هل وجود سوريا في المحور الايراني ينقذها من الانتفاضة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3270 -#07-02-2011# - 22:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
بعد سقوط الدكتاتورية في العراق كانت الاعين على مجموعة من الدول كي تلقى المصير نفسه، و منها سوريا التي صنفت كاحد اعضاء محور الشر لتكون التالي بعد العراق و تتحرر من ربق الحكم الجاثم على صدور شعبها المعطاء، و لكن الظروف التي تلت تلك المرحلة و ما اقدمت عليه فلتت نفسها به و استطاعت ان تبقى على حالها و تستمر على سلوكها دون تغيير يذكر، بل تشددت في القمع لابناء الشعب السوري بكافة مكوناته و اطيافه، و سجلت في هذه السنين صفحة قاتمة من السواد خطٌتها في تاريخ سوريا الحضارة و الثقافة و استخدمت جميع انواع و اصناف الخروقات لحقوق الانسان، و ساعدتها في التواصل و البقاء كل هذه السنين هي المساعدات السياسية الاقتصادية العسكرية الايرانية و من يلف لفهم من الموالين هنا و هناك، و يجمعهم المصالح السياسية المشتركة، و نجحت بشكل كبير في تصدير مشاكلها و لفت انظار شعبها الى خارج بلدها و تدخلت في شؤون العراق بشكل فضيح كما يعلم الجميع، و هي تحكم لحد اليوم بالحديد و النار و بواسطة حلقة قريبة من الحاكم الوارث من المقربين و المصلحيين الحزبيين، مما ازدادت الهوة الشاسعة بينها و الشعب فلم تجد ما يربط الشعب بها غير الخوف و الرعب و المصالح الشخصية الضيقة، و هي معتادة على ابشع انواع الحكم البوليسية و الجاسوسية، و تظلم هذا الشعب الكريم المسالم الحضاري المثقف ذات التاريخ المليء بالمنجزات و الذي يستحق العيش بكرامة و رفعة الراس و بحرية و سلام و ان يكون في مصافي دول العالم المتقدمة، فيشهد لهذا الشعب العالم لعراقته و الروابط الاجتماعية الانسانية التي يتميز بها و العلاقات الاجتماعية المتوازنة التي كانت سائدة بين مكونات هذا الشعب في كثير من مراحل البلد التاريخية. ما نلمسه من هذه السلطة المتوارثة الجملكية انها تسبق الاحداث و تتسول المعونة من اي كان كلما احست ان نهايتها اقتربت بعدما تتخذ من الاجراءات القمعية بحق شعبها و تعمٌق من الجرح و توسع الهوة التي تسهل و تساعد على التغيير عاجلا كان ام اجلا. يجب ان تعلم السلطة السورية و تفقه انه كلما ازدادت الغدر و القمع توسع البعد بين الحكم و الشعب و اختزل الوقت للخلاص مهما ادامت من فترة حكمها بالقوة و النار، ان لم تسترضي الناس و تسير على استدامة الحكم بالحزب الواحد القائد بعيدا عن متطلبات العصر من الديموقراطية و الحرية و العدالة الاجتماعية و ضمان حقوق الانسان الذي يجب ان تعلم انه لا بديل عنهم . المهم ان تتعلم من تجارب الاخرين و تفقه ان موجة التغيير التي استبشرت بها الشعوب في السنة الجديدة اثرت على كافة البلدان و لها افرازاتها البعيدة المدى و ابعادها العديدة و انها ستؤدي الى تغييرات جذرية في هذه المنطقة المترابطة، و لا يمكن لاحد ان يعزل نفسه و يسجن ابناءه، و كما يعلٌمنا التاريخ فان اي حكم لا يعتبر من الحركات الشعبية ولم يدرسها و لم يتعامل مع جوهرها سيتاخر عن ركب التاريخ ، و ما جرى في الغرب من الموجات العديدة المتشابهة فرضت نفسها على الجميع هناك و ان عارضتها بعض السلطات، و انما التغيير ربما يكون متاخرا او متقدما من بلد لاخر و هو مسالة وقت ليس الا، و لا يمكن لاية سلطة ان تدفن راسها في الرمال و تبعد عنها نسيم التغيير مهما حاولت، لان هذه هي سنٌة الحياة و ما تفرضه العقلانية و التعامل مع التطور و التقدم الجاري و ما يكسح امامه من المخلفات، و لا تتقبل الحياة المستمرة على بقاء جزء منها على نمط مرُ عليه الزمن و لم تتوائم مع المستجدات و المتغيرات العامة، و العاقل من يعتبر و يسير مع تنفيذ متطلبات الظروف الموضوعية، و ما يحدث اليوم له ابعادمن كافة الاتجاهات.
