الصحوة المتاخرة لبعض حكام العرب تجاه الثورة السورية!!!
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3456 - #14-08-2011# - 22:14
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
منذ اشهر و تسفك الدماء الطاهرة و تباح الاعراض، و لم تبق وسيلة عنف و قمع الا و استعمله النظام السوري ضد شعبه البريء من اجل اخماد الثورة و اطفاء الغليان المستمرة بهمة و عزيمة لا مثيل لها في التاريخ السوري، و التي شملت كافة المدن و تشارك فيها كافة المكونات دون استثناء، و ما قدموه من التضحيات يستحق الفخر و الاعتزاز به اكثر من اية ثورة اخرى في المنطقة نظرا لبشاعة هذا النظام الشمولي الدكتاتوري التي لا مثيل له في هذا الوقت سواء في الدول التي اندلعت الثورة و حدث التغير فيها ام تنتظر، و هذا الصمود البطولي افهم النظام القمعي محال بقاءه و لا يمكن ضمان افلات رموزه من العقاب التي تنتظرهم، و ادركوا جيدا ان الطريق اصبحت مكشوفة بشكل امثل و الافاق معلومة و ان النجاح ليس الا مسالة وقت فقط، لذلك لم استباح ابخس ما تمكن منه و لم يطفيء لهيب الثورة . ما يتحمل التحليل و التاويل و الكلام الكثير هو بيان و وضوح المواقف الجديدة التي نطق بها بعض الحكام و الانظمة العربية ، موضحين ذلك على انه من الواجب الانساني الذي يفرضه عليهم عقائدهم و افكارهم كما يدعون على العلن، و كان من الاجدر ان يستانفواتحركاتهم و ان يبدوا تلك المواقف منذ بداية اندلاع الثورة، لو كانت نابعة مما تفرضه تلك القيم حقا، و ليس بعد هذا الوقت الطويل و هذا النهر من الدماء . ليس لنا الان ان نتكلم عن احقية هذه الانظمة التي برزت صحوة ضميرها في تاخرها لحد اليوم لاسباب قاهرة، و كان الاجدر بها قبل هذا الاعلان ان يلتفتوا هم ايضا الى شعوبهم في هذا الخصوص و الاسباب التي ادت الى هذه الثورات موجودة في بلدانهم و ربما بنسبة اكبر. هم يخنقون شعوبهم و هم جاثمون على صدورهم موصدين ابواب الحريات العامة التي هي اساسا حقوق بدائية لاي شعب كان، دون ان تكون لهم يد او راي في اختيارهم لهذا الحكم الطويل الامد ، الوقت يفرض على الملمين بالثورة السورية النظر الى القضايا العامة و ما يخصهم من زوايا عدة بحيث يمكن ان ننتظر تسلسل هذه الاحداث و الثورات الى كافة بقاع المنطقة اليوم كان او غدا، لذا، محاربة الاشرار اينما كانت تقع لصالح الانسانية و مستقبل الشعوب كافة . و يمكن ان تُشكر هذه الحكام على ما ابدوه اليوم من هذه المواقف من باب التكتيك الا انهم يستحقوق الاستئصال كما هو النظام السوري ايضا و يستحقون ان يحاكموا على ما هم عليه من ظلم المستباح لكافة فئات شعوبهم باسم العقيدة و المصلحة والحجج الواهية الاخرى .
لكن ما يمكن تفسيره الان رغم وضوح التناقضات في المواقف المختلفة من قبل الجهات ذات الصلة، هو توضيح الاسباب الحقيقية فيما وراء هذه صحوة الضمير المتاخرة ! و الاحساس بالقضايا الانسانية التي تذهب ضحيتها يوميا عشرات من الانفس يوميا، و كما يعلن هؤلاء الاطهار ان للنفس الواحدة قيمة تضاهي اموال الدنيا، و به يجب ان تُقطع الطريق امام الاقتتال اينما كانت، فما بالك ان كانت غدرا و هدرا في اي مكان كان في العالم، و بالاخص المغدورين من ابناء جلدتهم الاصلاء .
