قلنا فلتكن كوردستان بوابة للحرية و الديموقراطية!
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3003 - #13-05-2010# - 19:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
نحن نتباهى و لحد اليوم بما وصلنا اليه من التقدم وما حققناه في التقدم من الظروف العامة التي نعايشها و التي وصفناها بالتغيير الكبير و الانتقالة من حال كنا نعيش فيه تحت رحمة الدكتاتورية و افعالها البغيضة الى السلم و الامان، و ما دعانا ان نتفاخر بما فعلناه، و اصرينا على ان نقدم درسا للاخرين هو اتباع المصالحة و نبذ العنف و ازاحة الثار و الانتقام في تفكيرنا و عقليتنا، و الاهتمام بالوسائل التي تقدم ماهو الخير للانسان و في خدمة الانسانية ، و نطبق مفاهيم عصرية و نعتمد على ما تتطلبه المستجدات و نحترم الاخر و نضمن التعددية و سيادة القانون و نؤمٌن المقومات الاساسية لترسيخ الديموقراطية و نعتمد على اهم مبادئها الضرورية. هكذا اصبحت لدينا تجربة على ارض الواقع و استندنا على الانتخابات و اسسنا حكومة فتية منذ تحررنا من مخالب الدكتاتورية بعد الانتفاضة المجيدة، و نحن شبه مستقلين و نتقدم بخطى واثقة و لكن بطيئة. كنا قلقين لمدة طويلة رغم ما فرضته الضرورات علينا من الاعتماد على الذات حصرا، و السبب بقاء الدكتاتورية لمدة طويلة و ضغوطاتها لحين سقوطها ، و ما افرزته ابعاد تخلصنا منها و ثبتنا اقدامنا على الارض و اصبحنا قدوة للاخرين .
شهدت كوردستان تقدما ملحوظا من جميع جوانب الحياة دون استثناء ، و تعتبر هذه الفترة الذهبية لهذا الاقليم منذ عهود مضت، لذا كان من الواجب على المهتمين ان يقدٌروا ما نحن فيه و يحسبوا حسابا دقيقا للضحايا الغفيرة التي قدمت من قبل الشعب من اجل الوصول الى الاهداف التي لم تتحقق نسبة كبيرة منها لحد اليوم، و كان من المفروض على القادة قبل الشعب ان يحلوا المعادلات الصعبة الداخلية و الاقليمية باقصى تركيز و دون خطا يُذكر، و لكن!
منذ الانتفاضة و الشعب الكوردستاني يتحمل الصعاب من الحصار المزدوج عليه داخليا و خارجيا، و لم يركع لاحد و عاش سنين عجاف مرفوع الراس ، اضافة الى ما قدمه من الدم و المال و البنين فانه صبر طويلا من انعدام ضرورات حياته العادية، الا ان الصراع الحزبي و الايديولوجي زاد من الطين بل، بحيث تورط بالحرب الداخلية و لاسباب تافهة، و كنتيجة اعتيادية لانعدام الحكمة لدى قيادتنا و توارثهم للصفات التي اكتسبوها من الوضع السياسي الاجتماعي الثقافي لمرحلة الحرب الباردة و التحزب الضيق و محاولة نفي الاخر و الغائه كما كان سائدا ، من اجل الانفراد بالسلطة و الحكم، الى ان سقط الصنم و عبرنا عتبة القلق المزمن و الخوف من البعبع الذي كنا نعيشه في كل لحظة، و جائت مرحلة تثبيت و ترسيخ الحرية المطلوبة ، و لكن العملية السياسية اديرت الى غير محلها ايضا.
خلال هذه المدة قُدمت من الخدمات العامة رغم الفساد ما يمكن ان نسميها انها دون طموح الشعب لو قورنت بالواردات و الموارد المالية التي لو استخدمت بشكل صحيح و بتخطيط علمي لكنا الان في وضع مغاير حقا.
لمسنا تقدما معقولا لو قارننا انفسنا مع الاخرين في مجال حرية التعبير و الصحافة و الاعلام و رفعنا من شان الاقليم و اعتلينا سلما اخر من الثقافة العامة، و لكن!!
لو ندقق، نرى ان الظروف العامة و ما تقدمنا به من تلك النواحي التي تهم الانسان و التي تعتبر الحجر الاساس للتحرر و الاستدامة في التطور و الاصلاح و التغيير ، نشهد عثرات متعاقبة و عراقيل تصنعها السلطة بذاتها لاسبابها المعلومة و في مقدمتها المصالح الحزبية و الشخصية المعيقة لبناء المؤسساتية و تجسيد المجتمع المدني و ضمان النسبة المريحة من العدالة الاجتماعية و المساواة.
فرحنا كثيرا و قلنا هكذا يجب ان نعيش و ليعرف العالم باننا شعب يستحق الكثير ، و لم يلق هذا الشعب الا الظلم و الاستعباد و التشريد و الدمار من قبل، ولو سنحت لنا الفرصة سنوضح لهم باننا لدينا ما يقدم لنا و للاخرين ما يحتاجونه من كافة الجوانب العلمية و الثقافية و الادبية، و لدينا من الرموز و الجهابذة ما تبدع ايديهم و افكارهم و عقلياتهم ، و لكن!!!
قلنا من قبل و ناقشنا و حاورنا و صرخنا على ان تكون كوردستان بوابة للحرية و الديموقراطية و ارضا لضمان حقوق الانسان و دافعا و مشجعا للاخرين بان يقتدوا بها و تكون مثالا للحداثة و التمدن و التنوير و بانيا لعصر النهضة في المنطقة، و عند تجسيد هذه الصفات سنتحرر نهائيا و نحرر الاخرين معنا الى الابد،و لكن!!!!
ما نشاهدها في هذه المرحلة من الاحداث تخيب الامال و تعيد بنا الى الظلمات لو لم نجد الحلول الجذرية لها و خاصة قمع الحريات و اتباع الصراع الملتوي غير النظيف و كم الافواه و محاولة نفي الاخر و التوجه نحو الحزب الواحد الاوحد و القائد المهيب المقدس .
مايمنع توجهات السلطة الكوردستانية غير الواقعية هو الوعي العام للشعب و الحراك السياسي الثقافي و فعالية المنظمات المدنية و الثقافية، و هذا ما يفرحنا ،لاننا لمسنا خلال هذه الفترة و بعد اغتيال الصحفيين نشاطا واضحا و مؤثرا و مثيرا للراي العام مما يفرض ضغوطا على المتنفذين ليعيدوا النظر و يحسبوا للمرحلة الجديدة و مستجداتها و ما يتطلبها الواقع، لنكون مثالا و نموذجا يحتذى به الاخرين.
و ان وصفنا ما نحن عليه في نصابه الصحيح، سنخدم انفسنا و الاجيال و الاخرين في المنطقة و سنكون بوابة واسعة لمرور نسيم الحرية الصافي ، و نخلق المقومات الاساسية لضمان الحرية و الديموقراطية و الحداثة للجميع ، و يجب ان نتفائل بما لدينا من القدرة و الامكانية و العقليات و الوعي العام المبشر و الثقافة العالية ، لنجسد الحرية المطلوبة معا، و يجب ان نشخص الخلل و المعوقات و نعالج اي منها بشكل صحيح، و نزيح العراقيل امام تجسيد الحرية الدائمة.[1]