انها بداية نهاية الاعلام الحكومي المركزي
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3396 - #14-06-2011# - 21:07
المحور: الصحافة والاعلام
مع نشوب الثورات الشعبية في منطقتنا، و توضح دور الاعلام الحكومي بشكل اكبر للجميعو ما كان عليه طوال هذه السنين المنصرمة من حكم الشكل و اللون و الراي الواحد، و بشكل لا يمكن ان يُنكر ما فعلته هذه الالة و الجهاز الحساس الضخم في ترسيخ دور القائد الاوحد و الراي الواحد و قوة التسلط، و في اكثر الاحيان ممارسة التضليل من اجل تثبيت اركان هذه الانظمة الشمولية، و الامرٌ انه اصبح وسيلة بخسة بيد الانظمة لقمع الاخر و فنائه سواء قبل او بعد تشويه سمعته بكل السبل. اي، يصح ان يُقال بانه كان طوال هذه المدة بوقا لراس الدولة و حاشيته مهما ادعى البعض من وجود مساحة للحرية هنا و هناك .
الدور الخطير و الحساس الذي يلعبه الاعلام واضح ، و انه كالسيف ذو الحدين و المهم عند المتسلطين ان من يستعمله او يضعه في مكانه الصحيح و لم يخرجه من غمده لتحين الفرص التي تستلزم اشهاره في الوقت المناسب و لصالح السلطة دائما، اما المهام الحقيقي الصحيح و الخاص لهذه الوسيلة الفعالة في التوعية و التنوير و الارشاد و الاصلاح لم يتحقق نتيجة السياسة و المصالح الضيقة و مستلزمات سيطرة الفرد الحاكم او الحلقة الضيقة الحاكمة او الحزب القائد الاوحد .
مع انتشار هشيم نار الثورات من بقعة لاخرى ، طفى الى السطح ما كان بعض منه خافيا من زيف الادعائات الباطلة التي تشبث بها الاعلام الحكومي المركزي و كان مهامه في اكثر الاحيان اطلاق و نشر كلمة حق يراد التي بها الباطل فقط. و ما تلمسناه هو الثورة الحقيقية التي تحتاج في كينونتها الى ثورات متعددة اخرى و في كافة المجالات و مهمته تغيير اركان الحكومات و السلطات السابقة التي تجذرت، فبعد مرحلة التغطية على السلبيات و انعدام الشفافية و سهولة تمرير الفساد من قبل السلطات السابقة نحس اننا في نهاية الامر الى حدما و ان لازلنا نشم رائحة البقايا و دخان الموروثات المتبقية من العقليات و الامكانيات التي سخرها السابقون لتلك الاهداف منذ عقود، و اننا نعتقد بان الشعوب الثائرة ستواجه العراقيل في كافة النواحي و من ضمنها الاعلام و كيفية اصلاحه و احلال البديل الحقيقي من اجل تحقيق الاهداف الحقيقفية و الاصيلة لهذا السلك المهم و الحساس في حياة الشعوب و ما يخص امانيهم و احلامهم .
مثلما يعاني العراق منذ سقوط الدكتاتورية من ضعف الاعلام الحر الحقيقي و من تجسيد العمل الحقيقي للاعلام او العملية الصحيحة للعمل الاعلامي و التعقيدات التي تواجهه، اننا نعتقد بان الاعلام سيشهد تغييرا كبيرا مرافقا لنجاح الثورات في المنطقة ، و اول الخطوات سيبدا بتثقيف الملمين و المهتمين و المختصين الذين تربوا على عقلية و ادوات و وسائل الراي و الطرف الواحد و محو الاخر، و سوف تتبنى نتائج الثورات اجيال جديدة مغايرة و تكون هناك اختصاصات لا تمت بصلة بما سبقها بحيث تكون مستندة على العمل وفق التوجه المستقيم لتثبيت الركائز المطلوبة للاعلام الحر من حيث توفر الشفافية و الحيادية و بيان الحقيقة الى التثقيف في ظل العصرنة و المدنية المطلوبة مع سهولة استحصال المعلومات معتمدين على الاليات الحديثة و محاولين مسح ما نتجته الحقبات السابقة و محو اثار و متبقيات ما اصر عليه اعلام السلطات السابقة في هذه المنطقة باكملها .
الاهم هو البداية الصحيحة و الخطوة الراسخة لشكل و جوهر اعلام حديث ملائم للمرحلة الجديدة و متوائم مع متطلباتها و مواكب للمتغيرات و مستند على المناهج الجديدة بعيدا عن الاحتكار و النظر من زاوية و جانب واحد .
وفق كل المتطلبات و ما يدعيه العصر الجديد يُفترض على الحكومات الديموقراطية الجديدة ان تفك ربط الثقافة و الاعلام كمؤسسة حكومية عن السلطة و الحكومة المركزية بالذات و ان يعتمد بشكل مباشر على المختصين في جو من الحرية و في ظل قانون و نظام ديموقراطي هو الذي يشرع الابواب امام الجميع و يضمن حرية العمل و يوفر المستلزمات الرئيسية منهيا العقود من الانحصار و التقييد و التضييق على الاعلام و استخدامه في غير محله .
اننا نحس في هذه المرحلة بالذات و نحن وسط الثورات المستمرة، قد بدات المحاولات للوصول الى نهاية سيطرة الاعلام الحكومي القح و انها بداية نهايته، و تحتاج المهمة الى جهود من الجميع لاستئصال السلاح الاخطر في يد الحكومات الدكتاتورية و منع سيطرة اي من السلطات المقبلة على هذا الركن المهم من النظام الديموقراطي الحر .
الجميع على علم بان الوقت قد حان و الصراع يحتدم بين الجيلين او المنتمين الى الجانبين المطالبين بالاعلام الحر او الحكومي، و هنا تدخل المصالح الى الدائرة و ربما تعيق المسيرة او تؤخر من الخطوات الصحيحة، و لكن مع انتهاء السلطات الشمولية الدكتاتورية بيد الشعوب و بهمتهم ذاتيا و بتضحياتهم الخاصة دون مساعدة احد، فانهم بانفسهم لا يسمحون بعودة ما كان سائدا و مسيطرا عليهم من كافة الجوانب، و لذلك تحتاج الثورات الى ثورات متتالية ثانوية في المجالات الرئيسية الحساسة العامة التي تخص الشعوب و منها الاعلام و فروعه.[1]