الادعائات المتناقضة للحكومة التركية حول القضية الكوردية
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2764 - #09-09-2009# - 08:52
المحور: القضية الكردية
لقد انفرج بعد صبر طويل و اشرقت الشمس و وصلت اطيافها و طافت فوق قمم جبال شمال كوردستان بعد ان نطق المتنكر للحقيقة منذ مدة ، و اعلن اليوم بصوت خافت انهم الكورد من يعيشون في جنوب شرق اناضول و ليسوا باتراك جبليين ، هذه حسنة و خير و نجاح يعود اليه قبل غيره،و مفتاحلباب مغلق لسنين طويلة و محاولة لفتحه على مصراعيه و من اجل دخولهم هم لجنة الاتحاد الاوروبي و ضمان مستقبل اجيالهم قبل الشعوب المغلوبة على امرها .وكما نعلم اصبح سنين و عقود عديدة و هم ينكرون وجود امة تعيش على ارض اجدادها و يمنون عليها ما تعتمد و تحصل عليه بعرق جبينها ، و يتحججون و يبررون اقوالهم و افعالهم كيفما كانت بشتى الحجج و يستندون على افكار و عقائد و فلسفات دينية مرة و عرقية في اخرى و من ثم ايديولوجية و فلسفيا اخيرا و يدعون زورا و بهتانا علمانيتهم و تقدمهم و عصرنتهم و حداثتهم في التفكير و التصرف و الفعل ، و لا تمت ما يعتمدون عليها بصلة تذكر بجوهر الافكار التي يعلنونها و يصنفونها حسب رغبتهم و هواهم .
اليوم بعدما عادوا الى رشدهم شيئا ما و بقليل من الانفتاح اعترفوا بالامر الواقع و ما موجود على الارض ، و انها قضية لابد الاصرار على حلها و اعترفوا على العلن و على العالم ان يعترف بها ايضا على الرغم من اخفائها و تغطيتها من قبل من له المصالح المتشابكة مع الدولة المعترفة بها و من يرعاها من القوى الكبرى .
و انفتحت اخيرا الحكومة التركية الحالية على القضية و ادركت بانها يجب ان ينعكف على حلها اليوم كان ام غدا ، و ذكرت ما كانت من الواجب ان يُذكر من زمان و كان الاجدر الاهتمام بها و البت بطرحها على بساط التفاوض و الحل قبل الخسائر البشرية و المادية التي تكبدتها بمحض ارادتها و منذ سنين ، و كان بالامكان تفادي الكثير مما حصل و جرى لشعوب هذه الدولة لولا التعصب و الاستعلاء و المصالح التي اتسمت بها و حاولت ان تحافظ عليها الحكومات التركية المتعاقبة و الحكام المتعاقبين في تركيا .
و لمعلوم ان الشعب الكوردستاني يتمتع بصفات تذكر و تحسب له و هو الذي ينسى المآسي و يعفوا و هو في اوج قوته و كما شاهدنا عند انتفاضة اذار في جنوب كوردستان و مدً يده المتسامح و اعفى عند المقدرة لمن انفله و امطر عليه السلاح الكيميائي و اباد ابناءه و جرف و مسح قراه من على الارض بابشع الطرق ، و اليوم نرى شعبنا في شمال كوردستان يكررون الكرة و يعلنون وقفهم لاطلاق النار من جانب واحد كما اعلنوه مرارا ، و يعلن قائدهم الاسير خارطة طريق دمقرطة البلد و خطة التعايش السلمي و ضمان حقوق الجميع ، و الذي لم يُعترف حتى الامس القريب بوجود شعبه ، بعدما احس الالتقدم الظاهر ولو بخطوة بسيطة من قبل السلطة التركية ، و لكنها لم تر النور و حجزت هذه الخطة الحكيمة و الخارطة المعتمدة من قبل السلطة التركية و استولوا عليها و لم يفكوا اسرها و هي التي تفيدهم قبل غيرهم لاسباب معلومة للجميع .
و المؤلم في الامر ان الخطوات المتوجهة نحو الاهدف المنشود عندما تقابل بصدر رحب من قبل الشعب الكوردستاني ، تقابل بافعال و عمليات عسكرية سوى كانت لترضية المتعصبين او العسكريين الذين يعيشون و يعلنون جهارا معاداتهم لكافة الحلول و يقدمون على محاربة الشعب الكوردستاني كوسيلة يستعملونها في صراعاتهم الداخلية مع الاطراف المتعددة في تركيا .
من التناقضات الواضحة التي نلمسها هي التصريحات المتعددة المتباينة و من قبل المناصب المختلفة حول المبادرة لحل القضية الكوردية ، و تعلن الحكومة التركيةبانه حان الوقت لتستهل هذه الخطوة و في الوقت ذاته تستمر العمليات العسكرية ، و المدهش هو الاستيلاء على خارطة الطريق التي خططها اوجلان و اصرارهم على طرحها للعلن منذ انبثاقها ، و ان كان السبب الرئيسي هو محاولة الحكومة التركية على ان تكون هي صاحبة المبادرة كيفما كانت و تكون كافة الاوراق و المفاتيح بيدها ، و منثم تحاول ان تساوم عليها و تطرحها في صراعاتها الداخلية مع الاطراف المعارضة في السلطة التركية ، و محاولة لسحب البساط من تحت ارجل العسكريين و المتعصبين العصريين من القوميين و الشوفينيين الذين بعارضون اي طرح حول هذه القضية . و من جانب اخر تستعمل الخارطة كوسيلة و شروط في تفاوضهم مع الشعب الكوردستاني و ممثليه من الحزب الشعب الديموقراطي و الحزب العمال الكوردستاني و جموع الشعب الكوردي المؤيد للسيد اوجلان و افكاره و اطروحاته و ارائه و ما يعمل من اجله ، و تدع السلطة التركية زمن و مكان طرح هذه الوثيقة المعتبرة شعبيا و سياسيا بيدها و بمحض ارادتها . و لكنها في الوقت نفسه و بالاخص حزب العدالة و التنمية يحاول ان ينجح في هذا المضمار و هو في اوج و قمة شعبيته و ثقله و لا يريد في نفس الوقت ان يضحي بما لديه من الامكانية في هذه الطريق ، لا بل يريد ان يزيد من امكانياته و موقعه و قوة مواقفه و ثقله و شعبيته ، اضافة الى انه يريد ان يضيف موقف تاريخي يكتبه له التاريخ و لنفسه و لسجل انجازاته المتعددة في وقت قصير من سيرة نضاله . و نتيجة لكل تلك الموجبات نرى التناقضات الواضحة في مواقف و اراء و افعال السلطة التركية ازاء هذه القضية الهامة الشائكة.[1]