اسباب ضعف دور المثقف في الحياة العامة لاقليم كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2738 - #14-08-2009# - 06:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
هناك جوانب عديدة و مختلفة لبحث و دراسة دور المثقف بشكل عام على النواحي المتعددة من حياة المجتمع ،و حسب مواصفاته و مستوياته الثقافية و وعيه و مدى تقدمه و مسايرته للمستجدات العصرية في هذا القرن بالذات .
المعلوم لدينا جليا ان الشعوب تختلف عن بعضها من كافة الصفات بحيث يمكن تمييز احد عن الاخر ، ليس باختلاف الثوابت الموجودة في كل منها فقط بل حتى من حيث الطبيعة الفسيولوجية و الاجتماعية و الادبيات و الاخلاقيات و العادات و التقاليد و ما تراكم في تاريخها ، و هذا امر مسلًم علميا و لاسبابها المنطقية المثبتة .
ما يهمنا هو شعوب الشرق الاوسط بالذات و التي تتحمل العديد من الابحاث و الدراسات ، عدا ما موجود و مصدًر من قبل جهابذة علوم الاجتماع الكبار ، و في كل بقعة و مساحة يمكن التعمق في الصفات و المزايا التي تختلف عن الاخرى ، في اية زاوية من منطقتنا .
لو ندقق اكثر و نتخصص في الطرح عن الشعب الكوردستاني و ما يتصف به استنادا على ما مشاهد و مراى وماهو ملموس اضافة الى ما يدلنا عليه التاريخ و ما مرً يه و ما وصلنا و نحن فيه من الوضع العام و الخصائص العامة التي يتميز بها ، يمكننا ان نستدل امور و نتائج متنوعة ، ولو ضيقنا و حصرنا بحثنا على ما يهم المجتمع و دور المثقف و النخبة فيه في الوقت الحاضر سيتسع الكلام كثيرا ، الا اننا نوجز في اهمية العمل العام للمثقف و نتاجاته و الثقافة بشكل عام و علاقتها بما يهم المكونات و التركيبة الخاصة للمجتمع و المستوى العلمي و نسبة المثقفين الى افراد المجتمع ، و تاثيرات الاقتصاد و السياسة و العلوم التكنولولجية و الاتصالات و التغيير الطبيعي الحاصل في كينونة المجتمع بمرور الزمن و المرحلة و مواصفاتها و كيفية العمل فيها استنادا على الافكار و الانظمة و الفلسفات المتبعة ، و دور المثقف في تحديد الموقف المحدد ازاء اية قضية و باية نوعية او شكل و طريقة يمكن التعبير عنه ، و الذي من المعتقد ان يفيد المجتمع اكثر و اوسع من الجهات الاخرى .
من اهم اهداف الشخصيات الفعالة في جميع المجتمعات (ان تغلبت مفهوم الانسانية على تفكير المجتمع ) هوالتاثير الايجابي الصحيح على التغيير الطبيعي الحتمي الحاصل في كافة امور الحياة كنظام عام ، لا يمكن لاية قوة اعاقته مهما بلغت ثقلها و متانة تركيبتها .
قوانين الحياة تدلنا على ان الحياة في تقدم و تغيير مستمر ،و هناك من العاملين اكثر بروزا في المراحل المتعاقبة و الذين يكون لهم الدور الاكثر اهمية و تاثيرا عن بقية المكونات و في اكثر الاحيان تكون النخبة المثقفة بكافة اختصاصاتها ،وهي الابرزو الاهم . اضافة الى ان التغيير عملية طبيعية اعتيادية في امور الحياة و هو مستمر و موضوعي متاثر شبئا ما بصفات ذاتية . و من وجهات النظر العديدة ، يمكن الدخول الى دور المثقف في التغيير و يجب ان يكون دائما نحو الافضل و الاحسن و كاحد العوامل الذاتية المؤثرة على العملية الطبيعية و بظروف عامة و تحت تاثير العوامل الموضوعية ، و هي النتيجة النهائية و كتحصيل حاصل للاصلاحات و التقدم المستمر في جوانب الحياة كافة .
