هدر الفرص الموآتية في سوريا خط احمر
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3437 - #25-07-2011# - 19:39
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
بين فينة و اخرى و يخرج الينا احدهم ليهدد و يوعد و يقذف و يقدح و يشتم و يسب على توجه او موقف اتخذه شعبنا او احدنا ، وكما هي عادة مثل هكذا اصناف، و هو من يدعي المعرفة بكل صغيرة و كبيرة في الحياة و ربما لا يعلم في هذا الجانب وهو في جهله غارق، و يرغم العديد منهم انفهم في بعض الامور و هو يفكر و كان الحق عنده بشكل مطلق، و الامرٌ من ذلك انهم لا يعلمون بانهم يعيشون في هذا العصر و القرن المتسم بالانسانية اكثر من غيره و هم لايزالوا يفكرون بعصبية الحقبات الغابرة، و الادهى في افعالهم انهم يدعون الديموقراطية و الحداثة دون ان يعلموا بانهم يفكرون بعصبية قحة و هم يتشدقون بانهم متعلقين بالمفاهيم الانسانية و حق الاخر في الحياة و تقرير المصير، و عند الاختبار يوضح لدينا معدنهم و ما هم فيه من العقلية و الجوهر .
ماذا تعني المواطنة الحقة في بلد لايزال يعيش تحت سطوة حلقة ضيقة من الحكام و الحزب الواحد و هو ينكر حتى التجنس لمن يعيش على ارضه منذ عقود او قرون، لو نقارن هذا باية دولة التي ذكرها المنتقد العظيم!! في سياق مقارنته و هي تهب الجنسية لمن هاجر اليها و عاش على اراضيها على الاكثر ثلاث سنوات فقط، ماذا يقول، و هنا لا نريد ان نقارن العقلية التي تدير هناك، و مدى المساواة و الافكار و العقائد الموجودة هنا و التي تعيق المساواة و حتى الاقتراب من البعض في اكثر الامور، ونتيجة ذلك ان المواطنة المنشودة من قبل العديد من المتنورين و الشعوب المغدورة تذهب ادراج الرياح .
فهل هناك من اوجه المقارنة بين دولة مثل سوريا التي تلصق باسمها عقيدة و صفة القومية مع بريطانيا و اسبانيا و كندا و امريكا من كافة النواحي، و هل يعلم هذا ان القناعة التي كانت لدى المواطن الكيبكي بمواطنته لدولة كندا و المساواة التي يتمتع بها هي التي فرضت نفسه عليه ان يختار (هو بنفسه لا غيره) البقاء ضمن دولة كندا خلال استفتاء عام و ليس فرض البقاء بالحديد و النار كما هو الحال هنا ، و كما يعترف العديد من المتعصبين انفسهم بان الانظمة التي تسيطر على هذه الدول دكتاتورية حتى النخاع و هي ان كانت تغدر بالاكثرية فما بالك بالاقلية كما يدعي هؤلاء، ايها الكاتب المخضرم !! وانت تطلب الالتزام بالهوية التي لم تمنح له لحد اليوم، و كأن مهام الاكثرية تجريد الاقلية من هويتها الخاصة، هذا من جانب، اما من جانب اخر فانه لا يمكن تقييم الوضع على ان الكورد اقلية، لانهم جزء من الامة و انقسمت بين تلك البلدان و يملكون من السمات التي تعلو حتى عن الاكثرية في تمتعهم بوجود كيان خاص بهم، و لا نريد هنا ان نبالغ كي لا ندخل خانة العصبية و الانحياز كما يفعل طلاب الانصهار للكورد .
المغفل و الاحمق هو من لم يقرا التاريخ جيدا و لم يتفاعل مع المستجدات و لم ينتظر ما يستحصله من الوضع الجديد و مابعد التغييرات المؤكدة لما بعد الثورات، اي يخلط بين تقييم ما يهم العام بما يفكر هو فيه و ما يعتنقه و ما يقع لمصلحته الخاصة في هذا الوقت الذي يريد له موطيء قدم لما بعد ما يؤول اليه الوضع في سوريا، فان كانت هذه صفات من يعتبر نفسه مثقفا و من الجهابذة ! فما بال الجهلاء و الذي يعترف هو بذاته بوجودهم كثيرا في دولته في اكثر من مكان .
اضعاف التلاحم الاجتماعي ناجم من سلب الحقوق و رفض الاخر و الغدر به، و هو مستمر منذ عقود في دولتك و انت لم تنبس ببنت شفة في هذا المسار ابدا و ليس طلب الحقوق من قبل المظلومين، فتحرير العراق من الدكتاتورية البغيضة التي حكمت بالحديد و النار ليس بتمزيق له و ان حنت انت لاصدقائك الحميمين من ذلك النظام البائد يا القاسم .
من حق اي مكون او قومية ان تخطوا و تقرر ما لمصلحتها من اجل سعادة و رفاهها، و ليس لمن يدعي الاكثرية ان يفرض عليها مشيئته او اختيار الطريق التي عليها ان تتبعها ، اليس فرض التزام الاقلية بهوية الاكثرية (و ان منحوا بها مستقلا) انكار للغة الام و القومية و الخصوصيات وهو دكتاتورية بكل معنى الكلمة ام ان الدكتاتورية هي السيطرة على نظام الحكم و احتكاره من قبل مجموعة فقط كما تدعي .
هنا لابد ان نوضح لمن يفكر و يطرح ماعنده و كأنه العالِِم ولديه الحقيقة المطلقة، ان العقلية و الموروثات العقائدية و الفكرية و الوعي العام للاكثرية وهو منهم طبعا ، سيبقى عقودا اخرى على ماهم عليه و ربما لم يصلوا الى ما وصلت اليه الدول المتقدمة لقرون اخرى، لذا على الشعوب المغدورة ان تفكر في نفسها و تحدد اهدافها و يجب ان تتفاعل مع التغييرات المرجوة وفق استراتيجيتها و ليس بخطوات نابعة من التفكير العاطفي كي لا تُهدر الفرص التي تتوفر خلال هذه الثورات و لم تعد مرة اخرى قريبا، و يجب الا يعيد التاريخ نفسه و ان لا ينخدعوا باسم العقيدة و الدين و المثاليات التي اخدعوا بها هذه الشعوب المغدورة، و استغلت من قبل القوميات السائدة باسماء و جواهر مختلفة.
يجب ان يحتسب لكل خطوةو للزمن بشكل دقيق و ان لا يعيدوا اخطاء الاجداد و يكونوا حقا مغفلين كما يحب المنتقدين. لا يمكن لدولة تنتشر فيها هذه العقائد المتنوعة و الافكار المختلفة و التوجهات العديدة وحتى التيارات المتناقضة ان تتجسد فيها المواطنة و المساواة كما تريد كافة الاطياف و المكونات، و بهذه العقلية السائدة، و الافضل للجميع هو الحصول على الحقوق العامة و الخاصة بالارادة الذاتية و المثابرة و قراءة كل الاحتمالات الواردة خلال هذه المرحلة المتنقلة، و نقول لهم بصوت عالي ان هدر الفرص السانحة و الاصرار على سلب الحقوق عندنا خط احمر و ليس اي شيء اخر، و التهديد لا يخيف هذا الشعب الذي ضحى بكل ما لديه كما يعلمه الجميع لو تمحصوا جيدا في تاريخنا.[1]