فلتكن الثورة السورية مستقلة و لا ثقة باردوغان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3486 - #14-09-2011# - 14:56
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
من يسمع الرئيس الوزراء التركي اردوغان كما هو حاله بانه لن يفوٌت مناسبة الا و ينبري كي يسمع العالم ما يريد و يتمادى كثيرا في تصريحاته و ما يعلنه من المواققف المتضخمة اعلاميا، ينخدع بانه قائد محب للسلام و الانسانية و لا يعتبر لاي مصلحة الا و يضع فوق كل شيء السلام و المحبة و مصير الشعوب المقموعة، و ان لم يعلم احد جوهر السياسة التركية سوف يعتقد ان هذه السلطة تعمل ما تعلن و تريد كسب ود المجتمعات و ثقة الشعوب و هي صادقة في ما تجهره على الملا من دعمها للثورات و التحرر، و لا يمكن للشعوب ان يعتقدوا بان هذه المواقف سطحية براغماتية قحة، الا اننا هنا نريد ان نعيد الى الذااكرة مواقف و تصريحات و تعاملات هذه السلطة ازاء ما تجري على الساحات المختلفة في الشرق الاوسط، نقول، الم يتذكر الجميع مواقف اردوغان المتضادة وما توهم سلطته المتنفذة العالم و ما يفعله في السر من خطوات مثيرة و محيرة حيال الثورات المختلفة في منطقة الشرق الاوسط، ومن جانب اخر نلمس مدى تردده في اعلان فحوى الخطوات المطلوبة ازاءما يهم الثورات و تراجعه عما ابداه فيما بعد و تنكشف من الاراء المتناقضة، من مؤيد صلب على العلن و في الاعلام فقط احيانا و من ثم التهافت على ما يضمنه مستقبل تلك التغييرات لبلده، لذا لو دققنا قليلا فيما مضى خلال هذه الاشهر القليلة فقط، اننا نكشف لمن يشك بان ما حصل من التغييرات المفاجئة لهذه السلطة ازاء الثورات من معاد و مناويء لها الى مؤيد و مدافع في لمحة بصر . و المراقب تابع مدى تغيير منحنى السياسات التي تتبعها تركيا ازاء المتغيرات اليومية على الارض في هذه المرحلة بشكل واضح . الم يلاحظ الجميع مدى الازدواجية و التناقض في مواقف و سياسات تركيا من مجريات الثورة في سوريا بشكل خاص و كيف استغلتها السلطة التركية لتحقيق اهدافها، هل تسليم المعارضين السوريين مقابل استلام المعارضين الترك و بالاخص من الشعب الكوردي يتلائم ما ما تدعيه من الانسانية ، الم تتنافى هذه التصرفات و السلوك مع ابسط القيم التي تعلنه لمن يسمع اليها. هنا يجب ان يتيقن الجميع من نظرة هذا النظام الى ما تمر به المنطقة من التغييرات انها تكون وفق ما تفرضه حساباته التي تفرض نفسها، وهذه الحسابات العديدة التي تفرضها الاستراتيجية التركية بعيدة كل البعد عن المباديء و القيم و المفاهيم الانسانية ، و كل ما يمت بصلة بتلك المواقف هو استغلال لما يجري من اجل التفوق في صراعاته المحتدمة العديدة و المختلفة الاتجاهات و الاطراف و منها داخلية و خارجية، ولضمان نجاح ما استهله من التوجهات الجديدة للمنطقة، فعليه يجب ان نتوقع دائما ان اردوغان يغير باستمرار نغمة تصريحاته وفق ما يتابعه على الارض السورية اولا و الموقع الذي يتواجد فيه و المواقف الدولية من هذه القضايا و مقدار ربحه المادي و المعنوي ، و ما يسهل له اتباع ما يكمل له خطته التنموية بمساعدة اقتصاد و قدرات دول المنطقة ثانيا. الم نسمع منه وهو رئيس لحزب اسلامي معلوم الفكر والعقيدة و الايديولوجيا و لا تمر مناسبة الا و يعلن عن توجهاته و رايه و مواقفه المعلومة استنادا على البراغماتية التي تفرض نفسها عليه و ليس لتلك المفاهيم التي يجب ان تكون من اولوياته ان صدق مع ما يؤمن، فهل من المعقول ان يطلب حزب اسلامي الفكر و النشاة كما يعلنون من بلد ما ان يكون نظامه علماني ،يا لهذا التناقض و مستوى و شكل التعامل مع ما تتطلبه مصالحه السياسية النفعية في هذه البقع المختلفة و الثورات المتتالية.
