الثروة و دورها في عرقلة اقرار حق تقرير المصير او ترسيخه
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3245 - #13-01-2011# - 21:18
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
الثروة و دورها في عرقلة اقرار حق تقرير المصير او ترسيخه
من المعلوم و ما لا يخفى على الجميع، ان يُعتبر الاقتصاد بشكل عام و الثروة بشكل خاص من الركائز المهمة لترسيخ السلم و الامان و توفير الرفاه و التعايش السلمي و السعادة للشعوب ضمن رقعة معينة، مهما اختلفت اية منطقة في التركيب و التكوين و المضمون ان استغلت بشكل جيد و مقنع ، سوى كان الاختلاف عرقيا او دينيا . فاختلاف نسبة الثروات الطبيعية و كمياتها من مكان لاخر يصعٌب التوافق و الاتفاق على امرار القوانين الرئيسية المتعلقة بالثروة ،بحيث يمكن استرضاء الجميع بها نظرا لما تبرز منها و تفرز من الخلافات السياسية او لاايديولوجية او الفكرية بشانها، و بالاخص في وضع اجتماعي سياسي ثقافي كما هو عليه هذه المنطقة بكافة بلدانها و بشكل خاص الدول التي تحوي في ينيانها على مجموعة من الاعراق و الاديان و المذاهب كالعراق و ايران و تركيا، و فيها من الثروات المختلفة الكمية و النوعية من منطقة لاخرى، و ما يستعصي الامر تداخل مبدا السيادة في تعارضها مع ما يخص حق تقرير المصير في المجال القانوني و الحرص على المساواة بين المكونات و الحفاظ على الاستقلال و التوازن، و الاستناد على حقوق الانسان باتباع نظام ديموقراطي عام، و عدم التعارض مع ما يخص حق تقرير المصير في المجال القانوني، و الحرص على المساواة بين المكونات و الحفاظ على الاستقلال و التوازن، و الاستناد على مبدا حقوق الانسان باتباع نظام ديموقراطي حقيقي في جو يخلق عدم التعارض مع الالتزامات الدولية و السلم العالمي و الاشتراك الكامل في عملية صنع القرارات الدولية لحل المشاكل العالمية الاقتصادية و السياسية من قبل الجميع .
ما يفرض السلام و الامان هو التعايش و الاحترام المتبادل بين المكونات كافة، و الالتزام بالقوانين و المؤسسات المبنية على الارادة المشتركة لمكونات الشعوب غير المتجانسة و كيفية توفير الحرية المتاحة لبقاء التعددية و حل المسائل المختلف عليها بطرق عصرية .
لو تعمقنا في المواثيق و التفاقيات و القرارات الدولية بتمعن و تمحص شديدين لكشفنا الثغرات الواسعة بهذا الخصوص، و اهم ما يمكن ذكره هنا هو عدم توضيح الامور بشان الشعوب التي ليس لها كيان ذاتي و الخاضعة تحت سيطرة الشعوب السائدة، و في كثير من الدول تحت تاثيرات نيرو جور الشعوب و المجموعات و الاثنيات السائدة عند انتهاك حقوقها الطبيعية البسيطة، و ليس هناك ما يضمن السلم و الامن وما يحميه، و لا يوجد ما يفرض على الحكومات و الشعوب السائدة عدم الغدر بالشعوب الخاضعة، و لا نلمس ما يفرض المساواة في توزيع الثروات بين المناطق و الاقاليم بشكل مرضي، و كل ذلك خاضع لاهواء ما يتحجج بسيادة الدولة ، و هي بدورها تفرض ما لمصلحتها و بقاء هيمنتها السياسية و الاقتصادية على كافة المناطق، و العدالة ربما تكون اخر ما تفكر فيها و في اخر تسلسل اهتماماتها.
المشكلة الرئيسية هي التفاوت بين المناطق من حيث وجود الثروات و نسبة الاستئثار بها و ما هي الاسس القانونية العادلة التي يمكن اعتمادها او وضعها بحياد بعيدا عن انحيازها لطرف على حساب الاخر، و المعيار الاساسي لاثبات المساواة هو التنمية المتساوية لجميع الفئات و المكونات دون تمييز يذكر .
