هل تاثرت الثقافة في الشرق الاوسط بالازمة المالية العالمية
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2756 - #01-09-2009# - 21:19
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
كما هو الحال في جميع مجالات الحياة ، تاثر الغرب من كافة الجوانب من افرازات الازمة المالية العالمية الاخيرة و بانت سلبياتها بشكل جلي على معيشة الناس و عملهم ، و ازدادت نسبة البطالة و اغلقت البنوك و المصانع و حدثت الركود الاقتصادي العام ، و به تاثرت الثقافة بشكل عام من بين المجالات العديدة الاخرى و تغير مسارها و احست الناس بمدى الجمود في العملية الثقافية ، و الدليل انخفاض نسبة مبيعات الكتب بشكل كبير و تاثرت الجامعات و المعاهد العلمية و المراكز الدراسية المعتبرة بشكل سلبي و انخفض مستوى انتاجها ، ولم تنتعش الحالة رغم مرور وقت غير قليل عليه . اي العلاقة الجدلية الواضحة بين الاقتصاد و الثقافة و مستوى حياة المجتمع قد اثبتت صحتها مثلما تؤكدها اليسارية قبل غيرها ، و حتى الفنون و الادب و الفروع المتعددة المنبثقة منها لم تواصل تقدمها كما كانت من قبل و في السنين السابقة ، و هذا ما يجبرنا ان نبين و نوضح ان الراسمالية ادركت مدى غوصها في الاخطاء و استمرارها في نهجها على الرغم من التحذيرات المتعددة لها هنا و هناك ، و اليوم تاكدت من مدى الخطا الذي اقترفته في سياساتها و نهجها العام و ما تعبر عنه فلسفتها و اثرت بشكل مباشر على العالم اجمع . مَن يقارن بين الغرب و الشرق من النواحي كافة و بالاخص الثقافة و ما تحويها و تاثيراتها على المجتمع و ما مؤثر فيها يتلمس الفرق الواسع في حدة التاثير بينهما و ربما في بعض المناطق لم نلاحظ و لم نلمس التاثيرات الا بشكل طفيف جدا ، و هذا له اسبابه ، و اهمها انخفاض المستوى الثقافي العام في المنطقة و انعدام الالمام و الاهتمام بهذا الجانب لو قورن مع الغرب و ما يتصفون . و نظرا لانخفاض نسبة القراء و انشغال اكثرية افراد المجتمع بالامور الثانوية من اجل تامين لقمة العيش و ضروريات الحياة ، فان المستوى الثقافي ثابت على حاله و لم يتغير الا على افراد المجتمع على انفراد و على مستوى شخصيات و ما يبرز من المبدعين . و ما يعانيه الغرب من الازمة المالية و تاثيراتها على ثقافته العامة و طرق تقدمه لم يُحس به هنا على الرغم من وصول الافرازات السلبية للازمة على الحياة العامة الى المشرق و تاثر اقتصاده بها مما اعاق التقدم العام لاقتصاد المنطقة ، و لكن الثقافة العامة كما هي على حالها و نسبتها ثابتة لم تترنح من مكانها .
نظرا لاختلاف اهتمامات الناس بين الشرق و الغرب و وجود العقد و المشاكل و القضايا الكثيرة التي تشغل المواطن اكثر من اهتمامه بالفن و الثقافة هنا، هذا ما يدعنا ان نعتقد ان النتيجة تكون لصالح التقارب في مستويات شعوب المنطقة على الرغم من السلبيات ، و عند انتعاش الحال سوف يستمر التقدم و تزاح العواقب .
التاريخ يدلنا على ان المسيرة كانت هكذا منذ القرون الغابرة ، تقدمت منطقة و بقت اخرى على حالها و استفادت من الاخرى لحين وصول الحال في بعض المراحل الى انقلاب الامور و تغيير المستوى ، و لكن اليوم ، لازال الغرب في الطليعة من كافة النواحي و منها الثقافية و لا يمكن ان نعتقد بانه سيبقى على حاله و يتاثر بالركود الاقتصادي و يكبحه من النواحي كافة ، و لكنه يمكن ان يتجاوز الازمة . و ما يمكن ان نقوله هو انه على الغرب ان يعتبر من الازمة و مثلهم الشرق. و على الشرق اعادة النظر في مسيرة الحياة العامة و الاهتمام بالثقافة العامة كاولى الاولويات و يجب ان يكون العمل الرئيسي له هو الاهتمام بالمبدعين ، و يصر على تحقيق الاهداف التي تحتاج لطرق و برامج و استراتيجيات و عقليات من اجل الوصول الى مستوى مقنع و قريب من الغرب ، و التقدم الاتصالاتي العام يسهل الامر على المواطنين في الشرق من اجل ان يسلكوا الطريق السهل و العلمي الدقيق، لرفع المستوى الثقافي العام في هذه المنطقة . و قبل اي شيء، علينا ايجاد الوسيلة الضرورية لابعاد الافرازات السلبية للنظام الراسمالي العالمي و هفواته و شطحاته و سلبياته و اتباع مناهج و فلسفات التي تفيد المنطقة و العالم بعيدا عن الجشع الاقتصادي الراسمالي العالمي و اهدافها اللاانسانية ، و يمكننا ان نقول عند النظر في الوضع العالمي العام ، رب ضارة نافعة.[1]