ماهو المعروف عنه ان النظام السوري يستند على مجموعة من التوجهات المبنذلة كالتشدد القومي السلطوي و لم يتلائم مع العصر و مستوجباته السياسية الفكرية، و منذ انتفاضة تونس وهو قلق و يتخذ اجراءات استثنائية مما يتامل من اتخاذ الخطوات الرادعة في حالة حصول ما ينتظر حصوله و لا يعلم مهما طالت مدة المناعة ان الموجة ستصل في الوقت المناسب، و يجب ان يعلم بدلا من حصر نفسه وهو يبني اسوار سياسية عسكرية و اجراءات اصطناعية على الارض عليه ان يغير من ممارساته و طريقة حكمه و يكيف نفسه مع متطلبات العصر، لانه ليس كالدول الاخرى المتكلة على ثروة النفط و قاعدته الشعبية مهزوزة. مما نتعجب منه هذه الايام هو اتخاذ هذا النظام لخطوات استباقية متأملا انقاذ نفسه كما فعل ابان سقوط الدكتاتورية في العراق، و هو كثف من المداهمات و السجن للناشطين و استقدام قوة من حزب الله الحليف. و من اجل الاختصار في الوقت و ابعاد احتمالات اراقة الدماء في هذا البلد الجميل، على القوى و الشخصيات السياسية الثقافية الحقيقية التي تتطلبها الضرورة التاريخية ان تكون في الطليعة وان تتخذ هي في المقابل من الاجراءات و الخطوات المطلوبة من التعاون و المشاركة الجماعية و التخطيط و قراءة خصوصيات سوريا بشكل ادق، لبيان و توضيح ما تحتاجه من اجل نجاح الموجة و باقل الخسائر متى ماوصلت اليوم او غدا، و تحتاج العملية الى التضحية من جميع الجوانب و في مقدمتها ابعاد المصالح الخاصة، و الخطوة الاولى هو توحيد القوى المتشتتة و التي فرضتها الظروف الذاتية و الموضوعية و تاسيس جبهة عريضة من كافة القوى السياسية و الشخصيات المختلفة و الاعتماد على الشباب و الجيل الجديد الذي لا يمكنه تقبل ما صبر عليه الجيل القديم، و ما يفرض نفسه هو قبول الاخر المخالف و الاستناد على العمل المشترك و التوازن السياسي، و العصر بنفسه يفرض التعددية فيجب على الجميع محاولة ارساء ارضية تتحمل كافة المشارب من اليسار الى اليمين، و حينئذ لم يبق شيء الا الشرارة و ايجاد الوسائل و الطرق اللازمة لكسر الطوق و القيود و استهلال بداية الموجة الشعبية المغدورة، و سقوط نظام دكتاتوري اخر و هو اقل شعبية من الاخرين و يحكم بالاعتماد على حلقة معينة و حزب واحد لم ينظم اليه غير من له مصلحة ذاتية بعيدا الاعتقاد و الايمان به فكرا و ايديولوجية و عقيدة. الحرية و الديموقراطية لا تعرف المحاور السياسية و تجرف مع نفسها كل المعضلا و المعوقات ، و ما يفرضها استياء و امتعاض الشعب السوري وصل لحد لا يحتاج الا الى تنظيم و طريقة لبداية صحيحة و اختيار الوقت المناسب، و لا اعتقد بان النظام يفلت مما يفرضه الشعب كما فلت من الضغوطات الخارجية في كثير من الاحيان و ان انتفض و ثار الشعب فلا يمكن لاطراف المحور ان ينقذوه كما فعلوا من قبل، و الموجة ستصل الى سورية عاجلا ام اجلا مهما اخذ النظام من التحوطات و الاجراءات التعسفية على الارض و ان وصلت المساعدات الخارجية الى هذه الحكومة بمجرد تخوفه و قلقه من الحاصل في الشرق الاوسط.[1]