اين العلاقات الانتاجية من متطلبات العصر في كوردستان ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3127 - #17-09-2010# - 14:03
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
في وضع خاص من كافة النواحي كما هو حال كوردستان، و ما جرى لها طيلة مراحل التاريخ السابقة و ما تتميز بها من الخصائص و الامكانيات و الثروات النادرة و ما تحويه ارضها لا تستحق ان تكون كما هي عليه الان من التخلف و عدم ركب التطور الحاصل في العالم، انها لم تستقر ولو لفترة قصيرة، فان ما تتصف به خارج نطاق المعقول و لا يمكن ان يقبل به اي شعب في العالم. اننا لن نكشف جديدا لو قلنا ان العلاقات الانتاجية مضطربة و قلقة و لم تتخذ مسارا طبيعيا لها في هذه البقعة من العالم لاسباب و عوامل ذاتية و موضوعية و في مقدمتها سياسية و هي التي اثرت على الحياة العامة بكل جوانبها ، و منها الوضع الاقتصادي و الثقافي و الاجتماعي ، و لم تنظم العلاقات الانتاجية بشكل ولو بسيط بل لم ترسخ ارضية لبناء بدايات ماهو المطلوب من هذا الجانب.
المراحل المتنقلة لم تسر بصورة طبيعية و سلسة كما هو حال المناطق الاخرى في العالم، و لم نلمس الا اشباه المراحل تلك و التي بدات طبيعية هناك ، اما في منطقتنا لم يكن من شيء الا مرحلة شبه بدائية بداية و من ثمن انتقلت الى الشبه الاقطاعية، و من ثم ملامح برجوازية او شيء من الراسمالية هنا و هناك ناهيك عن اختلاف منطقة مع اخرى في كوردستان نفسها ، بحيث نحس بوجود خصائص هنا و انعدامها هناك ، و كما نكشف عن وجود اشباه الفيودالية في مراحل غابرة و في مناطق معينة هنا ،مع بدايات لفترات شبه صناعية و بالاخص اليدوية منها.
لذا لا يمكن ان نشخص المراحل الطبيعية و نحدد صفاتها و لم نلمس عملية التطور الطبيعي في الحياة العامة في اية مرحلة كانت في هذا المجتمع عبر التاريخ . و كل ما كان هو تاثيرات المتسلطين و مزاجاتهم الشخصية و مصالحهم باي شكل كان، و التي سيرت العملية الحياتية الى وقت قريب جدا. لذا يمكن ان نصف ما في المنطقة بانها تمتلك العلاقات الانتاجية المتفاوتة و المتباينة حتى ضمن حدود منطقة او بقعة صغيرة واحدة مهما كانت الطبيعة الجغرافية فيها. لم يصل الواقع الاقتصادي العام لكوردستان الى الاكتفاء الذاتي بمعناه الصحيح يوما ، بل الطبيعة الجبلية لم تمنعها من ما يمكن ان نسميه باصطلاح العصر استيراد او جلب الاحتياجات البسيطة من اية جهة من محيط المنطقة على الرغم من محدودية عدد السكان فيها بشكل عام.
اما في العصر الحديث ،فان القوانين و الاحكام الصادرة المؤثرة على العلاقات الانتاجية سوى كانت سياسية ام ادارية فزادت من تعقيد الوضع بشكل واضح ، و اهم العوامل هو ترحيل القرى و الارياف و الهجرة الطوعية و الاجبارية الى المدن و الاعتماد على الواردات او المستوردات الزراعية الخارجية بشكل مطلق تقريبا. فلم نلحظ ما يتسم به هذه الفترة من اية خصائص تساعد على تنظيم العلاقات الانتاجية السائدة او تدفع بالواقع الاجتماعي الى التقدم باي شكل كان.
و بما ان هناك علاقة جدلية واضحة بين الجوانب الزراعية الصناعية السياسية الثقافية كافة مع ما موجود من النظام العام فان التخلف الزراعي اثر بشكل مباشر على هذه العلاقات و الظروف العامة والتي اجبرتها على التراوح مكانها، لذا لم نجد حتى ما يمكن نسميها البدايات الاولية للعصر الصناعي المنشود كما هو حال جميع مناطق العالم .
