تنبهوا للشوفينية الجديدة في بغداد ايها الاحرار
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3496 - #04-09-2011# - 19:28
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
بعد تفاقم الاوضاع الامنية بين حين و اخر، و يخرج علينا احد منهم ليصدر ما يفرض عليه ثقل الاخفاقات التي تواجهه من حل الازمات الى مكان بعيد عنه، و ينسى الاسباب الحقيقية وراء ماهو عليه العراق اليوم، و مدى احتياجه الى الحلول الجذرية للقضايا الشائكة التي يعاني من عقدتها الجميع، سواء هذا البعض الذي فقد الذاكرة او لم يعد يتذكر شيئا مما اقدمت عليه الانظمة السابقة في العراق و ما كانت اشدها الدكتاتورية السابقة و اوصلت البلد الى الجحيم، و هو يعاني لحد اليوم من عمق المشاكل المستعصية فيه ،لانه غير اصيل و ورد طارئا على هذا البلد او لم تصل ثقافته و امكانياته و عقليته لحد يمكن الاعتماد عليه لايجاد الحلول لما هو عليه العراق الذي ليس له مثيل في كافة جوانبه . ان كان هذا واعيا و يتقصد ذلك و يستفيد من تكرار الازمات و ابقاء الحال على الحلول المؤقتة غير الجذرية كي يستفيد من الوقت، او لم يعلم بانه و مواقفه و عمله يصب في خانة وهو ينفذ بها ما اعتاد عليه من كان قبله و لم ينجح، فهذه مصيبة كبرى للشعب العراقي اجمعه . الواقع العراقي و تركيبة شعبه الموزائيكي المتعدد الاشكال و الانواع هو الذي فرض عليه الاصطفافات المتعددة، و هو يمتلك هذا الوعي وهذا المستوى من الثقافة العامة الموجودة . اذن الصراع نابع من الاختلافات الجوهرية بين هذه المكونات المتعددة العرقية و الدينية و المذهبية مهما تنصل البعض من قول الحقيقة ، و قول الحقيقة و العمل بها هو المنفذ الصالح لايجاد الحلول مهما كانت المشاكل و كيفما كانت .
لم يعد العراق لحد اليوم بلدا مؤَمٌٌَنا و مكفٌَلا فيه حق المواطنة الصحيحة من كافة الجوانب، و العيش و العلاقات المختلفة بين ابناء شعبه اعتباطية ، فطبيعة المجتمع و الموقع الذي فيه و السلطة الموجودة ومنها التي كانت سائدة من قبل ايضا لا تبشر لنا بان نصل الى مصافي حتى الدول النامية من هذا الجانب في المستقبل القريب . مهما كان شكل و جوهر النظام و ما يدعيه على الورق و ما يعبر عنه مدعيا استناده على الدستور، فان السلطة التنفيذية تتكور و تتجمع بيد جهة او حزب او شخصية متنفذة و لم تسلم هذه المواقع من اصحاب النرجسيات ، و هم من يمكنهم الوصول اليها لامتلاكهم هذه الصفة و ما يستخدمونها من اجل تحقيق ما يدفعهم الى ما يريحون به نرجسيتهم مهما ادعوا الديموقراطية و المساواة و ضمان حقوق الجميع على العلن، اما بقية السلطات فتنظر من بعيد مهما حاولت من فرض اشياء شكلية ربما، و هذا ينطبق في الشرق و ما فيه من امتيازات السلطة التنفيذية الاتية من انعدام المؤسساتية و سيادة القانون . و الا لماذا كل هذا التلهف على السلطة التنفيذية دون غيرها و ما نلمسه من الخلافات و انعدام الشفافية و استشراء الفساد و الاغتيالات و الموالاة المتعددة للجهات المختلفة و تنفيذ المطالب الخارجية .
نسمع بين فينة و اخرى اللحن ذاته و الموكب سائر على النمق نفسه في بحث القضايا الحساسة ، و نرى و نلمس بشكل مباشر ما يعيق الحلول الجذرية، ويكون الاعتماد على التكتيكات بدلا من التوجاهت الاستراتيجية، و شاهدنا كم من ازدواجية في التعامل من قبل جميع الجهات المتنفذة، و لمسنا منهم اعادة النظر في المواضيع الخطيرة التي تمس مصير النظام و مستقبل اجياله و مكوناته و نظامه السياسي و الديموقراطية و الحرية المدعية، و التي ادعتها الجهات نفسها قبل تراجعها، ليس لشيء و انما الجهة او الحزب او الشخصية الكاريزمية تهمها المسار بعينه وفق هواها او ما يضمن مصالحها الايديولوجية العقيدية سواء الايديولوجية كانت ام الدينية او المذهبية الضيقة .