ان ما يهمنا هنا ، ضعف دور المثقف الكوردستاني و سيطرة العاطفة و الذاتية على تفكيره و عقليته و عدم خروجه من تقوقع المؤثرات الاجتماعية و الترسبات التاريخية و الثقافة الخاصة لبقعة معينة ذات تاثيرات مباشرة على اسلوبه و سلوكه و على طريقة عمله و توجهاته .
ما اجبرني التوجه لهذه الكتابة ، هو انعطاف العديد من المثقفين البارزين في اقليم كوردستان في اللحظة التاريخية الحساسة نحو خلع ثوب الحياد بقعل فاعل او من جراء ضغوطات العاطفة ، مما افرغوا صرح بناء ما تعبوا عليه من الثقة بينهم و بين متابعيهم ، بحيث في لحظة عابرة سيطرت التمنيات و التوجهات الذاتية الخالصة على العقلية العامة التي من المفروض ان يتمتعوا بها في كل زمان و مكان ، و هم المعيار الرئيسي لمدى تغيير و تطور الشعوب في المراحل المتعاقبة . و هذا ما يدعم مقولةو هو ان ضعف اداء المثقف و ابتعاده عن الحياة العامة يكون تحت تاثير العاطفة باشكالها المتعددة ، و من اخطر الاسباب انعدام الاصالة في ثقافتهم العامة ، بل اننا نتوقع ان الاطروحات و النتاجات و ثمرات تفكيرهم و عملهم نابع من القشرة الخارجية لادعائاتهم ، و المتاثرة بما استوعبوه نظريا فقط ، و للاسف يحدث هذا من قبل المثقفين المبدعين الكبار و الذين لهم ثقلهم و مكانتهم و موقعهم العالي بين الناس ، مما غير من صفاتهم امام اعين المتابعين و القراء المتلهفين لثمار توجهاتهم و عقلياتهم الحقيقية المتنورة ، و التي طغوا بانفسهم عليها بين الناس . اي ، ان المجتمع الكوردستاني المتحرر حديثا لم يبرز بعد ما يمكن ان ينتجه اي شعب حر بعد طول المعاناة من المثقفين الاصلاء ، و في لحظة و غفوة ما اعتقدنا اننا بدانا الخطوة الاولى التي لم تبدا بعد في ايجاد الطليعة المؤثرة و المبدعة الاصيلة من المثقفين المؤثرين على الوضع الاجتماعي و الثقافي و السياسي العام في الاقليم ، و الذي يمكن تمييزهم عن النخبة السياسية الحزبية التي تعمل من اجل اهداف سياسية فقط . اي الاسباب سوى كانت ذاتية تخص المثقف بذاته و صفاته و مميزاته، او موضوعية ليس له اليد فيها ، الا ان واقع الحال في اقليم كوردستان اثبت اتباع المثقف لقافلة السياسيين و تراجعوا خطوات و صفوف الى مابعد القادة السياسيين و الحزبيين ، و منهم المثقفين المتميزين و هذا ما يؤسف له حقا . و هذا ايضا ما اعاد العديد من المراقبين الى التفكير واعادة النظر في وصفهم للمرحلة و ما وصلنا اليه و المواصفات التي يمكن ان نجدها للمجتمع بشكل عام ، و هذا هو اهم اسباب ضعف دور المثقف في الحياة الاجتماعية الكوردستانية في العديد من المراحل التاريخية ، و اليوم اشبه بالبارحة حقا ، و هل من منقذ مدبر عاقل يمكن ان يبدع و يكون اصيلا مؤثرا فعالا على امور الحياة ، و ان كان يغرد خارج هذا السرب الذي اعتبر نفسه الصالح الامين . و الاكثر اسفا و دهشة لنا في هذه المرحلة هو استغلال اكثرية المثقفين من قبل الساسة و الاحزاب التي حاولت ان تتشدق باهداف ثقافية عامة ، و تبين انه من اجل اهداف سياسية فقط ، بل امتطوا الثقافة من اجل الوصول الى السلطة و النفوذ . و هذا ما يرشدنا الى ان السياسة سيطرت بشكل كامل على كافة زوايا الحياة للمجتمع بعد تخفيف استمر لعدة سنوات ، و انمحت دور المثقف المحايد المستقل في بنيان الصرح العالي للمجتمع و تطوره و تقدمه ، و هذا يمكن ان نحسبه تراجعا من جميع النواحي.[1]