرين في تسيير القضية ، ليس هناك اي مانع قوي او ما يمكن ان نعتبره من المستحيل و الذي يمكن ان يذكر بانه يمنع تحقيق ما يتمناه الشعب الكوردي الذي يناضل منذ عقود من اجله في هذه المرحلة التي تجري فيها اعادة صياغة الامور و ترتيب الارضية ومواقع الموجودين فيها . لن تستقر المنطقة بالحلول الترقيعية و التكتيكات السياسية و الخطوات المؤقتة في تغطية المطلب الاساسي لهذه القضية الذي ضحى الشعب الكوردي بكل صغيرة وكبيرة من اجلها، كالتي تحاول الاطراف القامعة فعلها و ابعاد الانظار عن جوهر القضية ذاتها .
الشعب الكوردي منقسم بفعل فاعل خارجي على الدول التي يعلم الجميع كيف انبثقت و معلوم ظروف تلك المرحلة و ما احتوت من الاتفاقيات و المساومات و المصالح الضيقة للدول المسيطرة و القوية في حينه لصنع تلك الحدود المصطنعة (و التي سمنت من خيراتها) و هي تدير من وراء الكواليس و الموالين ما لمصلحتها لحد هذه الساعة .
ان كانت نظرة امريكا الى ما يحل قضية الشعب الكوردي ضمن الحدود التي تجزا عليها و كل محاولاتها ضمن ما تصر عليه وهو ايجاد الحلول من مراكز تلك البلدان، فان هذا التوجه يدل على عدم الالمام بجوهر القضية او انها لم تهتم بهذه القضية و ليست من اولوياتها او استراتيجياتها الحيوية كما تدعي، لان الظروف الاجتماعية الثقافية السياسية التاريخية وطبيعة الفرد و سمات شعوب المنطقة ليست بمساعدة في ايجاد الحلول و ضمان الطريقة الملائمة لتعايش هؤلاء مع البعض و الاقتناع بالمساواة و تطبيقها و تكافؤ الفرص بين الجميع و ضمان الحرية و الديموقراطية المنشودة، بل ما تمتلكه الشعوب و تتسم به هو الاستناد على نفي الاخر و اقصائه عندما تمتلك القوة الدافعة لذلك ،اي عندما تكون هي السائدة، لذلك يبقى هناك شعب سائد و اخر مسيود طالما سيطرت الافكار و الايديولوجيات الفاعلة الموجودة لحد اليوم ضمن مسافة معروفة من الثقافة العامة، و ما تسيطر على السلطة التنفيذية من الجهات مهما كانت تقدميتها و عصرنتها فانها ستنكر حقوق الاخر ، فالعقليات تحتاج لقرون لتتغير و تصل الى ما يمكن ان تؤمن بها حقوق الجميع بشكل متساوي .
لذا، و بعيدا عن الكلام فيما تتطلبه المصالح الضرورية للقوى العظمى، و انطلاقا من الاخلاقية التي تدعيه امريكا و ما تعلنه لما تنويه و تتمناه لحياة الشعوب، فان الضمير الحي و حتى المصالح البعيدة المدى تفرض عليها مساعدة الشعب الكوردي في تقرير مصيره، و بالاخص نحن نشاهد التغييرات الواضحة و الشاملة في الخارطة السياسية لهذه المنطقة التي لا يمكن ان تتقبل ضمنها شعوبا مغدورة بعد. و بعدما تلمست الشعوب المحدقة من بعيد لما تفعله الايدي الامريكية من بناء الكيانات الجديدة المستحقة التي قُمعوا لعقود في كافة انحاء العالم فان الشعب الكوردي ازدادتفاؤله و انتعشت اماله بمستقبله المضمون.[1]