ربما يكون هناك بعد، من يعتقد ان السياسة التركية مبنية على المباديء الاساسية لحقوق الانسان و الشريعة و الدين متمازجا مع ما تفرضه متغيرات العصر، و كأنما تستند على ما تفرضه الاسس و الركائز الاساسية لما تدعيه من المحبة و السلام للجميع و التاخي و المساواة و العيش الرغيد لكافة الشعوب و هي تضلل به من يفكر بسذاجة في جوهر سياسة هذه الدولة و لم يعلم تاريخها و ما يتضمن، و ربما يتخيل البعض انها تخطو وفق تلك القيم التي تؤمٌن حياة الشعوب و تضمن امنهم و استقرارهم و هي تناضل من اجل العدالة الاجتماعية و خير الشعوب، و لكن عند التمعن بدقة و جدية في الخطوات التي تتبعها في سياساتها اليومية و مدى توغلها في الطرق الملتوية و تمسكها بالحيل و الخدع السياسية حتى حيال ما تعرٌفه و تسميه هي بشعبه التركي الاعزل، و عند تسليط الضوء على ما تفعله اليوم ضد الشعب الكوردي و حركته التحررية و اتباعها للطرق الملتوية و كل ما لا يمت بالانسانية بشيء سيثبت للجميع انها تفعل عكس ما تعلنه على الملأ . و بذكر السبب سيبطل العجب المبدى من من هو منتشي من التوجهات السطحية لهذه البلد، و ربما يقتنع من لم يعلم سماتها لحد الان .
و عليه، يجب ان نتوجه الى الشعب السوري المناضل و هو يدفع بكل ما يملك و يضحي و هو يسير وسط بحر من الدماء ، نقول له ان لا يعتمد على الكلام المعسول الصادر من انقرة و الذي يمكن ان تغير مسارها و هي تفعل عكس ما تعلن تماما و تتراجع كليا عما تعلنه في لحظة مفاجئة لو تطلبت مصالحها السياسية كما هو المعلوم، و ان فرضت عليها المعادلات ذلك فتضرب كل القيم عرض الحائط في وهلة من الزمن .
اننا متيقنون تماما بان الثورة السورية ستنجح بارادة الشعب السوري الذاتية و همته و ستكون انظف ثورة حديثة التي يستقيها هذا الشعب بدمائه الزكية الطاهرة ، لانها تكون ملك الشعب الصرف و لا يشاركه احد في اكمال خطواته و دون اتكال على احد، و لهذا ستكون ضمائركم مستريحة حية، و به تكون الطريق الى الهدف و الغاية المنشودة قصيرة جدا، فامنعوا عن المتدخلين اعاقتكم .
اما عجبي في هذه المرحلة ليس من الشعب و انما من بعض السلطات و المتابعين و المراقبين و الساسة وهو تصديق ما تدعيه تركيا حول حقوق الانسان و حق الشعوب في تقرير مصيرها و اتخاذها للقضية الفلسطينية ورقة و شماعة ، و العلم الاسرائيلي يرفرف منذ حقبة ليست بقليلة في سماء انقرة و التعاون الامني السياسي الاقتصادي العسكري و التنسيق المعلوم بينهما مكشوف، و كما يعلم المواطن البسيط ما يفرضه حلف الناتو على تركيا في السر و العلن، و به تتداخل المصالح المتبادلة و لن يسمح ما يفرض نفسه على هذه الاطراف المقاطعة بين البلدين، و الخطوات تكون نابعة من ما تفرضه الاستراتيجية على البلدين و راعيهما ، و بهذا من المؤكد ان تذهب التكتيكات التي جعلت بعض دول المنطقة تعيش في نشوة الحب التركي و دعمها لقضيتهم الرئيسة تذهب ادراج الرياح بين لحظة و اخرى، و ستكون تركيا الساند القوي لاستقرار اسرائيل قبل غيرها مهما وصلت تلاسنهم الى الاعلام و تظاهروا غير ذلك، و هذا عتاب العشاق .
من المفيد ان نعيد الى الاذهان بان من يقمع و يقتل و يسفك دماء شعبه لا يمكنه بتة ان يدعم تحرير شعب مقهور اخر مهما ادعى ما لا يؤمن في قرارة نفسه ، و الاحداث تمر بسرعة و سنلمس النتائج اليوم او غدا، و غدا لناظره قريب.[1]