افتعال الازمات بين السلطة و الاعلام الاهلي في كوردستان، لمصلحة من ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3127 - #17-09-2010# - 22:50
المحور: الصحافة والاعلام
بين فينة و اخرى و نحن نعيش في ازمة مصطنعة بين السلطة التنفيذية المتمثلة بالاحزاب الكبرى و الصحافة و الاعلام الحرة، و تتكرر هذه الحالة كثيرا و لاسباب و حجج شتى في كل مرة ، و الدافع الوحيد هو المصالح الضيقة فقط سوى كانت حزبية او شخصية ، و لم يستفد منها اي الاطراف و المتضرر الاكبر هو العملية السياسية و الثقافية و المسار العام للحياة الاجتماعية و التقدم المنشود في اقليم كوردستان ، مع كل ما يمس المرحلة و الحرية و الديموقراطية الوليدة برمتها.
لو نعيد الى الاذهان المرحلة القريبة السابقة من تاريخ اقليم كوردستان ، و بالاخص مابعد الانتفاضة، و ما كان سائدا فيها هو سيطرة الصحافة و الاعلام الحزبي ذات التوجه الواحد فقط، في ظل الوضع السياسي المعلوم و الذي كان امتدادا لمرحلة نضال الحركة التحررية الكوردستانية طيل العقود المنصرمة، و نقيس ما كنا فيه من التكتم و انعدام الشفافية و الصراع المتشدد و التنافس الحاد، و ما آلت اليه الاوضاع الى ان وصلنا الى الاحتراب الداخلي في اخر المطاف و ضيعنا اللبن باكمله في الصيف و خرجنا من المولد بلا حمص مع ما نحن فيه الان . اننا نعتقد بان تلك الفترة كانت قاتمة، ولو كانت هناك وسائل اعلام حرة مستقلة حقيقية غير تابعة و هدفها بيان الحقائق و تجسيد الديموقراطية و فرض الشفافية و ترسيخ المباديء العامة للحداثة كما نرى نسبة منها اليوم، لكانت قد ساعدت في وضيح الامور ولو بشكل نسبي ، و ربما كنا نتفادى ما وصلنا اليه من المآسي، و ما نلمسها اليوم هي الاثار السلبية الواضحة المتبقية لتلك الفترة العقيمة، و لم يسلم من تلك المؤثرات اي مواطن كوردستاني ولو بشكل غير مباشر ، و كان السبب الرئيسي القوي لمراوحتنا او تخلفنا بشكل كبير خلال العقدين الكاملين من التحرر من ربق الدكتاتورية البغيضة.
تلك الفترة المعقدة الغامضة صعبت التحولات و التغييرات الايجابية المطلوبة من مأسسة النظام و فصل السلطات الى ترسيخ الديموقراطية و تجسيد الحرية، لا بل خلطت بين الحكومة و الاحزاب و جعلت الحكومة تابعة تسير وفق اوامر الاحزاب و هوى القيادات الحزبية بشكل مباشر, و اخرت الانتخابات البرلمانية سنين مما فوتت فرص اعادة التجارب الديموقراطية المطلوبة بمفاصلها العديدة، و لم ينعم الشعب من ايجابيات تكرار العملية الانتخابية ، و الامرٌ من ذلك ان الاوضاع ادت الى تقسيم الاقليم بين نفوذ الحزبين الرئيسين ، و الاسباب كانت متعددة و احدها الحرب الداخلية، الا ان انعدام الصحافة و الاعلام الحر المستقل لطرح المواضيع بشكل حيادي و بيان الحقائق امام الناس و فرض نقاش للمواضيع الحساسة و ابعاد البغض و فك الاحتقانات فما كنا قدوصلنا الى ما وصلنا اليه من نقطة الصفر.
لذا من ضروريات المرحلة و الاعمدة الاساسية للعصرنة و الحداثة و التقدم و ترسيخ الاعلام الحر هي وجود المجال الواسع لتوفير المعلومات امام الصحافة مما تتجسد الشفافية، و هذا ما يضمن وجود الاراء و المواقف المختلفة، و بوجود الاختلافات يسهل عدم الغاء الاخر كما حصل من قبل بطرق شتى، و لن يؤدي الى الطريق المسدود.
اما في هذه المرحلة الحساسة و بعد سنين قلائل من انبثاق الاعلام الحر و الصحافة الاهلية، فان السلم و الامان في مقدمة الاهداف دائما رغم قصر الفترة ، و لحد اليوم تعتبر هذه الصحافة رضيعة و في بداية ولادتها مما تحتاج لتعاون الجميع و لخير الكل من السلطات و الاحزاب و العملية السياسية برمتها و الديموقراطية في مقدمتها، الا اننا نحس بان التحزب الموجود على شاكلته الحالية و الضيقة الاهداف و ما تدخل فيه من المصالح الشخصية قبل الحزبية و النرجسية لدى القيادات المتنفذة ، فانها تحاول العمل على وأد التجربة من بداياتها و تحاربها بشكل كبيرو لكن دون جدوى لحد اليوم .
لقد تغيرت الظروف و انفتحت العقول و النظرات لدى جميع الناس و تغيرت المرحلة بما فيها، و لم تعد هناك ارضية مناسبة لاعادة الاقليم الى القمقم، فلا يمكن ان يحكم هذا الاقليم من قبل شخص او عائلة او عشيرة طالما دافعت النخبة بكل السبل عنه و استوضحت الامور لدى الشعب، و تكوٌن الراي العام بفعل ازدياد الوعي والمستوى الثقافي العام من قبل اكثرية الشعب الكوردستاني. لذا اننا نعتقد بان افتعال الازمات ورائها مصالح معلومة و من اجل تمرير اجندات حزبية مصلحية ، و محاولة منع المسيرة السياسية المستمرة و انها في طريقها الى التغيير، و محاولة كتم الافواه من اجل سيطرة حفنة مستفيدة مستاثرة بالحكم و السلطة ، و التي لا يهمها الشعب و مستقبله و الحرية و الديموقراطية بقدر مصالحه الذاتية، و تحاول اعادة عجلة الحياة العامة للشعب الكوردستاني . و لكن جميع المحاولات تبوء بالفشل و تبقى دون جدوى في ظل الظروف الموضوعية و الذاتية المتغيرة لابناء الشعب الكوردستاني، و في مقدمة الموانع وجود نخبة من المجدين في الصحافة الاهلية الحرة و المثقفين على الساحة و التي تبحث في جميع القضايا و تحاول بيانها للراي العام، و واضعة امام اعينها و انظار الشعب مستقبله و الامن الوطني و القومي ، و في في مقدمة المواضيع المهمة ، كيفية ترسيخ الصحافة و الاعلام الحر المستقل لبيان الحقائق المخفية كعامل حاسم للحفاظ على الحرية و تطوير الديموقراطية و تفعيل العملية السياسية و تقدمها، و منع اية جهة من وضع العراقيل في عجلة التقدم و امام المسار الصحيح المتبع من قبل الاكثرية.
الا انه من الجانب الاخر من الواجب و الضرورة الملحة على الصحافة و الاعلام الاهلي الحر الحذر و عدم الانجرار وراء المتاهات و ما قد يستفيد منها المتربصون و التركيز على جوهر القضايا و المشاكل الموجودة لايجاد الحلول المثالية ، و الاحداث واضحة، و لكن على الصحافة الاهلية ايضا الا تجبر على الانحراف عن طريقها و اهدافها الضرورية المرسومة دون علمها.[1]