كامل سلمان
من الصعب جداً وضع الكورد الفيلية في بودقة واحدة ، لماذا ؟ منهم من عاش وترعرع في العراق معزز مكرم يمتلكون الأوراق الثبوتية لم يمسسهم سوء ولم يعانوا مأساة التهجير ولا الاعتقال ولا الإعدام و منهم من لا يمتلك الأوراق الثبوتية وتم تهجيرهم إلى إيران وسلبت أموالهم وممتلكاتهم وتعرضوا للإضطهاد ، ومنهم من يمتلك الأوراق الثبوتية ولكنها غير مكتملة ، أيضاً شملهم التهجير وعانوا الأمرين في العراق وفي إيران ، ومنهم من كانوا إيرانيو الجنسية أصلاً وشملهم التهجير فعادوا إلى وطنهم الأم كأي مواطن إيراني ، ومنهم من فقد أباه أو أخاه أو أبنه بسبب ظلم النظام السابق ومنهم من لم يفقد أحداً عزيزاً عليه ، هؤلاء جميعاً بسبب ظروفهم المختلفة أختلفت ولاءاتهم وأختلفت عقائدهم ، فمنهم من أصبح ولاءه إيراني ومنهم بقي ولاءه عراقي ومنهم من أصبح ولاءه لكوردستان قومية وأرضاً ومنهم من أصبح ولاءه للمذهب فوق كل الاعتبارات القومية والوطنية ومنهم من أتخذ العلمانية سبيلاً لحياته ، هذه الولاءات المتعددة والظروف المتشابكة المتناقضة خلقت مجتمعاً فيلياً متناقضاً لا يمكن أن تلتقي عند هدف واحد ولا يمكن أن تسلك مسلكاً متشابهاً ، فصاحب الولاء المذهبي يريد أن يجعل الكورد الفيلية ذات عنوان أسمه الكورد الشيعة لتمييزهم عن بقية الشعب الكوردي وصاحب الولاء الإيراني يريد جعل الفيلية جزء من إيران الدولة فكراً وإنتماءاً وصاحب الحس القومي يريد أن يجعل الكورد جزء لا يتجزأ من القومية الكوردية وجزء من الشعب الكوردي وجزء من كوردستان ، والبقية الباقية يريدون أن يكون للكورد الفيلية خصوصيته كمكون مستقل وأساس من أرض العراق ويعتقدون بأنهم أصل أهل العراق وجذورها التأريخية ، فما نراه من خلافات واختلافات هذه هي حقيقتها وهذه هي جذورها ، وللأسف أقول بأن الولاءات تعمي العيون وتحجب العقول وخاصة لأصحاب الثقافة المحدودة ، فمهما سعى المثقفون واصحاب الوعي من كوادر المجتمع الفيلي للم الشمل فلن يفلحوا ابداً وسيصطدمون بهذا الحاجز ، فمن المنطقي أن تتوحد كل فئة على حدة وتخرج منهم قيادات واعية تدرك هذه الحقيقة ثم تقوم تلك القيادات من بناء جسور للتقارب فيما بينها وهذا هو الحل الأمثل . فمثلاً أنا فيلي علماني أؤمن بقوميتي الكوردية فوق كل شيء فكيف سأقبل بمن يمثلني ولاءه لإيران ، فاللا ديني والمدني والعلماني له خط وتفكير لا يلتقي مع المذهبي والمذهبي لا يلتقي مع القومي والوطني العراقي لا يلتقي مع الوطني الإيراني ، لكن توحيد الكلمة من الأعلى ستفوت الفرصة على من يحاول العبث بأكبر مكون مجتمعي مهضوم الحقوق ، أما من يحاول جاهداً توحيد الكلمة من الأسفل فهو واهم وسيظل يصارع بلا جدوى ، لأن مفهوم مظلة واحدة للفيليين أثبتت فشلها ، مظلات متعددة رغم مرارتها فهي الحل الأمثل لأن الأمل سيبقى موجوداً بأن قيادات تلك المظلات ستكون قيادات واعية قادرة على خلق مظلة واحدة تجمع شتات الكورد الفيلية وتعيدهم إلى السكة ، ومنها يستطيع الفيليون الإنطلاق والمطالبة بحقوقهم .[1]