الوضع الاجتماعي السائد بحاجة الى التنافس الحر الامن
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2718 - #25-07-2009# - 08:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هناك العديد من النظريات العلمية التجريبية الدقيقة حول المجتمعات المختلفة العديدة في المناطق المختلفة من العالم ،و تهتم اغلب البحوث التي اجريت على العلاقات السائدة بين المكونات الرئيسية لهذه المجتمعات و مهامهم و اعتماداتهم على العوامل الاساسية لبنيتهم المتعددة الاوجه و تعاملهم مع الاحداث و المستجدات و المتغيرات و المراحل المتعاقبة في تارخهم و الطرق المسلوكة في مواقع ما دون اخرى لتسيير امورحياتهم ، و ما تخص المجتمع و مافيه بالذات من الخصائص و السمات و العلاقات المتباينة . من المعلوم ان ظروف المجتمع تُحسس من قبل المواطن و كانها ثابتة و مستقرة على حال دون اي انتقالة عند القاء الضوء عليها من الاتجاهات المختلفة ، مستندين على المفاهيم السوسيولوجية المعروفة لدى الباحثين خاصة ،و شيئاما عند المثقفين بشكل عام .
بينما لو تعمقنا عند القاء النظرة الفاحصة على كيفية معيشة الشعوب و ما يمكن ان يضمنه المجتمعات من المكونات و الصفات ، نحس بالتنافس المستمر و في بعض الاحيان بالصراع الواضح ، و في حالات تبعث اشارات لاحداث ردود افعال عديدة و لمواضيع تخص مكون و اخر في المجتمع و ما يهمه . و هذا طبيعي لو كانت المسيرة الرئيسية و التوجه العام على السكة الصحيحة الخاصة بها دون اي تعرج او انحراف ، و سيكون التنافس مثمرا لكونه لا يمكنه ان يخرج من اطار الوضع العام للمجتمع بحد ذاته ان لم يقترب التنافس و الصراع من الخشونة و التشدد في بيان الاراء و اظهار المواقف . و الصراع السليم و الصحي المطلوب او يمكن ان نسميه التنافس بين مجموعتين او مكونين او شريحتين او فئتين او طبقتين او تجاهين او تيارين ، من الضروريات المطلوبة حتما، و يمكن ان نسميه التنافس من اجل التقدم و التطور و النجاح في اكمال بنية المجتمع الثقافية و الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية نفسها ايضا . و لكن الاهم ما في الامرهو ، يجب ان يكون التنافس محدودا و مؤطرا وفق شروط علمية انسانية واضحة ، و يجب ان لا يدخل من ابواب الصراع المالوف بين المكونات كما هو الحال في جميع مناطق الشرق الاوسط بالذات ، و الذي يعتمد على اِبعاد الاخر و الغائه و نفيه بدلا من محاولة منافسته و تقديم الاحسن و الافضل و الاجمل منه ، و يدخل التفاوض و النقاش و الحوار و الجدال و حتى السجال و ما يضمنه خلال مساحة التنافس الطبيعي و يمكن ان يثمر منه التفاهم المنتج .
اذا ما سلكنا طريق السلم و التفاهم و الحوار و كل حسب ارادته و ايمانه لا يمكن ان يتحول الصراع والتنافس الى الفوضى و ردود الافعال غير المقبولة في المجتمع السليم الصحي الامن . على الرغم من عدم توحيد الاراء و المواقف في اكثر الاحيان اي انتاج التعددية و الحرية و ضمان الحقوق العامة للجميع . و على الرغم من تعدد الاراء حول اهمية التنافس الاجتماعي و ما يفرزه ، و هناك من يرفض وجود هكذا مفهوم ، بل يعده من اسباب الفوضى و عدم التنظيم ، بل ينظر في ارائه على ان المجتمع هو مجموعة من القيم و ادوار متعددة و مختلفة لمكوناته ، غير ان ما يشاهد و يلمس على ارض الواقع وجود الصراع و التنافس الاجتماعي رغم انكاره ، و هذا ما ينعكس على التنظيمات السياسية و المنظمات المهنية و المدنية و الفئات و الشرائح و الطبقات و المستويات الاجتماعية المتنوعة . و ما نراه عند القاء النظرات على صفحات التاريخ هو التوجه في الصراعات المنبثقة من المجتمعات مختلفة السمات نحو الشدة و الخشونة و انكار الاخر ، و هذا حسب المرحلة و مستوى المجتمع و نسبة وعيه العام و رقيه و تعامله مع القضايا و مع البعض في الامور العامة. الا ان التقدم و التطور الحاصل في مجالات الحياة و في ظل توفر مستلزمات الانسان المادية و المعنوية غيًر الاوضاع و استقرت على الامن و السلم النسبي تقريبا معتمدين على الركائز العلمية ، و ان كانت الصناعة والمجتمع الصناعي و التجاري هو الذي يوفر الارضية الخصبة للصراعات غير الامنة الا ان تغيير العقليات و رفع شان الانسانية و ما يخصها ، يمنع الخروج من الاطار المحدد له ، و هنا يبرز دور مفهوم الصراع و التنافس في هذه المراحل المتقدمة من حياة الانسان ، و انتقلت التنافسات و الصراعات من فئة و شريحة و طبقة لاخرى خلال مراحل التاريخ ، من زمن العبودية الى الفلاحة و من ثم العمال و الكسبة و الكادحين ، و وصل في هذا العصر الى الشرائح الاخرى من المراة و الشباب و الطلاب بشكل خاص و دخل حرم الجامعات و المدارس و المنابر الثقافية و دوائر الدولة و السلطات المختلفة ، اي وصلت الى مرحلة تاريخية جديدة و متنقلة ، بعد تخفيف شدة الصراعات السياسية المعتمدة على العرقية و العصبية و الدينية و التمذهب ، و الاهم الان في نظر الاغلبية حقوق الطبقات و الشرائح و الفئات المتنوعة في بنيان المجتمع بعد وصول مؤثرات العولمة و التقدم التكنولوجي الى كافة بقاع العالم ،و بعد ضمان ما تخص الشعوب من الحقوق البدائية الضامنة للحرية و الضروريات و الخدمات و المستلزمات الانسانية، في ظل بقاء الاختلافات و الخصوصيات لكل مجتمع.[1]