الديموقراطية كانجع سبيل للتوجه نحو اللاعنف
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3145 - #05-10-2010# - 17:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لا انوي هنا الدخول في مضمون السلام الديموقراطي و ما يعنيه و يفرضه من الامن و الرخاء الاجتماعي على المدى الواسع في حال تطبيقه و تجسيده في اية بقعة في العالم ، و في اية منطقة يمكن اتباع الوسائل المؤدية الى ترسيخ هذا المفهوم في حال توفرت فيها الركائز المطلوبة لتثبيته قبل اي شيء اخر، و في حال استؤمنت الدوافع الضرورية لتفعيل السلام كعملية مستمرة متغاعلة مع الذات و مع ما هو موجود عليه وهو في طريقه الطبيعي الى التطوره بشكل دائم ، و هذا يحتاج الى عوامل متراكمة و منها تاريخية، ليست وليدة الساعة او طافية بقعل امر ما ، كلا يل هي ناجمة عن ترسيخ العقليات المتنورة التقدمية و بمساعدة الخطط و البرامج العلمية و الاليات و المستلزمات الضرورية وفي اجواء تتوافر فيها المباديء الاساسية للديموقراطية لاستخدامها و استغلالها كارضية ملائمة لوسط يتفاعل مع ما فيه و يتوافر السلام و المان حينئذ دون شك ، ومن اجل السلام كقيمة و سلوك و اخلاق و بتوفير الامن كترتيب و تدبير عام و ليس لاي شيء اخر.
لننزل الى الارض الواقع و ما نلمسه فيها و في خضم الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية الموجودة ، و ما نملكه في منطقتنا من البنى التحتية و الفوقية ، و في وقت نفكر بواقعية بعيدين عن الخيال و النظريات المثالية و محايدين و مجردين من اي مؤثر فكري ايديولوجي عقيدي قدر الامكان . عندئذ يمكن البحث عن كيفية خلق ظروف و ساحة مناسبة و وضع ملائم لنستهل الخطوة الطبيعية الاولى للتقدم نحو الهدف المنشود من ارساء مجتمع اللاعنف و فكر و عقلية سلمية علمانية تقدمية من اجل اتباع السبيل الملائم للخلاص من الافرازات السلبية و التركة الثقيلة من ترسبات التاريخ المرير لهذه المنطقة بالذات و المعضلات التي نشات و برزت من افعال و تصرفات المجتمع طوال العهود المنصرمة، ومافرضت عليه من العادات و التقاليد و الخصائص و السمات المعرقلة لبدء عملية ترسيخ السلم و الديموقراطية الطويلة الامد .
تعتبر ساعة سقوط الدكتاتورية في العراق انعطافة تاريخية كبيرة و بداية النهاية لعقود و ربما قرون من الصفات الاجتماعية العامة اللاصقة على جبهة منطقة الشرق الاوسط ككل و العراق بشكل خاص ان لم يعتبرنا البعض من المبالغين، و هذا ما يدلنا على ان نعتبر ما يتغير يمكن ان يحدث في الجوهر و العمق للمنطقة باسرها و تكون مرحلة ثقافية اقتصادية فكرية مغايرة قبل ان تكون مرحلة سياسية اجتماعية اخرى و مختلفة تماما لما قبلها، و انحدار و سقوط لجدار العنف رغم استمراره في هذه المرحلة الانتقالية و بفعل فاعل و لاهداف سياسية مصلحية بحتة، و هي مرحلة التوجه نحو اللاعنف في الفكر و العقلية و اللاوعي و اعتقاد و صفات الفرد مهما تبجح البعض بان المجتمع العراقي شديد عنيف بطبعه، و لهذا نلمس ردود افعال معاكسة في هذه الفترة بالذات، ان لم نستسلم لما يخططه الاخرون و ما تتطلبه مصالح و سياسات الجهات العالمية و الاقليمية و الداخلية المرتبطة بهم، فاننا سائرون على خط مستقيم.
نقطة البداية يجب ان تنبثق من التغيير المطلوب من الخلفية الفكرية و تحسين التوجهات و تطبيق المفاهيم الحديثة على ارض الواقع و تكييفه معه، مع الاخذ بنظر الاعتبار كيفية اختزال الوقت وتجهيز العوامل المطلوبة لذلك دون افراز سلبيات ، و الاهم هو الاعتبار من التجارب المختلفة و قراءة الخصوصيات ، مستندين على قراءة الواقع و التاريخ بشكل مفصل. و الخطوة الاهم هي تسوية الصراعات السياسية بعقلانية قبل الولوج في اية عملية تزامننا مع تامين الاوضاع الاجتماعية الاقتصادية و السياسية الملائمة لكل جديد ، و انبات بذور الثقافة الديموقراطية و نشر الوعي العام لتفهم و معرفة مضمون السلام و اهميته.
البداية تستهل من العمل المشترك و التعاون في سبيل تبديد المعوقات التي تواجه طرق نجاح العملية الديموقراطية في الوصول الى السلام، و السعي الحثيث واجب وطني و انساني من اجل ايجاد الحلول للقضايا الشائكة و بطرق مختلفة، و اهمها توزيع المهامات العديدة المختلفة على جميع الجهات المخلصة و قراءة الجزئيات و اختلاف المناطق بما يتمتع به، من خلال الدخول في عمق ما موجود على الارض ، و توضيح المفاهيم التي تستوجب نشرها و اتباع التعليم و المناهج العلمية المطلوبة في هذا الشان.
و عند قراءة و متابعة المضامين يمكن تسوية امور تتعلق بالعرق و الدين و المذهب و القرابة و اللغة المختلفة و العادات و التقاليد السارية، و ما تتصف به المناطق و الاقاليم المختلفة من الخصوصيات و يمكن حل كل مشكلة لكل بقعة بشكل منفصل عن البعض و الولوج في التفاصيل العميقة.
عندئذ يمكن التاكد من دخولنا في عملية ازالة التهديدات الدائمية الموجودة في تفاصيل حياتنا و توفير الضمانات المطلوبة لكل جهة و البداية على ما اعتقد يمكن ان تكون من عملية محو ظاهرة عسكرة المجتمع التي فرضت علينا بكل الطرق المتوفرة لدى السلطات المتعاقبة و لحد اليوم و نحن نسير مخطئين على ما توارثناه من العقود الماضية من دون ان نعلم و ربما بشكل غير مباشر.
و لا يمكن ان نعيد المجتمع الى سبيله و مساره الصحيح بغير العلمانية و الاعتدال و بالسلم و الطرق الامنة و بوسائل عصرية و الديموقراطية خير وسيلة لتحقيق هذه الاهداف الصعبة، و كما نشاهد ان البداية تظهر محياها عندما يظهر في الافق مجتمع اللاعنف و تنبثق منه المؤسسات الضرورية للتوجه نحو اللاعنف و السلام بالعمل الشاق و هو اثمن الاهداف الانسانية في عصر ما بعد الحداثة و للمستقبل البشرية.[1]