الاوضاع السياسية في ايران الى اين؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2734 - #10-08-2009# - 07:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
على الرغم من الهدوء النسبي على الساحة الايرانية من التظاهرات و الاضطرابات و الاحتجاجات و الاعتقالات و القتل بشكل نسبي ، الا ان التي طالت المحتجين و المعترضين للسياسة و النظام الايراني لا يمكن ان يدع ايران ان تنعم بما كانت عليه من قبل، و الحياة ما بعد الانتخابات الرئاسية اصبحت في مرحلة اخرى لا يمكن الرجوع عنها و ازيلت الحجاب على الكثير من الممنوعات التي لم تكن حتى الامس القريب التقرب منها سهلا ،و اليوم يتكلم الجميع عما يشتهي و يتامل ،و المحافظين خسروا ما كان يمكن ان يبقوا عليها لمدة اطول لو لم يخطئوا في التقديرات و التعامل مع ما جرى ، و خوفا من المصالح الاقتصادية و الشخصية التي كانت في مقدمة الاسباب و العوامل و ما فرضت نفسها عليهم للتعامل و اختيار الطرق السالكة لما وقعت في ايران ، و مصالح الفئوية كانت في المقدمة ايضا .
هنا يمكننا ان نقول، ان بقى الرئيس المنصوب على حاله و استمد قوته المعنوية من الوليه الفهيه لنهاية الفترة و التي ينوي ذلك ان ساعدته الظروف الداخلية و الخارجية على حد سواء ، و ان امتد في اسلوبه و سياسته و عمله و مواقفه و ارائه (و هذا غير ممكن) و حتى ان حاول ان يغير في مسيرته و يديم سلطته بتكتيكات معلومة محاولا ابداء المرونة هنا و معاملة مغايرة هناك ، فان هذه الدورة الانتخابية ستكون صعبة جدا عليه و تكون حاوية على الكثير من المفاجئات و القنابل السياسية غير المنفجرة ، تكون مسيرة حكمه قلقا مهزوزا و مهتزا غير مدعوما كما كان في المرحلة السايقة مابعد حكم الاصلاحيين لاسبابه المعلومة . فان بدات الخطوة الاولى لاية عملية ناهيك عن الحكم و السلطة و فرض القانون بسفك الدماء و الشدة و الفوضى فانها ستستمر بشكل من الاشكال و بمراحل و مستويات متفاوتة على انماط مختلفة و ستكون السلطة منشغلة مكبلة اليدين غير قادرة على التقدم و مسايرة المستجدات على الساحة العالمية و الاقليمية . و مهما كانت قوة السلطة العسكرية و عدتها و امكانياتها فانها لن تقف عائقا امام الارادة الحقيقية النابعة من المطالب الجوهرية المبدئية التي تفرضها العوامل الاساسية للتغيير و التي تفرزها المستجدات و المسيرة الطبيعية للحياة السياسية الثقافية الاجتماعية في المنطقة و العالم باسره ، و لا يمكن الاختفاء من المؤثرات التي تهب عليها من جميع الجهات . من كان لديه شيء من المعلومات وله المام بالشعب الايراني و صفاته و نظرته الى الحياة و حبه للرفاه والسعادة البشرية و اعتقاداته و مستوى ثقافته و العادات و التقاليد التي يتمتع بها و الالتزامات التي يرتبط بها ، يستوضح لديه بان الصراعات الحامية التي بقدرة هذا الشعب المتحمل ان يديرها قد بدات الان و تِعد انطلاقتها من البيت الجامع للمتقاربين بانفسهم هو البيت القصيد في ما يذهب اليه المحللون ، و لم تستخدم لحد اليوم الوسائل و الامكانيات المتوفرة لدى الطرفين خوفا من فقدان كل شيء و اختلاط في المواضيع و سيطرة الفوضى ، على الرغم من استعمال القوة من قبل السلطة و فقدانها الصبر في اخر المطاف و تعنتها في عدم الرضوخ لبيان الحقائق استنادا على ما تتصف به و تؤمن من السمات كالكبرياء و عدم التنازل ، و كأن الصراع و التنافس بين الاعداء و ليس الشعب الواحد . الغريب في الامر عدم انتشار الاضطرابات بالسرعة المتوقعة التي انتظرها المحللون و الجهات العدة و التي راهنوا على انتشارها بين المحافظات كالنار في الهشيم، و كل الدلائل تشير على تخوف المكونات من الانتقام كالسابقات و اعتبروا منها و انتظروا ما يحل بالقوم في مركز الصراع و ما تنتج عنه قوة و ثقل الطرفين في طهران العاصمة . الظروف الاقليمية و العالمية لم تكن عاملا مساعدا ، لا بل استخدمت تكتيكات خارجية عديدة للتخفيف من العبء الداخلي على السلطة في مثل هذا الوقت و كما حصل في معسكر اشرف و الضربة التي وجهتها الحكومة العراقية الى مجاهدي خلق و التي كانت بمثابة انتشال للغريق في لحظة الفراق ، بحيث توجهت الانظار و اثرت سلبيا على الاحتجاجات الداخلية في طهران و ضاعفت من معنويات السلطة الايرانية و اثرت بشكل سلبي على المعترضين و المحتجين و انشغل العالم بما حصل في اشرف ملفتة الانظار و مبعدة لها مما يحصل في الداخل الايراني ،اضافة الى عدم وجود موقف و اراء للدول ذات الصلة خوفا من فقدان المصالح ،و انتظارهم للنتيجة التي تمنوها.
استمرار الاضطرابات و الاحتجاجات دلالة على عمق الصراع و ما توصل اليه الوضع و النظام في ايران ، بحيث يمكننا ان نقول ان الايديولوجيا و السياسة هما الوحيدتان الباقيتان بشكل واضح ومغطيتان على المباديء و العقائد و الافكار الدينية التي يتشبث بها النظام باستمرار في سيرحكمه و في تنفيذ الشعارات الدينية و المذهبية التي يتبجح بها ، و المعلوم لنا ان الراسمالية العالمية تمكنت من اختراق كافة مفاصل الحياة السياسية الايرانية و هي الاسهل لها من بين كافة الانظمة . ان الجديد الاني في الامر استمرار المحاكمات لاغراض و اهداف عدة و منها ، قبل اي شيء اخر تخويف الجمع الاصلاحي و ردعهم و اجبارهم على الحد من استدامة الاحتجاجات و منع اتساعها ، اتباع الاساليب المتعددة في بيان الندم للرموز المعتقلة من اجل اتعاض الاخرين كما فعلوا بالابطحي و ما انطقوه بوسائلهم ، و اظهار وجههم غير الحقيقي و هو اعتمادهم على القانون و القضاء بشكل علني لبيان الحقيقة للعالم !، و الا لماذا لم يشاهد العالم من قبل اية محاكمة من هذا القبيل و كما هو الحال الان و ما يفعلون ، و هو تكتيك مكشوف و معلوم الغرض منه للجميع .
نستخلص من خلال المتابعات الدقيقة للوضع في ايران الى ان واقع الحال لا يمكن ان يستقر في الفترة القريبة المقبلة ان لم تحصل المفاجئات ، و تكون للاوضاع تداعياتها الخطرة على الاقتصاد و ما يفرز منها والذي ينعكس بشكل على السلطة و الحكم، و ان اراد احمدي نجاد خيرا لشعبه و متمني لهم العيش بسلام و امان، ولتخفيف ما يحصل ليضحي ليكون مثلا للاخرين،و لليخف ما يمكن ان يحصل هوالاقدام على الاستقالة في احسن الاحوال.[1]