اذن توفر الثروات الطبيعية في اماكن و مناطق و اقاليم تابعة لشعوب خاضعة لحكومات و شعوب سائدة دون اخرى اصبح من المعوقات الكبيرة التي تمنع اقرار حق تقرير المصير بما فيه الاستقلال و بناء الكيان الخاص. و ما تُسن من القوانين المستندة على الدستور لتنظيم الدولة لا يمكن اعتمادها لانها تصدر من الشعوب السائدة و تفرز سلبيات اثناء تطبيق تفصيلاتها على الارض فتعيق المساواة او امكانية عدم غبن الفئات المختلفة . و يشترط تثبيت التعايش السلمي التوزيع العادل للثروات و الالتزام بالقوانين و المؤسسات المبنية على ارادة مشتركة لمكونات الشعب المتجانسة او غير المتجانسة .
من اكبر العوائق في تنظيم و توزيع الثروة بين المكونات هو سيطرة المؤثرات الايديولوجية على السياسية و القانونية او غياب المواطنة و عدم ترسيخ الديموقراطية، و لم تمر شعوب المنطقة بمراحل التطور الطبيعي من الفكرية المثالية الايديولوجية الى التطور القانوني السائد بعيدا عن مزاجات الجهات و المصالح الضيقة المختلفة . و ما يمكن طرحه هنا و الذي له صلة بحق تقرير المصير هو شكل و جوهر و مضمون ما تعرف بالسيادة التي تتعارض دائما بحق الشعوب الخاضعة في تقرير ما يفيدها وفقا للقوانين و المواثيق و المعاهدات العالمية، فقد تغيرت معالم السيادة و اوصافها جراء تغييرات اجتماعية و سياسية و اقتصادية و ايديولوجية مع بقاء وجودها لضرورة و معيار قانوني لوجود الدولة مهما كانت اوصافها، و ما يفيد الشعوب الخاضعة هو تغيير مطلقية السيادة الى نسبيتها في ظل مستلزمات قانون حقوق الانسان و التعاون الدولي، مع تغيير لموقع السيادة او حاملها و الانتقال به من الملوك و الاباطرة و الامراء الى الشعوب في عصر الديموقراطية، و من هنا يسهل على من يحمل السيادة وهو الشعب و له ان يقر ماليس لمصلحة السيادةان كان يفضله كحق تقرير المصيرو الانفصال او الاستقلال، و هو بعد مهم من ابعاد السيادة المشتركة في اخرالمطاف طبعا، و هنا يمكن استغلال الثروات بان تكون متغيرا بحيث يمكن استردادها من مَن يعرٌف نفسه بحامل السيادة كالسلطة الى الحامل الشرعي للسيادة و هو الشعب، و به يمكن التصرف بكيفية الاستئثار بالثروات من قبل الجميع و توزيعها العادل وفق تشريعات ديموقراطية عادلة .
نستنتج مما سبق ان الثروة يمكن ان تكون عاملا مساعدا لتجسيد السلام بشرط وجود الديموقراطية الحقيقية و المساواة و احترام الاختلافات ، و تكون عائقا و نقمة في ظل وجود الشعوب السائدة بجانب الشعوب الخاضعة، او في ظل وجود سلطة مركزية تعتبر نفسها حاملا للسيادة دون تخويل من احد، و تضرب المساواة و حق تقرير المصير عرض الحائط، بينما تصبح الثروة عاملا مساعدا و نعمة و دافعا قويا للتعايش السلمي و العدالة الاجتماعية في ظل وجود الديموقراطية و الشعوب المتساوية الحقوق و الواجبات و في ظل توزيع السيادة بشكل متساوي على جميع حامليها من جميع فئات الشعب بدلا من احتكارها من قبل السلطة ، و هي تتحجج بها لضرب المخالف من اجل مصالح خاصة ، و عندئذ لا تكون الثروة عامل الخير و التقارب و التعايش السلمي.[1]