العراق بحاجة الى بلورة خارطة طريق معتمدة لحل المسائل العالقة ( 1 )
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2519 - #07-01-2009# - 06:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
من اجل ايصال صوت الشعب و هو صاحب المسالة و ما يخصه، الى كافة المعنيين من المسؤولين و الحكومة و اصحاب الشؤون و المنظمات المدنية لاثارتهم و تشجيعهم على رفع اصواتهم لضمان الحقوق العامة لهم .
بداية لابد ان نعلم ان المسائل العالقة ليست الارهاب فقط و انما تتضمن مجموعة كبيرة من المشاكل العويصة التي تعيش فيها العراق و ما لها من التداعيات و الابعاد الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية وحتى النفسية ، و كانت اكثريتها ذات جذور تاريخية و تعمقت بعد سقوط الدكتاتور اكثر مما كانت عليه ، و هذا ما يحتاج الى خطة و خارطة عمل علمية دقيقة تتضمن الحلول العلمية الجذرية لهذه المسائل الكبرى .
كلنا على اتفاق ان مرحلة التصادمات المسلحة و الحروب المتعاقبة الحقَ الاضرار الفادحة بالشعب قبل الحكومة ، و بعد طول هذه المراحل المشؤومة لم يتجسد سلام حقيقي دائم بمعنى الكلمة لحد اليوم ،و هدرت ارواح و اموال و فرص عديدة سانحة لتحقيق السلام ، و ما نلاحظه ان هناك من المواقف السلبية من قبل المتنفذين و هو بفعل و اثارة و حث خارجي مما يصعٌب الامور و يبعد الحلول ، و به تنعدم الثقة بين المكونات و تبدا التراشقات الاعلامية و التلاسنات في قاعات الاجتماع و الساحات وما تؤثر على الشارع والساحة السياسية ، مما يبعد احتمالات الحلول الممكنة . و نرى يوميا ما يشير الى تعقيد الامور بعدما تهدا النفوس ، و لم تخلق تلك التصرفات ارضية مناسبة و تزيد من الشكوك و عدم الثقة بين الاطراف نتيجة الصراعات الحزبية المحضة من دون ان يكون لاي جهة بعد نظر و حكمة في الحكم .
ان حللنا و فسرنا الوضع العام بشكل علمي محايد نتاكد بان خطوات متعددة و لكن قصيرة قد خطاها الجهات في عدة جوانب لتحقيق الاهداف المصيرية العامة و لكنها ليست بحلول دائمية و جذرية بحيث يمكن بواسطتها استقرار الاوضاع بشكل نهائي ، و انما الاعمال و ما نفذت منها سطحية و لم تستند على اسس ديموقراطية حقيقية و لا قواعد علمية متينة و تخللتها الشكوك و عدم التنسيق نتيجة اثار و تراكمات العهود السابقة و الخوف من الماضي و المستقبل ، و لم نلمس ظهور مرحلة عصرية جديدة مختلفة عما هو موجود بحيث تكون معتمدة من قبل جميع الجهات و تكون منبثقة في خضم الجهود المبذولة ويجب ان تكون شمولية و تتوافق عليها كافة فئات الشعب ، و هذا ما يفرض ان تكون الحلول بخطوات متعددة الاتجاهات و يجب ان تشمل المجالات السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية مترابطة و شاملة و متزامنة .
الخطوات السياسية في المرحلة المقبلة يجب ان تهم كافة مكونات الشعب وكيفية ادارة الحكم و الاتفاق على الامور الاستراتيجية ، منها ايجاد الحلول للخلافات بين المركزية و اللامركزية اعتمادا على الفدرالية المنصوصة في الدستورو ما يهم الاقاليم و الثروات و الانتخابات و الديموقراطية بشكل عام ، و هذا ما يتطلب اتفاقيات ضرورية حول القضايا المصيرية بشكل جذري ، و منها المصالحة و التعايش السلمي و المشاركة في السلطة و الاتفاق من قبل الجميع في تحديد و اتباع الحكم المتفق عليه و استرضاء الفئات و تثبيت الدستور بحيث يضمن حقوقهم في عراق جديد حر محقق لنسبة عالية من العدالة الاجتماعية و المساواة .