هناك من يفعل فعلته و ينكر ذلك على الملا و ينهي عن خلق و ياتي مثله، لان المعادلات فرضت عليه الانكار و عدم الصراحة و اخفاء ما يؤمن و ما يعتقد و يعمل عليه سرا. لازال العزف على جميع الاوتار باقيا على النمط ذاته لحد اليوم و ان استقوى طرف بدولة او نظام خارجي فليتذكر مجريات التاريخ و ما مر به العراق و لم يفده حبيب اليوم ربما غدا، لان المصالح تنقلب و السياسة التي تسير على ما كانت سائرة بالامس القريب، المتدخلون لم ببقوا على الثوابت التي يضحوا من اجلها و هم من يدعون التزامهم بها مرارا، اقرار حقوق جميع المكونات و باسترضاء الجميع اسهل و اقصر طريق لضمان استقرار و امن العراق، و لا يمكن ان تستمر الحالة على التلطيف المؤقت للاجواء دون ايجاد الحلول الجذرية و تامين الامن و الاستقرار المنشود بشكل دائم، و من كانت استراتيجيته مبنية على ضمان حقوق الجميع و اقرار ما يعيد لمن يستحق ما يحق له لم ينل في سياسته و توجهاته غير النجاح و رفعة الراس، و من استند فقط على تكتيكات لتحقيق غايات و نوايا في غير محله و عكس ما يعلنه ولا يحقق الحق لم يذق طعم النجاح في حياته الخاصة و العامة ، كما يعلمنا التاريخ .
و عليه ، يجب التذكير لمن تفيده الاعادة، ان المركزية هي داء الانظمة المتتالية منذ تاسيس الدولة العراقية بالشكل المعلوم و ما كان المسماة بالاستعمار مخططا و بانيا و مؤسسا و منفذا لها دون ان ياخذ براي مكوناته و اطيافه المتعددة، و لم يسترح العراق حتى سنوات قلائل منذ ذلك التاريخ، و عليه ايضا، الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتق جميع الاطراف و بالاخص المتنفذين الذين تطبع لمساتهم على تحديد مستقبل و سعادة و رفاه الشعب و ضمان استقراره يُفرض عليهم ان يحتكموا الى العقلانية بعيدا عن كل العواطف و التعصب لتامين حقوق الاخر، فان لم ينجح التعصب القومي في فناء الاخرمن قبل رغم كثر مدعيه فلن ينجح اي تعصب اخر و منه المذهبي و العقيدي ابدا في تحقيق اي هدف كان، و ان لم تنجح الدكتاتورية في العمليات العسكرية السيئة الصيت و ما اقدمت عليه من الابادة البشرية و الجرائم المختلفة و ما تفننت فيه من التضليل و الخداع و اللعب على اوتار متعددة علمانية كانت ام دينية، و ما اقدمت عليه محاولة فناء مكون رئيسي لهذا الشعب و لم تتمكن مهما كانت تمتكلك من المال و الداعمين من كافة انحاء العالم فكيف باحد جديد او جهة نافذة الصلاحية و صاحب خلفية ما ان يحقق مرامه بسهولة. المهم هنا التفكير الصحيح و التامل العميق بعد الاعتبار من التاريخ و ما احتوى، فلم يبق امام الجميع الا الشعب بكل مكوناته و هو الذي يجب ان يدلي بدلوه في كافة القضايا، و يجب ان يكون الدستور هو الحكم و المرجع و الامر الحاسم، و تكون كافة الطرق مفتوحة عندما تكون النية صافية في اقرار حق الجميع دون استثناء.
فان كان الشعب الكوردي و كوردستانه موزعا بين الدول الاربع، هذا لا يعني انه يبقى تحت رحمة هؤلاء كما اُستعرب و اُستفرس و اُستترك و قطعت من اراضيها مساحة لا تستهان بها من جغرافيتها في كل عقد و سنة، و بقت طوال حياتها شامخا لا يلين عزمها،و الشعب الكوردستاني ماضي في تحقيق اهدافه و اقرار حقوقه مهما بلغت استعداء مصارعيه من الجنون و مهما استقوت او اتخذت اعداءه من الشعارات المضللة .
كوردستان معلومة الشكل و المظهر و المساحة و الجوهر و الطبيعة، و حدودها معلومة للجميع و بقت صامدة لم تزلها العواصف و المؤثرات الطبيعية لالاف السنين، و ان غدر بها من غدر لعقود و استقطعت منها اجزاء فلا يمكن ان تستمر الحال ، و ستعيد ما اغتصب منها ،هذا ما يفرضه المنطق و العقل.
و عليه، نسمع بعد كل خلاف سياسي، من ينبري ليكون الا هو من يهف في البوق و يزمر بعد ردود افعال حول ما يعلن من الحقوق الطبيعية للشعل الكوردستاني، و نسمع اصواتا نشزا تعبر عن جوهر تفكير من يتثعلب على الشعب و يحض الاخرين على النعيق، و لكن العصر الجديد و المتغيرات لم تدع المضللين مخفيين الى الابد و لن يتمكنوا من تنفيذ مخططاتهم الغشيمة معتمدين على ما مرُ عليه الزمن من التوجهات و الافكار التي لم تكن صالحة في النفاذ في وقته فكيف بها اليوم.
هوية العراق يبنيها و يقرها شعبه، بجميع فئاتهم و مكوناتهم المتعددة بحرية و ديموقراطية، لذا على الساسة و من يلف حولهم ان ينظروا الى ما قبلهم و يبنوا افكارهم و اعتقاداتهم على الواقع الجديد و يتعاملوا مع القضايا الحساسة بتعقل و انسانية كي لم نعد عقود اخرى من الماسي و الويلات على جميع فئات هذا الشعب العراقي المغدور.[1]