كيف يتناول الاعلام العربي القضية الكوردية
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3160 - #20-10-2010# - 17:39
المحور: الصحافة والاعلام
في البداية، لابد ان اذكران هناك تغييرا واضحا في نظرة و تناول ما يخص كوردستان بشكل عام في كافة المجالات من قبل الاعلام العربي بشكل خاص في السنوات الاخيرة، مقارنة مع ما كان عليه طوال الحقبات الماضية.
هناك اسباب و عوامل موضوعية كثيرة لابد من ذكرها بحياد دون اي تميز، من اجل عدم التعدي و الغدر بمن يعمل بشكل موضوعي و حيادي، كي نبين السياسة الاعلامية المتبعة من قبل الدول العربية بشكل رسمي و الاعلام الحر الذي انتشر في الاونة الاخيرة ومنذ توسع فضاء الحرية عند انتشار الفضائيات خاصة، و كانت الصحافة و الاعلام منحازة دائما للسلطة و تعمل بدوافع نابعة من النظرة السلطوية التوسعية و منفذة لاوامر الحكومات و لم تابه بما يهم الاخر و لم تهتم بخصوصيات من يعيش في كنف هذه الامة لقرون عدة و لم تاخذالسمات الانسانية و الحقوق العامة و راي و مصالح الاخر بنظر الاعتبار، و كانت طوال هذه السنين عروبية قحة و تحاول الغاء الاخر، و هذا ما يثبت مدى النظرة الاستعلائية، و هي النقص و العقدة التي تشكلت في فكر و عقلية هذه السلطات و ليس الشعوب العربية بعد انبثاق دولة اسرائيل و سيطرتها الكاملة على المنطقة و بشكل لا يقبل اي نقاش.
بعد وصول اشعاعات العولمة و تاثيراتها و افرازاتها العديدة، السلبية كانت ام الايجابية الى المنطقة ، ليس بوسع احد ان يقاوم ما تفرضه من الضغوط و التداعيات، و يضطر الجميع على التعامل معها، و من اهم ايجابياتها توفير الحرية و الشفافية على كافة المسارات و منها الاعلام بشكل خاص، و لم تتمكن السلطات رغم محاولاتهم المنقطعة النظير من منع توغلها في شؤوون الدول و تعاملت معها بعدة طرق و باختلاف شكل و طبيعة الحكومات و ممارساتهم و مدى ديموقراطيتهم في التوجه و التطبيق.
بعد سقوط الدكتاتورية في العراق، شهدت المنطقة تغييرا كبيرا و بدات حقبة جديدة و توسعت الافق لحرية الصحافة و الاعلام، لم يكن بمقدور اية جهة ان تميل او تنحرف من مسار المستجدات او تتجاوز التحولات الجذريةالتي حدثت اخيرا، مما ساعدت على اقتراب مكونات المنطقة من بعضها كما في العالم و ازدادت الاحتكاكات و لا يمكن لاحد ان ينعزل بعيدا او يتقوقع و يبعد بنفسه عن تداعيات و ابعاد المرحلة الجديدة، و هذا ما فرض عليهم التعامل بشكل او اخر مع الوافد و ان حاولوا التحايل في بعض الاوقات الا انها كانت قصيرة الامد، و لم يستمروا في ابعاد نفسهم لمدة حتى رضخوا او اقتنعوا بالحقائق الواضحة و ليس هناك اي مفر من متطلبات المرحلة الجديدة.
ان حسبنا بدقة ما كان يتمتع به الاعلام العربي من عدم وجود استراتيجية واضحة للتعامل مع مجموعة من المفاهيم التي فرضت نفسها كحقوق الانسان و الديموقراطية و حرية التعبير و الراي و حقوق القوميات و الاقليات ، فاليوم ليس بمقدوره ان يهمل هذا الجانب و ان حاول بكل جهده ان يجتنب الخوض فيما يفرضه الواقع الجديد. اننا نلاحظ نسبة معينة من المحاولات لتخفيف النظرة الدونية الى ما يعمله الاخر، ولم نجد عدم التركيز في او اهمال ما يخص الاخر و الابتعاد عن الحسابات المطلوبة كما كان من قبل ، و لابد لهم ان يتدخلوا في ايجاد الحلول لكافة المسائل و القضايا، و ان كانت خدمة بعض الاجندات السياسية تفرض العكس او بالاحرى تضع العقيات امام المسارات الجديدة.
يجب ان نتاكد بان طبيعة المرحلة تفرض واقعا وظروفا لا يمكن لاحد ان يوصد الابواب بوجه المتغيرات الاساسية بشكل كامل و لكن ربما يتمكن من وضع عراقيل امام شروعها بشكل مطلق. لذا القضية الاساسية و المصيرية لشعب تعداده اكثر من اربعين مليون و هو منخرط و متداخل مع شعوب المنطقة لا يمكن تجاهلها من قبل الاعلام العربي ان ارادوا مساعدة الحكومات في الوصول الى الحلول و تحقيق ما هو الهدف الاساسي للسلطات و الاعلام ايضا، و يجب ان تواكب القضية الكوردية القضايا المصيرية الاخرى من الفلسطينية و جنوب سودان و الصحراء الغربية و غيرها عند طرحها على المنابر المتعددة لدول المنطقة، و هذا جوهر الموضوع الذي يؤدي الى ايجاد الحلول و هو ما يوجه المنطقة و العالم الى الامان و الاستقرار الدائم.
لهذا، يجب ان تلقى الصرخات التي تنطلق من هذه الشعوب المغدورة منذ عقود اذنا صاغية و ان تتفهم المتمسكين بالكراسي و المتحكمين بالسلطة و اصحاب النفوذ ان القضايا الساخنة تمس الجميع اينما كانت و في مقدمتها ما يخص حقوق الانسان و الشؤون السياسية و التاريخية التي تمكنت الجهات المختلفة و من ورائها الاعلام ان تكتم الاصوات و تصد المتطلبات و الحقوق التي طالبت بها المقموعين لفترة طويلة، وفي ظل الظروف الموضوعية و الذاتية للجميع دون استثناء لا يمكن اي كان في هذه المرحلة بالذات ان يؤدي الدور ذاته الذي استمر فيه طوال عقود و بنفس الطريقة و الاسلوب و العالم باكمله في تغيير مستمر، و كما عليك حقوق لك منها ايضا.
ان حاول البعض من الاعلام العربي الليبرالي اليوم ان يتداول و في اوقات محددة و بصورة خجولة صلب الموضوع و القضايا و منها الكوردية في المنطقة بشكل حيادي، و ان حاولت السلطات ذات الصلة من فرض التوجه و الراي الواحد على مناهج القنوات الاعلامية في هذا الشان، فان المفاهيم الجديدة التي تفرض نفسها و هي تقطع الحدود و تكسر القيود و تلقي صدرا رحبا في جيمع انحاء العالم ، لن تدع هذه المحاولات ان تصل الى اهدافها و ان تعيد العمل بما عمله السلف، لان في ظل هذه الظروف فان الحقيقة الناصعة تبان بشكل جلي اليوم او غدا، فلم يبق الا التعامل الحضاري التقدمي العقلاني بكافة القضايا و منها الكوردية لانها التاريخ و الجغرافية لهما معطياتها.[1]