التجارب السابقة علمتنا ان حلول المسائل العالقة لا يمكن ان تتحقق بالطرق و السبل العسكرية و الصراعات المتشددة ، و هذا ما اثر على كافة نواحي الحياة للمجتمع ، و تاكدنا بان الحل العلمي الحقيقي الدقيق يكمن في الحوار و هو مسؤولية جميع الاطراف ، و به يمكن ان يتبع العراقيون اساليب جديدة لحل الخلافات دون الغاء الاخر و انما بمصالحة و مصارحة وايجاد الحلول سلميا من خضم العمل الجماعي المتعاون دون رفض قطعي لمقترحات الاخر قبل دراستها بشكل جيد و انما الاصرار على المناقشات و الحوارات المفيدة ،و هو الذي يجد الحلول المناسبة ، و يجب عدم استثناء اي طرف مهما كان فكره وتوجهاته من الحوار ، و استبعاد سياسة التهميش و غض الطرف عن القضايا الحقيقية الموجودة على ارض الواقع ، و هنا يمكن ان تدخل المنظمات المدنية في الوسط و تساعد في تجسيد الارضيات المناسبة للحوارات و ايجاد الحلول و ما يتمخض من الحوارات المتعددة الجوانب .
ان ما يخص الدستور و القوانين و القرارات الصادرة يحتاج لدراسة متعمقة من قبل من لهم صلة، وما يفرض قرائته و اعادة النظر فيه استنادا على اسس مدنية و ديموقراطية علمانية حديثة ليكن الدستور المتوافق عليه الجميع دون استثناء هو المصدر و المنبع القانوني الاساسي للحل الدائم للمسائل ، و يجب ان يعتمد الدستور على ما يخدم مختلف مكونات الشعب دون تحديد فئة او قومية او مذهب و بعيد عن اي مباديء ايديولوجية محددة، و يجب ان ياخذ بنظر الاعتبار موزائيكية المجتمع العراقي و يضمن التعددية الثقافية و معتمدة على المواطنة و الابتعاد عن المفاهيم التي تعيق ضمان الحقوق و الحريات العامة ، و عليه يجب ان يكون الدستور بعيدا عن الاديان و العقائد و الالتزام بالمفاهيم الحقيقية للعلمانية و ضمان تطبيقه من دون عوائق ، و العمل على اعادة تنظيم و اقرار نصوص القوانين المتعلقة بالحريات و الحقوق الاساسية للمواطنين .
اما من الناحية الاقتصادية التي لها تاثير مباشر على السياسة و لا يمكن تحقيق الاهداف السياسية دون الاصلاح الاقتصادي ، يجب محاربة الفساد و تنظيم القوانين التي تخص الوضع الاقتصادي ، و هذا ما يحتاج الى محاولات جدية في هذا المسار من اجل تثبيت مصداقية الحكومة المنتخبة الحقيقية التي تعمل من اجل المجتمع ، و يجب ان يتكاتف الجميع من اجل تواكب الخطوات الاقتصادية مع السياسية في كافة المجالات ، و في مقدمتها توفير الخدمات العامة و رفع مستوى دخل الفرد و ضمان تقدم المجال الزراعي و الصناعي و التجاري و السياحي ليتنافس مع الصادرات النفطية ، و الاهتمام الخاص بالاستثمارات في كافة الاختصاصات مما تقلل من البطالة و توفٌر فرص العمل ، و هذا ما يدفع الى العمل الجدي في المجال التربوي و الصحي و الاهتمام بالقرى و الارياف و تطبيق سياسة اجتماعية عصرية ملائمة ، و ضمان الاهتمام الاكثر بالشباب و الاطفال و ضمان حقوق المراة .
وبخطة علمية دقيقة يمكن بلورة خارطة طريق متعددة الجوانب و المجالات لضمان التوازن في السلطات بين المركز و الاقاليم و المحافظات وفق قوانين متفقة عليها حسب الدستور المتبناة على الفدرالية و اتباع اللامركزية الحقيقية الضامنة لقطع الطريق امام عودة الشمولية و الدكتاتورية ، و به تُضمن العدالة الاجتماعية و المساواة في كل بقعة من العراق شرط ان تكون القوانين المتبعة مستندة على المباديء العامة للحرية و الديموقراطية و العلمانية و الحداثة و ضامنة للعدالة الاجتماعية و المساواة في الواقع و ليس بشعارات فقط.[1]