عبد الخالق الفلاح كاتب واعلامي فيلي
إنّ مِن مقومات نجاح مسيرة الهيئات والكيانات الاجتماعية والعلمية والسياسية أنْ تسير ضمن إطارٍ واضح المعالم؛ لتتمكن مِن تحقيق الأهداف والرؤى والسياسات التي رسمتها لنفسها، ولعل مِن أبجديات ديمومة التكتلات والهيئات ذات الرؤية الجماعية في مسيرتها ونهضتها؛ الحفاظ على مكونها العام مِن التفرق والتشرذم، ووحدتها الثقافية و العلمية والإدارية، وهذا بطبيعة الحال لا يتأتّى إلا بتضافر جهود العاملين لضمان وحدة الصفّ، وجمع الكلمة.
يلاحظ بين حين وآخر انبثاق تكتل اوجبهة او مجموعة هنا وهناك وكيانات سياسية خاضعة بطريقة أو بأخرى لمعادلات سياسية لا تمت إلى مصلحة القضية الفيلية بوصفهم مجموعة لها تركيبتها الثقافية والاجتماعية بأية صلة لتطرح مجموعة من الأفكار ومتطلبات بطرق وكلمات معسولة ومكررة متناقلة من بيانات سابقة قد لا تكون هي في ذاتها مهمة للقضية بذاتها في إعادة الحقوق وحفظ الهوية ونشر الثقافة ودعم لغتهم فيجب أن يسبق مثل هذه البيانات، تنمية داخلية وتوافق جماعي حتى تتوحد صفوفنا باتجاه الصالح،” وليس أشدّ ضراوةً على اي امة وعلى استِقرارها من اختِلافِ الكلمة، وتنافُر القلوبِ، وتنازُع الآراء. وحدةُ الكلمة سببُ كلِّ خيرٍ، والفُرقةُ والخلافُ سببُ كل شرٍّ. إن من كمال الدين وكياسَة العقل وسلامةَ الفهم: أن لا ينساقَ المرءُ مع من يُريد تصديعَ وحدة الأمة، لما قد يرَى من ظُلمٍ قد وقعَ، أو حقٍّ قد انتُقِص” ،كي لا تكون قنابل تؤدي معظمها الى التفتيت بدل البناء ولمزيد من التمزيق، وخلق خللا اجتماعيا يزيد الطين بلة.
بعد عام 2003 ظهرت حالة من الطبقية بين أبناء من يفترض أنهم ينتسبون إلى هذا المكون بعد تأسيس مجموعات بتسميات مختلفة تنادي بحقوق المكون تحت ظل أحزاب سياسية معينة لم تأتي بشئ سوا سرعة التشتت واختفاء المسميات على الساحة السياسية او اصبحت في الا وجود ،وكلما نكبر ويمر الزمن ندرك أننا نعيش حلما تهدمه الوقائع، وتنسف الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية أركان هذا المكون المظلوم بأيدي أبنائه قبل الغرباء .
علينا ان نعرف ان هناك مسألة فيها من ألاهمية، وهي الوحدة المجتمعية، والتي ربما في بعض جوانبها سحقتها الحالة السياسية؛ كان بالإمكان الحفاظ عليها وتقويتها لو عملت هذه التشكلات بصورة سليمة وصحيحة ، أم أن هذا غير ممكن في ظل وضع سياسي يحمل صواعق تفجير كل فكرة وحدوية؟ ولست أقصد بالوحدة المجتمعية وحالة التآلف بين أبناء العراق فهي موجودة اصلاً بعيداً عن السياسيين انما اقصد المكون الفيلي العزيز رغم أنه جزء مهم منه، ما اعنيه هو حالة الوحدة والتجانس والتعاون من اجل نيل الحقوق لانها تحتاج الى قوانين والمتابعة مع المسؤولين المختصين واصحاب القرار، أو على الأقل نبذ الشقاق والبغضاء بين أبناء هذا المكون الاصيل، بما في ذلك الأسرة والعائلة وصولا إلى المنظمة والكتلة او الحزب الذي يشرع لافتاته باسمهم.
لا شك فيه أن الكثير من ابناء المكون لا يشغلهم ولا يهمهم شأن من السياسة قبل حقوقهم ويهمهم لقمة العيش ويفضلون حتى البعد عن مجرد الحديث فيها، يقلقهم و يؤرقهم ويشعرون بخطر التسارع في التمزق والتشظي في المجتمع، ويحسّون بأن الخطر يكبر ويزداد في الانتماءات وهنا نزداد حيرتهم، إذ كيف نوقف هذه الحالة على مستوى المجتمع.
ليس هناك من سبيل الا بوحدة راية هذه المنظمات والاحزاب تحت مجموعة واحد وتسمية واحدة و لا شيء حاليا سوى أن نبتهل إلى الله أن يؤلف بين قلوبنا التي تسكنها بقليل أو كثير من الضغائن والأطماع والأنانية وحب الذات ،والامل في تأسيس المنظمات والأحزاب والتجمعات التي تظهر بين حين واخر من قبل بعض المخلصين والاعتماد على القواعد الشعبية والعيش معهم والعمل بكل إخلاص في سبيل تحقيق مطالبهم في متابعة تطبيق بعض القوانين التي صدرت لصالحهم ككرد فيليين او أن يكونوا على قدر كبير من المسؤولية لانجاز المهام التي على عاتقهم وضبط كوادرهم في عمل الخير ، وأن لا تكون مجرد منظمات وأحزاب من أجل الحصول على المكاسب لصالح مجاميعهم فقط كما هو الحال عند الكثير منهم الآن ومنذ سقوط النظام البعث بقيادة الطاغية صدام حسين في عام 2003، وما أحوجنا اليوم لاجتماع الكلمة من أجل إيجاد حلول للعديد من المشكلات والتحديات التي تؤرق مكوننا، و يحتاج إلى الدعم والمؤازرة والمساندة لإنصافه مما يكابده، حيث تجاوزت كل الحدود وباتت تهدد كيانه بين المكونات العراقية.
وتحية اجلال واكبار لأبناء شعبنا
والمجد والخلود لشهدائنا الابرار.[1]