مابين كوردستان و الصحراء الغربية و جنوب السودان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3024 - #04-06-2010# - 14:25
المحور: المجتمع المدني
هناك نقاط مشتركة عديدة و من كافة النواحي السياسية الاجتماعية التاريخية بين المناطق الثلاث كوردستان و جنوب السودان و الصحراء الغربية و ما يقطنها من الشعوب، و لا يمكن تلخيصها في هذا المقال المختصر، الا اننا نعرج سطحيا على ما يمكن ان نوضحه من تشابه استمرار الظلم و عدم الاعتراف بهم نتيجة المصالح الكبرى لجهات مختلفة ذات صلة، و الواضح انهم غُدروا في تاريخهم و تلقوا الضربات و اصابهم الكوارث و المآسي جراء ما تعرضوا له من الاحتلال و المداهمات و الاجتياحات و الاعتقالات المتكررة، و ما جرى لهم من الاعتداءات و ما عوملوا به من الاجحاف من قبل المتسلطين و لم يحصلوا على جزء بسيط من حقوقهم المشروعة طوال حياتهم و لحد اليوم الذي اعتلت فيه مفاهيم الانسانية و ضمان الحقوق الطبيعية للانسان في العيش و السكن بكرامة و عزة نفس و تحقيق الامنيات و الاهداف التي يستحقونه بحرية تامة و من دون اي اعتراض من احد، و هذا دليل على مدى الظلم الذي لحق بهم جميعا طيل تاريخهم الطويل.
كوردستان الاكبر من حيث المساحة و عدد السكان البالغ حوالي 65 مليون نسمة التي تعيش على ارض تبلغ مساحتها حوالي 410الاف كلم مربع المنقسم على اربعة دول مجاورة، و لها تاريخ طويل و مرير و تحاول منذ عقود تقرير مصير ابنائها دون جدوى لاسبابه المعلومة و ما تمنعه مصالح الدول المنقسمة عليها عدى ما تشتهيه الدول الكبرى و ما تحملها من العلاقات مع هذه الدول.
جنوب السودان ذات عدد السكان البالغ حوالي8,5 مليون نسمة تعيش على ارض مساحتها حوالي 600الف كلم مربع و له تاريخ ماساوي و مخضب بالدم ايضا كما هو حال كوردستان و الصحراء الغربية، و ربما يقترب من تحقيق اهدافه نظرا للظروف الموآتية له بعض الشيء بعد الاستفتاء المقرر ان يجري لابناء شعبه في تقرير مصيرهم في الانفصال او البقاء ضمن السودان في العام القادم .
اما الصحراء الغربية ذات المساحة حواليي 266الف كلم مربع و عدد السكان البالغ حوالي نصف مليون ، فانها مشابهة لحد كبير للمنطقتين الاخريتين من جوانب عدة و بالاخص عملية تعريبها منذ القرن الثامن و وصول الهجرات العربية من شبه الجزيرة العربية اليها و التي غيرت من ديموغرافيتها و تركيبتها و وضعها الاجتماعي كما هو حال الكثير من مناطق كوردستان ، و كما هو حال محاولات السودان المستمرة في هذا الجانب لجنوبها حتى اليوم، الجانب الايجابي في تاريخ الصحراء الغربية انها اعلنت استقلالها في #27-02-1976# و اسست الجمهورية الصحراوية الديموقراطية و اصبحت عضوا كاملا في منظمة الوحدة الافريقية رغم تراجع البعض عن اعترافهم لها مؤخرا ، و لهم الخصائص المميزة و التي توصلهم لتحقيق مصيرهم النهائي متى ما كان .
لو فكر احد في القوميات التي تعيش في المناطق الثلاث التي ذكرت و ما يتميزون به من الصفات و الخصائص و السمات التي تفرقهم عن الاخرين و عن المحتلين، و لو حلل تاريخهم و تواصلهم و من ثم التغيير الحاصل في بنيتهم و كيانهم جراء التدخلات الاخرين في شؤونهم و فرض سيطرتهم عليهم بالقوة الغاشمة و حسب كل مرحلة ، سيفكر جليا في الوضع العام المقاوم لكل محاولات التغيير للمنطقة و التعاملات التي تجريها كل جهة للاخر ، و من ثم ان تواصل في ان يقيٌم بشكل محايد ما يجري في كافة بقاع منطقة الشرق الاوسط و المغرب و ما فيها من القضايا العالقة سوى كانت ما تتعلق بالقومية الكوردية او الامازيغية او( الدينكا و النوير و الاشولي و الجور والباريا و اللاتوكا) الجنوب السوداني و ما يجري في اسرائيل و فلسطين سيقف طويلا قبل ان يحكم على اي طرف بالتعدي و الاحتلال ، و ان قارننا الظالم و المظلوم من كان و اينما كان، فاننا لو عممنا ،سنرى ان العقلية التي تدير الصراعات هي نفسها في كافة المناطق ، و لم نجد الذي يعتبر نفسه مغبونا و محتلا الا لو سمحت له ظروفه و قوته و هو يحتل الاخر و يظلمه كما يحدث في هذه المناطق من قبل المسيطرين باسم الدين، و تعتبر القومية المسيطرة نفسها مظلوما و محتلا من قبل اسرائيل ،كما تفعل بنفسها الاعمال التي تجري على قدم و ساق في تلك المناطق المذكورة . فهل يمكننا ان نلوم الاخر على افعاله و ننهي ما يصر عليه و ناتي نحن بانفسنا بمثله في مكان اخر !!.
اذن القضايا الشائكة المتعددة في هذه المنطقة شبيهة لبعضها و طالما بقت على حالها و لم يحقق المظلوم اهدافه و لم يُرفع عنه الحيف مهما كانت المصالح فلم نجد منطقة امنة و مستقرة . فالازدواجية في العمل و التعامل مع القضايا و الكيل بمكيالين لا ينفع اية جهة و لم يخدم الانسانية برمتها و سيُبقي على المشاكل كما هي كعقدة شائكة بعيدة عن الحل.
اذن كما نحن متاكدون من الحل وهو واحد للقضايا المتشابهة، فلا يمكن ان يقر شعب مصيره و ينتظر الاخر لاخر الدهر و هو يتلقى الضربات الموجعة من الجهة التي تتلقى بنفسها الالم من ما تعتبره المحتل و ما تعتبره غدرا من جهة اخرى.
الانسانية و الافكار و النظرات العصرية الحداثوية تفرض على الجميع الا يفرقوا بين الانسان و اخيه سوى كان امازيغيا او كورديا او عربيا او عبريا او قبطيا اومن اية قومية او عرق اخر كان، فلم تبق مبررات ايديولوجية او دينية او مذهبية تسمح للاعتداء على الاخر باسم و فكر و اعتقاد مختلف، و لم يبق الا ان ندعو جميع الشعوب المظلومة في تاريخها الا الى الاعتدال و الاعتماد على المباديء الانسانية السامية و التعاون و الاتحاد و التجمع حول المباديء الانسانية المشتركة لتحقيق الاهداف المشتركة و في مقدمتها حق تقرير المصير الذي هو من الاولويات للشعوب المغدورة في المناطق و الدول الثلاث، و المرحلة لا تسمح للاخرين بالاستمرار في غدرهم و تباكيهم على تحقيق و فرض عقائد و افكار ضيقة الافق و عنصرية المنطلق من اجل بقاء ظلمهم.[1]