ماذا تضم لنا السنة الجديدة سياسيا في العراق و المنطقة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2505 - #24-12-2008# - 00:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
عند التمعن فيما يجري في هذه الايام من التحركات السياسية النشطة عالميا بما يخص هذه المنطقة بشكل عام ، نتاكد بان الوضع السياسي العام و ما يهم القضايا الشائكة المتعددة متاججة و تعيش في مخاض و تنتظر الوقت المناسب لولادة او انفتاق حوادث او عمليات ما و تؤثر بدورها على ما تؤول اليها المنطقة و الوضع العام فيها، و نحس بان السنة الجديدة تنتج ما يمكن ان يغير الحال و يظهر نتائج نهائية لمعادلات و تفاعلات عسيرة سوى كانت ايجابية او سلبية . حقا انها تحركات اخر المطاف و لحظات ماقبل الفعل المنجز ، و لو دققنا في تفصيلات العمل نرى افعال و مظاهر و هيجانات و نسمع انتقادات و نحس بتغيرات و مناقشات و تحركات دبلوماسية و استعدادات و مهرجانات و ندوات و رحلات سياسية مهمة و الصراعات مستمرة و متعددة الاوجه في كافة الاوقات و حتى اثناء التعاملات و التفاعلات ، اما الاهداف واضحة و هي كيفية سيطرة الاطراف و تقوية المواقع و ترسيخ السلام في المنطقة التي تعيش في حالة فوران منذ عقود وهي مدمنة على المسكنات و تحتاج الى حل جذري ان امكن، و سوف نرى افاقها حسب كل التصورات في هذه السنة لاننا نسمع و نرى مبادرات على غير ما كنا متعودين عليها و نسمع اراء و مواقف غير ما كانت من قبل و نرى افعالا كانت من المحرمات لامس قريب و لم تعد حتى بعض اللقاءات السياسية والعلاقات من الممنوعات كما كانت من باب الخيانات و التهم الموجهة الحاضرة دائما، و اصبحت بعض المفاهيم و المصطلحات من الماضي، و خلال هذه الفترة تغيرت مكانة الدول و ثقلها و موقعها السياسي والدبلوماسي كثيرا و اعيدت ميزان القوى و تغيرت المستويات و ازيلت اخطار و برزت اخرى ، و حدثت تطورات من حيث التعاملات و العلاقات ، و نحن ننتظر ما ستستقر عليه المنطقة و تاثيراتها على العراق او بالعكس تماما ، و نرى نشاطات المفاوضات المتعددة الجوانب بين العرب واسرائيل و المستجد فيها هو استضافة تركيا لمفاوضات مباشرة بين الاطراف في السنة الجديدة ، و ما المتغيرات التي تحصل في اسلوب العمل السياسي الامريكي في ظل الرئيس الديموقراطي و ما توارثها من الحوادث الكبيرة و المشاكل العصية الماضية.
اما داخليا في العراق ، الصراعات في اوجها و تدخلت في شؤو ن عمل الحكومة بكل تفاصيلها و وصلت الى الاتهامات و حياكة التدابير السياسية و التلفيقات ، و خرجت المنافسات من اطارها و اثرت على مسار العملية السياسية لما تتعلق بها مجموعة من الامور الاخرى لان الحالة قلقة و انتخابات مجالس المحافظات على الطريق و هي التي تحدد حجم و ثقل القوى المشاركة و تبين المستوى الطبيعي و الواقعي كل طرف و قوة و تستوضح مقدار و مساحة الكيانات اكثر من الانتخابات السابقة التي جرت في ظروفها المعروفة ، و عليها تتوضح الخارطة السياسية المستقبلية الاكثر حقيقية نسبيا و بشكل اوضح . و تريد كل جهة اثبات نفسها و قدراتها و يميل سهم السيطرة الفعلية لبعض القوى على الساحة السياسية الى الافول في المستقبل القريب و لاسبابه المعلومة و تكون هذه الانتخابات الحد الفاصل تقريبا بين التوجهات العديدة ، و المواطن بدا يقيٌم كل جهة و اكتمل ما كان موعودا من قبل و بان من فشلَ و من اوفى بوعوده و من قدم المفيد للشعب ، و الصراعات المتعددة الجوانب و التزام البعض ببعض الاهداف المحصورة البعيدة عن مصالح الشعب كشف ماهو المستور و الاهتمامات الفئوية المذهبية فصلت الكيانات عن بعضها .
