يجب ان لا يخضع حق تقرير المصير للمزايدات الحزبية
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3217 - #16-12-2010# - 13:54
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بين حين و اخر نسمع ما تطرح من الشعارات المصيرية في المناسبات و لاغراض في غير محلها و لا يمت بصلة بحقوق الشعب المسكين و مصالحه في العمق، بل لاجل مهامات حزبية سياسية قحة ، لابل الهدف منه في اكثر الاحيان ايديولوجي و غير محسوب العواقب ، و البعض منه عفوي، و المهم عند طرحه لدى هؤلاء هو ما تتطلبه السياسة في تلك اللحظات فقط و لم يحسب لما تفرضه المرحلة و الظروف المحيطة من الشروط و المحددات ، و التي قد تودي بما وصل اليه التجربة الى الحضيض ، او على الاقل تتراجع خطوات في كثير من المجالات.
تقرير المصير حق مكفول لجميع الشعوب قانونيا كما تثبته وثائق الامم المتحدة و لا يشك اي احد في جوهر هذا المفهوم، و الواضح انه لمصلحة الشعوب و تقدمهم و تحقيق امانيهم، و لكن ان لم تكن هناك ارضية مناسبة و وقت ملائم لاي طرح كهذ ا لابل ضد تطبيقه بشكل قاطع هل يمكن ان نجني شيئا عن الاعلان دون فعل ، و بالاخص في ظروف موضوعية لغير صالح طلب هذا الحق، و هناك شعوب عديدة لم يتجهوا لهذا الاتجاه الا في ظروفها الملائمة ، جنوب السودان اوضح مثال و كما هو حال التيمور الشرقية ايضا و ما حدث، فهل يصح ان لا يحسب لما يحدث و ما تتسرب من الافرازات التي يمكن ان تخرج من طرحه او التداعيات التي تضر بالشعب المعني اكثر من ان تفيده، و هذا ما يدع اي مراقب ان يشك في نية من يلعب بكرة اخرى في غير ساحته و من اجل اهداف قصيرة المدى و تكتيك في غير محله، و لا يحق له ان يضرب بالاستراتيجية و الحلم التي لا يمكن تحقيقها في برهة من الزمن و بقصر النظر و عدم قراءة المعادلات السياسية بشكل دقيق، و الادهى منه ان تتراجع عن العرض بعد ان تخلق ازمة اعلامية من المتربصين بالتجربة الكوردستانية ، و لم تبق ثابتا على رايك و ما طرحت، و به توضح للجميع ان الادارة و النظرة الى اعمق و اعقد القضايا في كوردستان تكون سطحية من قبل من يدير هذه البقعة.
من المؤكد ان الشعب اكبرو اهم من اي حزب او قائد او شخصية ، و مصلحته فوق الجميع، و ما يهمه لا يمكن ان يوضع تحت طائلة الصراعات الحزبية ان كنا نهتم بالمصلحة العليا للشعب فعلا، و لذلك ما يمس مصير الشعب حياة المواطن و ما يخص مستقبله لا يمكن مسه دون ان يكون للشعب بنفسه راي فيما يعلن عنه، و لا يمكن ان يخضع مصير الشعب الى الاماني و العواطف و الطروحات العرضية غير المحسوبة العواقب دون دراسة معمقة .
اي كان المعني او القائد، ستكون المرجعية الحقيقية للشعب هو ممثليه و من اختارهم ليكونوا الساهرين على ما يهمه و ما يهم مصيره و مستقبله، لذا من الاعتباطي ان لا يعلم الشعب بما يجري و من ثم التاريخ يحاسبه على ما يفكر به فرد معين او حتى حزب ما ، و من الممكن ان لا يهمه في تلك اللحظة الا السيطرة و الانتشار و السلطة المطلقة على امور البقعة.
من يعيد الذاكرة الى كيفية تعامل قادة الكورد مع العراق مابعد سقوط الدكتاتورية و ما كثفوا جهودهم عليه، و تركيزهم الواسع و اهتماماتهم كانت على اعادة بناء العراق الواحد الموحد و الحفاظ على سيادته و وحدته و ضحوا بكل غالي و نفيس، و الجميع يعلم بانهم حتى فرطوا بالكثير من الفرص في تحقيق ما يرنوا اليه الشعب الكوردستاني ، فيتعجب المراقب من بعض الامور التي تحدث، و يتوضح لديه مدى قصر النظر الى القضايا الكبيرة و المصيرية و كيفية التعامل معها لدى المتنفذين، و كأن تحقيق الاهداف الكبيرة يتم في لحظة ما دون الحساب للمعوقات و ما يجري على الارض.
الجميع يعلم بان حق تقرير المصير يشمل مساحات واسعة و اهداف عدة من الحكم الذاتي و الفدرالية و الكونفدرالية الى الاستقلال و انشاء الدولة الخاصة، فان كنت تحمل شعار الفدرالية فهذا يعني انك تهدف لتحقيق احد جوانب هذا الحق ان لم ترد ان تبهم و تعقٌد ما يجري، و عليك ان توضح ان من حق الحزب ان يحمل اي شعار و لا تعتبر ان ما تحمله بشرط ان يؤمن به كافة ابناء الشعب او تفرضه عليه او تتكلم باسمه، لان المرجعية الحقيقية للشعب هو البرلمان دون غيره، و على الاقل لتوضح ما تعمله للقاصي و الداني و المتربص بالتجربة الكوردستانية تفسر ما يهمهة حزبك على انفراد ما يهمه الشعب. فمن يتابع ما جرى و يجري لجنوب السودان الظروف الملائمة التي تحيط بما يعلنه بكل صراحة ، فانهم درسوا الوقت و الجوانب المتعلقة بالمنطقة و الجوار و الظروف الدولية بشكل معمق، و ما تسندهم من القوى الكبرى بكل صراحة و علنية ، و يجب ان تقارنه مع ما انت فيه من كافة الجوانب و بشكل معمق و دراسة مستفيضة، و الا انك تخطو خطوة غير محسوبة العواقب و قد تعيد ما بنيته بسنين خلال لحظات ، و هذا ليس له تفسير علمي مقنع، و ان كان الهدف سامي كما هو حق تقرير المصير و الانفصال و الاستقلال بذاته، و السؤال ان لم يكن الطرح في هذا المكان و الزمان حزبيا فقط لماذا لم يلمح لشيء كهذا في لحظة ما في البرلمان الكوردستاني لانها قضية تهم كافة ابناء الشعب بكل فئاته و شرائحه و ليس حزب واحد فقط، و كان من الاجدر ان يطرح كشعار حزبي و ان يتعامل معه الاخرون من الزاوية الحزبية فقط ايضا، و ليس كما يفتعلون و خاصة من قبل الشوفينيين و حاملي افكار و توجهات الماضي، و لا يمكن للشعب الكوردي ان يدفع ضريبة اخطاء الكبار المتنفذين و ربما تكون غير مقصودة و نابعة من الاخلاص و الحب للوطن و لكن العاطفة لا تساعد في تسيير السياسة في هذا الزمن بالذات.[1]