مابين الفكر المنطقي والخرافي و نتاجاتهما
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2765 - #10-09-2009# - 18:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هنا لابد ان استخدم المفاهيم التي اريد طرحها و ما تعنيها علميا، و لن اهتم بالمصطلحات التي تستخدم جزافا و تعني في حقيقتها شيء بينما تستخدم اجتماعيا و من خلال ما ترسبت حولها من المعاني المتعددة المختلفة و المخالفة بعضها عن معناها الطبيعي الحقيقي شيئا اخر، كما لا اريد ان اهتم بما تستخم خلال الجدالات الثانوية و التي لا تعني جوهر المفهوم نفسه لو تحدثنا به فلسفيا، فهناك من يعتبر الفكر ظاهرة تاريخية سياسية فلسفية ثقافية و اجتماعية تستخدم للبحث و الاكتشاف عن الاحداث من غير ان يُذكر بان الفكر هو عملية و منهج عقلاني منبثق من الخبرات و المعلومات و المعاني الواردة و المتوارثة عبر التاريخ بتغيير مستمر وفق مستجدات كل مرحلة من حيث الاعتماد على المواصفات التاريخية و الفلسفية و الثقافية و السياسية و الاجتماعية العامة، و التي تكون مختلفة المظاهر و متوحدة الجواهر و الالباب في جميع بقاع العالم . اي الفكر و ما تلتصق به من التوابع هو ثمرة و نتاج التفاعل العقلاني المتعدد الاوجه لموضوع و حالة يمكن التعبير به لغويا و يمكن ان لا يعطي النطق به ما يعنيه لب الحالة و جوهره في كثير من الاحيان او ما تقصده جوهره بشكل متكامل ، الا اذا اتفقت الاطراف المختلفة حول التوجه و ما يعنيه المفهوم متوحدين في التعبير . يصح هنا ان نصف اي فكر بانه العملية العقلانية او نتاجها ، و هي الوسيلة ذاتها في التاثير على ايجاد اوجه الحداثة و انبثاق او انشاء العوامل المحفزة للتغيير في جميع المجالات . و الاختلافات التي تظهر في معنى و شكل و مكامن الافكار من موقع لاخر تكون حسب المذاهب الفلسفية و المعرفية الشائعة هنا وهناك .
المعلوم و الواضح لدينا، ان الفكر يجسد نفسه من ثمرة التفاعل العقلاني الفردي الى الجماعة او نتيجة تفاعل العقول الجماعية حول الموضوع ذاته و بمعنى واحد و مستقل و مبدع في الكثير من الحالات ، و هو الذي يدفع الى تغيير الواقع من الناحية التي يعنيها و ما يقصدها هذا الفكر و من ثم تحصل التنمية و التطور في مسيرة المجتمع ، و كما هو المعلوم، انه عملية علمية دقيقة و موضوعية، و هو اذن عملية عقلانية ذهنية متكاملة لا تقبل التردد و الانشقاق و الانحدار ، و هنا يجب علينا جميعا سوى كنا يساريين او بالضد منه ان نعود الى القاعدة و النظرية الاساسية التي تبنتها اليسارية و هي نفي النفي في الجدلية المنطقية المعروفة في الفكر اليساري . مع كل تلك العمليات الحاصلة في ذهن و عقلية الانسان و هو كائن حي دائم التفكير منذ نعومة اظفاره ، فان للوسط و البيئة الاجتماعية و العائلية بشكل خاص دور و تاثير كبير على كيفية عمل العقلية الانسانية ، و هناك ما يدفع الطفل قبل وصوله الى سن الرشد في التوجه نحو التفكير الخرافي او غيره و هو الامر الصعب و المؤثر السلبي على الحياة بشكل عام و المجتمع المدني بشكل خاص، و يستندون على الغيبيات و التوجهات و الافكار غير المنطقية التي لا تتلائم مع التقدم و العلم و المعرفة ، و هو اخطر المؤثرات السلبية على التغيير الصحي في المجتمع ، و هذا التفكير او الفكر الخرافي ليس له وجود في الواقع من ثوابت و دواعم تثبته علميا و انما يكون ناتج التفكير الخيالي للفرد او الجماعة ، و هذا لا يمكن ان نلصقه بعمر معين ايضا ، و انما يبدا من الطفولة و الحيوية الموجودة في العملية العقلانية التي يتميز بها الطفل و المراهق و الحيوية و النشاط الجسمي العقلي و الفكري المهم لديه ، و هو يهتم بمن يمتلك الحس و الشعور و العقل و يصل الى الامكانية العقلية الكاملة لتحليل المواضيع و يحاول اجابة الاسئلة التي تطرحها عقليته المتكاملة بشكل سوي و واضح. اما العقلية الخرافية التي يعتمد عليها الكبار ايضا هي التي تقود المجتمع الى التخلف و تحليل و تفسير الظواهر و الاحداث في غير محلها، و يكون وفق العقلية المؤمنة بما وراء الطبيعة الخارقة في نظره . اما الفكر المنطقي العلماني المعتمد على نهج معرفي و عملية عقلانية مستندة على الثوابت و الدلائل ينفي كل ما ليس له صلة بالمنطق و العلم و الاختبار او العملية التجريبية ، و هنا اي في الفكر المنطقي اعلمي يكون الناتج فكر مؤثر واضح و عملي على تغيير الواقع المستمر نحو الامام، و يزيح ما هو الخرافي و ينتج ما يفيد الانسانية و ما تتطلبه الحياة البشرية و تُثمر منه الحياة الحقيقية الواقعية بعيدا عن الخيال.[1]