اما القوانين الهامة التي لم تمرر لحد اليوم و هي المصيرية ، و هي ما تخص الثروات و النفط و الغاز و تعديلات الدستورو قانون الاحزاب و الصحافة و الاحوال الشخصية، و هي في صلب ما تخص حياة المواطن اليومية و ما تقدم من الخدمات التي تشتكي منها الناس بكافة فئاتهم،اضافة الى ما هو المصيري من التفسيرات لبنود الدستور كانشاء الاقاليم و الخلافات التفصيلية عليه ، و سوف تبان الاولويات و تصفية العديد من الحسابات الداخلية و الاقليمية بعد ما اقدم اهل البصرة على تحقيق امنياتهم في انشاء اقليم الحلم القديم الجديد ، و ما يكون مصير عملهم.
هناك من القضايا الكبرى التي تهم المنطقة باجمعها و تتدخل فيها القوى العالمية بكافة الوسائل سوى كانت سرية غير مباشرة او علنية مباشرة ، و اهمها المفاعل النووية الايرانية و ابعاده و افرازاتها و استقرار الوضع السياسي و الاجتماعي في المنطقة و ترسيخ الامن و الامان في العراق و مفاوضات السلام المتعددة الجوانب مع اسرائيل ، و الصراعات القومية المذهبية في المنطقة .
المفاجئة التي تخيم على هذه القضايا بشكل جذري هي الازمة الاقتصادية والمالية الامريكية و معطياتها و افرازاتها و التي تفرض نفسها بشكل قاطع على تفكير و عمل القيادة الامريكية الجديدة بحيث تجعل معاملاتها و تدابيرها متغيرة مع الملفات المتعددة المرتبطة بمصير امريكا المستقبلية ، و بدورها تؤثر على مسار العملية السياسية في هذه المنطقة .
التحضيرات و التدابير و البروفات و التدريبات تجري على قدم و ساق قبل اسابيع قليلة من استلام الادارة الجديدة في امريكا زمام الامور ، و ما تكون عليها حسب المقدمات و ماتبرز من افعالها و وعودها ، و نرى تدخلات القيادات السابقة على الخط و ان لم تكن لها الصفات الرسمية و هي تساعد في ترتيب الامور قبل البدء بمسابقة المسيرة الطويلة و لمدة اربع سنوات .
و حدسنا يدلنا على ان البدايات تكون بطيئة و مملة و لم تتغير الاوضاع بالسرعة التي نتمناها و جل اهتمام الادارة الجديدة بوضع امريكا الاقتصادي الداخلي ، و سلك طريق الدبلوماسية يتطلب التاني و لم تظهر النتائج في الحال، و كما هو الحال في دورات حكم الديموقراطيين السابقة ، فلم يخطوا اية خطوة مفاجئة ، و به يمكن للمرء ان يتصور ما تكون عليه المنطقة بشكل عام بحيث تضم محاولات و مسايرة الامور و حث الاطراف بنفسهم على التقدم . اما ما يهم الوضع الداخلي العراقي و تنفيذ وعود اوباما بما عاهد نفسه عليها حيال انسحاب القوات الامريكية خلال المدة المعينة ، و حسب الاتفاقية التي سهلت تنفيذ هذا الوعد و هو ما يحض العراقيين على تنظيم الامور الداخلية السياسية و ليس مناقضا لاستراتيجية امريكا التي ضحت بكثير من اجلها و لا يمكن لاية حكومة مهما كان حزبه ان يفرط بها لانها مصيرية لمستقبل امريكا و ما تعرضت لها ، و الازمة المالية ربما تؤثر على اسلوب التعامل و ليس مع جوهر القضية ، اذن يمكن ان نستقرا ما يكون عليه العراق و المنطقة دون ان نحس بالمفاجئات الكبيرة او اتقلابات في الاوضاع العامة و من دون اي تغيير جذري ، و السنة الجديدة ربما لا تخفي ما يتمناه الشعب العراقي و المنطقة بشكل عام ، و انما ستبقى الحالة على ما هي عليه و بتغيير طفيف جدا.[1]