اليسارية عملية مستمرة لاتهدف الوصول الى نهاية التاريخ
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2765 - #10-09-2009# - 10:26
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
في هذه الايام و في الوضع الفوضوي و غير المستقر لدنيا الصحافة لدينا و التي تمر به منطقتنا عموما، قرات عمودا غريبا استوقفني حقا ، استنتجت من مضمونه ان كاتبه يهدف الى تشويه الفكر و الفلسفة اليسارية بشكل عام و من جانب ايديولوجي و من زاوية يعتمد على مفاهيم عصرية و يتهمها بانها الفلسفة و الايديولجية الفاشلة ، و يريد ان يلصق المفاهيم التي فشلت في العالم الراسمالي بالماركسية و اهدافها و جوهرها ، و هو يدعي بان المرحلة الشيوعية التي دعاها ماركس هي نهاية التاريخ بحالها ، على اساس بانها المرحلة التي لم تبق مراحل اخرى بعدها لتنتقل اليها الحياة البشرية في التوجهين ، و هذا فهم سطحي و ساذج لهذه الفلسفة العميقة العلمية التي تعتمد اساسا على المادية الجدلية و الحركة الدائمة دون توقف و بديناميكية متعددة الاوجه و ما يحصل هو التغيير الدائم و التطور المستمر ، و كل هذا لا يعني التوقف على حال واحدة ، بل الفلسفة اليسارية بشكل علمي تعتمد على الحركة الذاتية في المجالات كافة و بها ينتج التطور و من جرائها يحدث التغيير الدائم .
ان كل ادعائات صاحبنا الكاتب الصحفي هي ان الثورة تعني التغيير الجذري لانهاء و ازاحة الموجود و طرح البديل و تثبيته و اقرار الواقع الجديد الثابت بوجود المشرفين من المتابعين و المراقبين المنزهين و المعصومين كما يدعي و هو زور و بهتان للثورة اليسارية ، و كما يقول وقودها الطبقة الكادحة و اما من يبقى اصحابا لها هم المشرفون و الراعون و القائمون على ايجاد مستلزمات الثورة و متطلباتها و المؤمٌنين شروط نجاحها و استمراريتها لحين الوصول الى المساواة النهائية و يشبهه بمفهوم نهاية التاريخ ، و الاكثر غرابة انه يوازيها و يشبهها بالثورات الدينية و العقيدية الاخرى التي تهدف الى ازاحة الموجود و احلال البديل المفضل الحاضر مسبقا . و يعتبر الثورة في الحالتين تنظيف و تهذيب لما يقسٌمه الثوريين في العالم المشابه للخير و الشر التاريخي المتوارث من العقائد و الفلسفات التاريخية و من تراكم ما ورثته البشرية من الاديان و المذاهب و الاساطير الغفيرة في التاريخ العتيق الغابر و ايضا الحديث، و ينسٌب عمل اليسار كما هو اليمين الى ان الانسان منزه في طبعه و يحاول محو الشرور من جذوره الموجود على المعمورة ، و هناك الاشرار في الجانب المقابل و كل جهدهم منصب على نشر و سيطرة الشر ، و يسمون اما بالكفار في العقيدة الاسلامية و بالراسماليين في الفلسفة اليسارية ، و في هذه المقارنة العجيبة ان الهدف منها تشبيه الفكرين و العقيدتين و الفلسفتين من اجل ماينويه من نشره و هو ايمانه بالليبرالية التي في جوهرها لا تفرق بشيء عن الراسمالية لا بل هي الراسمالية الجديدة في جلد حرباء و مغاير في كل مرحلة. و يتهم الفكر و الفلسفة اليسارية بالجمودية في حال وصول البشرية الى المرحلة الشيوعية و ستبقى على اعتقاده جامدة غير متغيرة ، و هذا فهم خاطيء لجوهر الماركسية و قراءة بسيطة لعناوينه فقط دون الدخول الى العمق الذي يفسر لاخينا ان اراد ما هي الحركة الديناميكية و العلاقات الجدلية المتشابكة بين المفاهيم في الزمان و المكان و ما تصل اليه الناس في اخر المطاف الذي ليس له النهاية . و يصف بعض المذاهب و منها الفوضوية بانها اليسارية و ينتقد ما تهدف اليه من هذه الزاوية ، و لا اعلم هل قرا صاحبنا الاراء و الافكار و الانتقادات اليسارية العلمية حول الفوضوية في اليسار ، و هو يخلط بين العلمانية و الافكار ماوراء الطبيعة ايضا، و كأنه كشف الجهات و المواقع المظلمة لليسار و يدعي كل ما تنتجه هو الجوع و اللامساواة و القمع ضد المعارضين !! و الهدف العلني الفضيح في كل كلمة يدعيه هو الترويج لليبرالية الراسمالية و الذي يعيش في تلك البلدان التي تدعيها و تعتبرها الفكر و الفلسفة و النظام المثالي الملائم لهذا العصر ، و لا يسعنا الا ان نحترم رايه و ندعوه للتعمق اكثر في الفكر و الفلسفة اليسارية لكي لا تخلط الامور في قرارة نفسه و يقتنع بما الاصح.[1]