دور الصحافة الكوردستانية في نجاح الانتخابات البرلمانية
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2656 - #24-05-2009# - 06:33
المحور: الصحافة والاعلام
لو القينا نظرة عامة و سريعة على انواع الصحف المنتشرة في اقليم كوردستان ، سنرى انها مختلفة الشكل و النوع و المضمون و الخلفية ، منها حزبية تعبٍر عن فكر و معتقدات و ايديولوجيا من يصدرها ، و هذه ايضا تختلف من حزب لاخر من حيث التعبير و التلائم مع الواقع و العصر ، و منها حزبية معتدلة جدا تحاول ان توافق بين الصحافة الحرة المستقلة و الحزبية ،و منها تحاول ان تكون مستقلة محايدة بشكل تريد ان تحافظ على مصداقيتها على انها لا تميل الى اية جهة او فكر معين و انما و كأنها تعمل من اجل اظهار و كشف الحقائق و بيانها الى الراي العام و بما تخدم العملية السياسية التقدمية و من اجل الثقافة العامة و الوضع الاجتماعي و المعرفي الافضل لابناء الشعب ، و لكن ان قيمنا ما تعمل من اجلها انها لم تنجح بشكل مطلق لحد الان لكون ظروف المجتمع و المستوى الثقافي العام و الاهتمامات الاعلامية للناس لا تساعد على العمل المستقل لحد اليوم و لا تعطي مجالا اوسع للتمويل الذاتي و الاستقلالية دون مساعدة هنا و هناك . و من الصحف و على الرغم من كونها تصدر من قبل جهة او تيار او حزب تحاول ان تحافظ على مصداقيتها كصحيفة و مهامها كشف الحقائق موازية مع الصحف المحايدة و تحاول ان تُصدر و كانها تريد المحافظة على الاستقلالية الخاصة بها و ان تكن ملمة بالعمل و الاهداف الصحفية الاعلامية فقط دون ان تؤثر عليها ممولوها ، و لكنها لم تنجح بشكل مرضي ايضا لانها مهما تحاول فان من ورائها لا يسمح بان لا يستفيد ممن يمولها و من اجل مصالحها و هو يصرف عليها من امكانياتها ،و هذه تكون درجة استقلاليتها مختلفة من صحيفة لاخرى و من مصدر لاخر ، اما الصحف التي تعتبر نفسها مستقلة اهلية محايدة تماما انها تكون الى حد كبير مهتمة بالاخبار و تحت رحمة الاخبار المثيرة من اجل الاكثار في مبيعاتها و لتمويلها و عدم توقفها ، و تقع في ازمات مالية ايضا بين حين و اخر ، و على الرغم من محاولتهم الجادة في المحافظة على حيادهم الا انهم لهم توجهاتهم الايديولوجية المرتبطة بمموليهم و محرريهم و من يقف ورائهم سرا و علنا و من يؤثر عليهم بكل السبل ، و يلجئون في اكثر الاحيان الى قراءة المعادلات السياسية من اجل التوافق و عدم تضررهم من اعلان موقف ما و ان تطلب الحياد ذلك ، و ذلك خوفا من مستقبل صحفهم ، و هذه الصحف تُستغل ايضا من جهات متعددة متنفذة و يمكن ان تكون معارضة، لتزويدهم بالمعلومات المطلوبة و الاخبار المثيرة و التي يمكن ان تكون مفيدة لهذه المصادر في سياساتهم و توجهاتهم و محاولاتهم من طرح الاخبار الى السوق بسرية ليتكئوا عليها في صراعاتهم ، و كذلك للقدرة المالية و الامكانيات المتعددة للجهات و الاحزاب و دورها الهام المؤثر على مسار كافة الصحف و ان اعتبرت نفسها مستقلة و محايدة ، اي عدم الاكتفاء الذاتي للصحف و بشكل مريح له تاثيراته الكبيرة على مواقف و ما يطرح فيها . و بهذا يمكننا ان نصف الصحافة في اقليم كوردستان بشكل عام بانها لازالت في طورها البدائي ، و تحصل بين حين و اخر و تدخل في ازمات و تخرج من مهامها و تدخل في متاهات ليس من شانها و مسارها و مساحة عملها و تخرج من الخطوط الحمر المفروض وجودها لسلامة مصالح العامة للشعب كما هو حال جميع الدول في العالم ، و لا يمكن استثناء اقليم بهذه المشاكل العويصة و المواقف المتعددة ،و لا يمكن لاية صحيفة مهما اعتبرت نفسها مستقلة او محايدة ان تخرج منها لانها مدروسة و فوق كل الاعتبارات للجميع و هي من مصلحة الجميع و من اجل مستقبل و مصير الشعب و الاجيال ان تصرفنا بعقلانية و علمية مستندين على المعرفة و الدقة في العمل .
اذن كافة الصحف و الصحافة بشكل عام نابعة من رحم هذا الشعب و لابد ان تتصف بسماته و خلفياته المعرفية و الثقافية و بما يفرزه واقعه من كافة النواحي ، و ما موجود على الارض يفرض نفسه على مضمون الصحف ، و هل يمكن لصحيفة ان تخرج من الاطار الاجتماعي العام و العادات و التقاليد التي يفرضها المجتمع الا ما تسمح به العلمانية و التقدمية و الحداثوية في العمل ، و هل خرجت صحيفة مستقلة من المساحة التي وضعتها مقومات الظروف العامة و منها التجاوز و التعدي على المقدسات و ان كانت تؤمن بانها من الخيال و الخرافات و غير حقيقية ، و ان اكثر الصحف تعمل بشكل مطلق استنادا على التوجه السياسي فقط و ان كانت تعتبر نفسها مستقلة تاركة الجانب الثقافي العام و المعرفي و الاقتصادي و لم تشر اليهم الا نادرا .
و من التقييم السابق يمكننا ان نحدد دور الصحافة الكوردستانية في الانتخابات البرلمانية في اقليم كوردستان . ان الصحف الحزبية تعمل وفق ما تفرضه ظروف حزبها و كيفية مشاركتها في الانتخابات و هذا من حقها و لا غبار عليها لانها معروفة المواقف و الراي . اما الصحف الاهلية او ما تعتبر بعض منها نفسها محايدة و تهتم بالمجاري التي تاتي منها ما تفيدها من الاعلانات و الحملات الدعائية الاعلامية و مقدار ما يصرف من خلالها و انها تنشر ولو لمن لم تتوافق الصحيفة فكرا و مضمونا معه و من كافة النواحي و المجالات ، و تقع في كثير من الاحيان في تناقضات مع ادعائاتها . المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الصحف من اجل عدم خلق التشنجات و الازمات من اجل اهدافها ، و يجب ان تكون المصالح العامة امام انظار جميع الصحف من المستقلين و المحايدين و الحزبيين و هم جميعا تحت هذا السقف و معرضون لطائلة القانون الصحفي في الاقليم ، و فوق هذا و ذاك ان مستقبل هذا الشعب و مصيره مرهون بهم و بالاحزاب و الجهات العديدة التي هي في السلطة بشكل من الاشكال و ما يجري و يحصل و ماينتج عنه بسلبياته و ايجابياته تعود اليهم و على اعناقهم. و الاهم هو ترسيخ الديموقراطية ، و يجبان يكون الاصلاح في كافة المجالات و منها الصحافة لاجل التغيير و الانتقال الى المراحل الاخرى ، اي الدور الاكبر يقع على عاتق الصحافة في مرحلة تنفيذ مباديء الديموقراطية و اجراء الانتخابات كاحد اعمدة و اركانها الهامة.[1]