اظلم مرحلة في هذه المنطقة هي الفترة التي حُكمت كوردستان من قبل الدكتاتورية البغيضة التي لم تسلم منها الارض و الحجر ،و لم تحسب ولو بقيد شعرة حساب ما للعلاقات الانتاجية من ارتباط بالوضع الاقتصادي العام في اي جانب كان، بل الاوامر العسكرية القرقوشية خلطت الحابل بالنابل ، و كل ما كانت تهدف اليه هو السيطرة على هذه المنطقة باي ثمن كان و لجم الاحرار بطرق شتى، و الهدف الاكبر لها هو بقاء الاستجداء من المركز لكافة الضروريات اللازمة للحياة البسيطة للفرد الكوردستاني ، و اثارها باقية على الحياة العامة لحد اليوم.
كان من المنتظر ان يهم المخلصون من ابناء هذا الشعب نفسه في اعادة النظر من الجوانب كافة بعد الانتفاضة المجيدة، وبعد تحسن الاوضاع من جوانبها المختلفة، من ثم يؤثر التحسن مهما كانت نسبته من تلقاء نفسه على العلاقات الانتاجية ، و البدء بوضع الحجر الاساس لبناء حياة جديدة تتضمن تغييرا متعدد الجوانب و منتجا و مبرزا لعلاقات انتاجية جديدة و عصرية ملائمة مع متطلبات اليوم ولو بخطوات بسيطة ، الا ان الصراع السياسي و الاخطاء الكبيرة منعت هذه التوجهات التي اهتم بها الخيرون، و وأدت الافكار التي تهدف الى هذا من مهدها، لا بل عملية تسييس الفرد و العائلة عقدت الامور و ابعدت احتمالات التصحيح ، و هذا ما يحتاج لخطوات تصحيحية جذرية متعددة الجوانب، و وضع خطط و برامج مستندين على البحوث الواقعية لاعادة النظر في كافة الامور الحياتية ، و هذا ما يحتاج بالطبع الى عقول و قوانين مناسبة و نظام اقتصادي اداري ملائم و خطوات حاسمة و ارادة و ردع ما يقف حجر عثرة امام التغيير الشامل لما موجود لحد اليوم، لنلمس بدايات علاقات اجتماعية مختلفة بعد البدء بعلاقات انتاجية جديدة.
العالم يتقدم و اصبحت متطلبات العصر هائلة، ليس امامنا الا الجهود المضنية و الاخلاص و العمل المناسب، و كل ما نستطيع قوله اننا نلمس في السنين الاخير بصيص من هذا الضوء الخافت لهذه التوجهات المطلوبة، و البداية يجب ان تكون من الريف ، و على العكس منه بدانا نحن من المدن و بتوجهات راسمالية مظهرية فقط غير ملائمة للواقع الخاص بنا ، و دون ان نهتم بالبنى التحتية التي هي اساس التغيير المراد و التقدم المامول، و لم نستهل بعد خطوة واحدة فقط.
البداية يجب ان تكون من العمل على ازالة الاختلافات الواسعة الموجودة بين جميع المناطق الكوردستانية و من كافة الجوانب، و في مقدمتها الوضع الاقتصادي العام، لتحسين مستوى المعيشة و دخل الفرد، و بعد رفع المستوى العام للثقافة و التقليل من التاثير السلبي لنسبة الامية المتفشية (الامية بمعناها الواسع و ليس انعدام القراءة و الكتابة فقط) و الاهتمام بمصادر العلم و المعرفة. و البداية يجب ان يكون بالتوجه نحو الاطراف اكثر من المركز ولو لمدة معينة، لتقريب صفات و مستوى مكونات المجتمع من بعضها ومحاولة التساوي النسبي المنشود و التركيز على ضمان العدالة الاجتماعية و التي لا يمكن الوصول اليها في ظل العلاقات الانتاجية السائدة و ما موجود من النظام و القوانين الصادرة في هذه المرحلة.[1]