ثورة الشباب بين الاندفاع الجامح و الخوف الكابح
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3273 - #10-02-2011# - 08:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
الحيوية و العنفوان الجلي على حركة و وجوه الشباب الثائر و التي هي الطاقة و الدافع الطبيعي للانفعال و التداخل المباشر مع الجديد لحظة بلحظة في كل قضية تطرح او تناقش يوميا لينتج المستجد سواء من تفاعل الشباب انفسهم مع البعض او صراعهم مع القديم الزائل في كافة الشؤون ذات الصلة بالشعب بشكل عام و المواضيع الكثيرة المختلفة التي تطرحها تحركاتهم و سلوكهم و تعاملهم مع ما يجري، و لحظة تفاعلهم مع الجديد توفر علينا البحث لمدة طويلة عن كشف مميزات الجيل الجديد، و فعلهم البسيط من اجل بقاء جذوة جوهر و روح العملية المتعددة الابعاد لثورة مصر متقدة لحين الوصول الى المبتغى كما نلمسه في كل لحظة و بشكل واضح، يعتبر من اهم افعال و خطوات و سلوك شباب العصر و من سمات نهضتهم و ثورتهم التي يعلٌمون بها كل يوم شعوب المنطقة درسا عمليا جديدا من ما تتطلبه الحضارة و موروثات التاريخ الغني لهذا الشعب، انهم يثبتون يوميا عبقرية عقولهم و قوة ارادتهم و صلابة افكارهم و اندفاع همتهم و انفتاح عقليتهم لبناء معجزة جديدة في القرن الواحد و العشرين ليضيفوها الى الاهرامات اضافة الى ما يتصفون به من خفة الدم و روح الفكاهة التي تضيف نكهة العصر و الفرح و السمة المميزة لهذه العملية المعقدة و مدى محاولة شباب العصر لتبسيط كل معقد في الحياة، و بعلمهم هذا و تطلعاتهم الجميلة اثبتوا للعالم انهم يبنون في كل يوم هرما جديدا من العقلانية و حسن التعامل مع الحاضر و متطلبات العصر و يزيحون بهذه العملية الجبارة الاثار السلبية للحرس القديم المعيق لحركة التاريخ الطبيعية التي انطلقت و ليست هناك قوة لتثبيطها مهما حاول المانعون المتضررون من التقدم الطبيعي للبشرية في عهدهم هذا.
كما شهد التاريخ من قبل هو عدم تقبل الجديد الصحيح السليم حين انبثاقه او طرحه من قبل اي كان وفي اية مرحلة كانت، الى ان يفرض نفسه على الجميع بشكل سلس في الوقت المناسب، هكذا ارى عزيمة الشباب في المصر من حيث قوة اندفاعهم مما يكسحون بها كافة المجالات بخطواتهم المتسقة الطبيعية و غير مفروضة من احد، و اثبتوا بحق انهم اقوى من شظايا القنابل و اعمق من تحليلات المتخوفين وتوعداتهم و تهديداتهم و اساليبهم المكشوفة، و انهم فرضوا المصير المحتوم على ما يجب ان يلقاه المصلحيون في هذا العصر.
لو تمعنا جيدا و بعقلانية لما تتصف به هذه الثورة السلمية العارمة، سنحصل على مجموعة من الدلالات الجديدة و يستوضح لدينا انه زمن الفصل بين القديم و الجديد من كافة الجوانب، زمن عدم الايمان باراقة الدماء من اجل المصالح، زمن الفروقات بين تخرفات الشيوخ و الصفات الجديدة العصرية للشباب، زمن الحد الفاصل بين العاطفة و العشوائية مع العقلانية و التنظيم و النظام النابع من احساس الذات بضرورة النظام في ادارة الامور، زمن انقطاع تاثيرات العادات و التقاليد البالية و المثاليات مع التكنولوجيا و العلم و الماديات، زمن فصل العلم و المعرفة عن الجهل و الامية و اللذان كانا مختلطان مع البعض منذ امد بعيد، زمن ضرورة تجسيد الديموقراطية الحقيقية بفعل الهيجان الذاتي وكضرورة و حاجة اليها من تفاعل الذات و قذف الدكتاتورية و بيان وجهها المعروف لهذا العالم في هذه المنطقة بالذات، زمن الوضوح و الشفافية و الاختصاص و تحديد موقع القوانين و الشرائع السماوية و فصلها عن القوانين و الدساتير الوضعية و اهمية فصلهما، و ان تخللتها مساحة معينة من المخلفات التي تحتاج لمرحلة معينة لاعادة النظر، و هي من تاثيرات الوضع النفسي و معطيات التاريخ التي لا يمكن ازاحتها بين ليلة و ضحاها.
اليوم توضح للجميع بان هذا البناء الضخم و المؤثر على المنطقة باجمعها كم كان مسوسا، و ان ما يفعله شباب اليوم هو بناء قلعة من الحداثة، وبعلهم يتم قلع جذور القديم الفاسد بلغة و منطق و سياق عصري و بعملية متصلة بالزمان و القادرة على السيطرة على وسائل العصر في بناء هذا الصرح الجديد الجميل، انها بداية الانتقال الحقيقي الى عصر حقيقي و بتصرف ناضج و سلوك متسق مع ما يتطلبه العصر.
ان التطور التاريخي قد نضج و انتقل الى عهد جديد و كسر عهدا و كسح معه الادعاءات الفارغة و انجرف به اكثرية مخلفات الماضي في لحظته، و انها مرحلة تشرق من جديد و ستنضج اكثر خلال فترة و مدة تحتاجها لتثمر بشكل طبيعي. و في كل يوم نكتشف مدى الخوف من العصر الجديد البائن على سلوك و وجوه و كلام ممثلي العهد القديم محاولين كبح جماح اندفاع الشباب بكل الوسائل المتاحة امامهم من الاستفزاز و الحيل و الخديعة و الترغيب و الترهيب و لكن القطار سائر بشكل طبيعي و سيصل الى المحطة المنشودة في الوقت المناسب و هناك قطارات اخرى في حالة الانطلاق من اجل الوصول الى ما بدئها شباب المصر، وانه الدرس العظيم للانسانية قبل اي شيء اخر.[1]