لكل موقف يتوضح و يبان اسباب و موجبات،نتيجة اشتداد الاحتجاجات اكثر فاكثر، و اثبت الشعب السوري شجاعته باستمراره على ما يقدم عليه يوميا من التضحيات ، و لم تبق حجة منطقية لاي كان وهو ساكت ينتظرخمود الثورة، و يمكن ان نعتبر ان المواقف التي انتجت ما تعتبر العوائق الاقليمية و الدولية هي التي اطالت من عمر الدكتاتورية السورية لحد الان، و اعتقدت هذه الانظمة الصاحية اليوم بان النظام السوري يستطيع ان يخرج من عنق الزجاجة كما فعل مرات من قبل، و اعتقدوا عندئذ يصعب التعامل معه، لذا كان ترددهم من الجانب المنطقي معقولا في الايام الاولى و ما انتظروه ايام الى ان وصل الى اشهر و لهبت النيران بشكل اقوى خلال هذه الايام بعد ان تاكدوا ان الثورة مستمرة مهما حصل، احرج هؤلاء و هم يتمنون في قرارة انفسهم سقوط النظام السوري اليوم قبل الغد لكونه في المحور الاخر من الصراع الاقليمي و هو غير مرغوب به اقليميا و دوليا و الحكم بيد الفئة التي لا يستحبذونها ، و لهذا يمكن ان نعتبرهم بانهم كانوا مضطرين على عدم اعلان ما يجول في خلدهم تجاه هذه الاحداث بشكل واضح و علني و مباشر، و لاسباب سياسية اخرى ايضا.
لا نريد ان نتكلم عن ممارسات و سياسات بعض الدول التي تبدي ارائها و مواقفها و تتغير وفق الاحداث اليومية و ما تفرزها، و انهم يرسمون سياساتهم اليومية وفق توجهات معينة و منحنيات تعاملهم مع الثورة السورية في تصاعد و تنازل مستمر استنادا على ما يتعلق بشؤونهم الداخلية و علاقاتهم العالمية، بل جل كلامنا هنا على الدول التي سكتت دهرا و لم تنطق بوضوح ما تؤمن به او ربما تعمل سرا عكس ما تعلن و تتمنى ان تسير الامور وفق ما تصبوا اليه و ما تفيد مصالحها الاستراتيجية ، كالمملكة السعودية و نظامها المحافظ الكابت لابسط الحريات بشكل اعم فيها . بعدما تيقن هذا النظام من عدم عودة عقارب الساعة و الاوضاع السورية الى ما كانت عليه قبل الثورة، و بعد تناول هذه القضية مع راعيته الكبيرة،غير من مسار توجهاته و نطق بما كان من المفروض ان يبديه منذ البداية، و لكن تردده و دراسته للحال وفق مصالحه اطال من سلبيات القضية و ازداد من سفك الدماء و ادخل الوضع في نفق ضيق و في معادلات معقدة متشابكة ، و كان من المتوقع ان تتدخل القوى العالمية العظمى المترددة وان توقف بشكل مناصر لقضية الشعب السوري او على الاقل كانت تقف على الحياد و ليس كما شاهدناه في هذه الاشهر، و اخيرا غيرت من مواقفها وكما فعلت في الثورات الاخرى تدريجيا . ان الصحوة المتاخرة لهذه الانظمة المتزمتة كدول الخليج ليست لها منطق مقنع بقدر ما يمكن ان تعتبر استجابة للضغوط المختلفة من قبل الجهات العالمية مع استمرار الثورة الذي يجبرالمراقبين على ابداء الراي و هم يفرضون الاعتزاز بهم و احترامهم على الجميع .
على الجهات المعنية بالثورة السورية ان تستثمر المواقف الجديدة بشكل جيد و لا يمكن الاعتماد عليها كليا، بل كل ماهو الانسب لهم هو الاستناد على الذات و توفير مقومات استمرار الثورة بكل ما يمكن العمل عليه داخليا مع استمرار الضغوط و الحركات الشعبية و الدبلوماسية في خارج البلد، و ربما تختصر هذه المواقف من الطريق للوصول الى المبتغى، الا ان الجهد الاعظم يقع عليهم بانفسهم و ليس غيرهم ، و هذا هو المطلوب اليوم، و يمكن ان يحوي الغد من الاحداث التي تغير بها وجه المنطقة بشكل كامل و شامل.[1]