عدم انبثاق مجموعات الضغط لحد الان في العراق !!
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2444 - #24-10-2008# - 05:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
يسير الوضع السياسي و الاجتماعي في البلاد منذ خمس سنوات وفق المتطلبات الانية و الظروف اليومية للمجتمع، و في طريقه الى التنظيم تقريبا ان سار على ما يمكن ان يخطط له و اجراء اللازم من الواجبات و في مقدمتها فصل السلطات الذي يعملون الان على تنفيذه و لكن ببطء شديد، وعلى الرغم من المعوقات الكبيرة التي تحتاج الى طاقات متعددة و ارادات فولاذية لازالتها .
عندما يحس المجتمع و مكوناته المتشعبة بانحراف ما، او في وقت و حالة ضرورية لاقرار قانون او قرار ما يفرض نفسه و بما يخص المصالح العليا و السيادة ان كان سياسيا القرار او اقتصاديا ،او ما يمس الجانب الاخلاقي او الانساني للمجتمع ، سيكون هناك ردات فعل متعددة من عدة اتجاهات و تظهر على اشكال متباينة منها عشوائية او فردية او جماعية و تصدر من مكون دون اخر الى غير ذلك من المجموعات ، سوى كانت هذه الردات قوية لها صداها او ضعيفة لحدما يمكن كبتها ، هذه هي التي يمكن ان نسميها الافعال و الاعمال الخاصة بمجموعات معينة او متعددة نسميها بمجموعات الضغط و منها تكون كبيرة و لها تاثيراتها مباشرة و فورية و قوية و تغير من توازن القوى و محددة لاراء متعددة صادرة من الجهات المعنية في القضايا المصيرية التي تخص المجتمع بشكل عام.
هذا ما يكون واضحا في القضايا العامة او في حال انحراف في المؤسسات و السلطة في البلد ،او حين تصدر عن مصادر القرار مواقف ذات نتائج مضرة بالشعب .
المجموعات التي لها تاثيرات مباشرة في تحديد مسار القضايا العامة التي تهم الشعب لها تاريخ طويل و لكنها بتركيبات مختلفة حسب العهود و الزمان ،و تطورت مع التقدم الحاصل في البلدان، المهم ان هذه المجموعات لها اهداف عامة يجتمعون حولها و يؤثرون على المتنفذين و السلطات باسلوبهم و حسب الاتجاهات و الاهداف التي يحملونها ، و غالبا ما يحددون الطرق و يسلكون عدة اتجاهات في سبيل التاثير و انتاج ما يفيد الاهداف التي يعملون من اجل تحقيقها.
ان ما يميزهم عن المنظمات و التيارات و الحركات السياسية هو عدم محاولتهم الاستيلاء على السلطة، بل جل اهدافهم هو التاثير المباشر على قرارات و قوانين السلطات للصالح العام.
المسارات التي تعتمد عليها هذه المجموعات تكون حسب نوع المجموعة الضاغطة و مكوناتها و حجمها، فمنها تكون اقتصادية تحاول بكل مالديها من الامكانيات من اجل قطع دابر الطريق الى احتكار السوق او منع القرارات و القوانين التي يمكن ان تصدر و هي تخص حياة المجتمع و ليست صالحة اقتصاديا ، بحيت ان تمكنت تمنع كل ما يصدر من المختصين بالاقتصاد و من مصلحة الاقلية على حساب الاكثرية او عامة الشعب و بضغوطاتها تحاول ان تغيرها لصالح الاكثرية .
اما المجموعات الثقافية السياسية ، هي التي تختص في الضغط على مصادر ومنابع القرارات في سبيل امرارها لقرارات هامة باجمل و احسن صورة و التي يجب ان تكون للصالح العام، و اهداف هذه المجموعات هو كشف المستور مما يضر الاكثرية الى الراي العام و محاولة الحصول على المعلومات من اجل اختيار و اقرار الاحسن و تغيير ما لا يمكن ان تكون للصالح العام وكما هو الحال من الناحية الثقافية ايضا والتي تمس المجتمع بشكل عام . و هكذا توجد انواع متعددة من المجموعات الضاغطة التي يمكن ان تختص كل منها او تهتم في حالات جميعها بقضية عامة و بشكل جماعي و تكون لها صدا اكبر و تاثير مباشر .
من المعلوم ان هذه المجموعات يمكن ان تنبثق من منظمات المجتمع المدني و الاتحادات و النقابات المهنية و الثقافية او الاجتماعية المتعددة و منها منظمات حماية المراة و الطفل و الرقابة و التفتيش و العمال و الموظفين و المعلمين و الصحفيين ، و هذه المجموعات تختلف تركيبها حسب المنتمين ، و في مقدمة اهدافهم المحافظة على مصالح اعضائهم و حمايتهم بكافة الوسائل السلمية بالطرق الممكنة التي يمكن ان يضغطوعلى المتنفذين، و يمكنهم ان يهيجوا الراي العامبالاعتماد على المباديء و المواضيع التي تهتم بها المجموعات و تريد تنميتها و تطويرها بعد نشرها.
اما ما يخص العراق اليوم، و كما نعلم و نحن نعيش في الواقع فان المجتمع بكافة مكوناته الشعبية و المهنية و الفكرية و الثقافية مسيسة الى النخاع و متحزبة و متعسكرة منذ السقوط و سيطرة الاحزاب و تحكمهم بشكل قوي ، و مدت الاحزاب الايادي الطويلة و تخلخلت في كافة ثنايا المجتمع بحيث لم نشاهد منظمة مدنية او مهنية او ثقافية او فكرية او اي تكوين اخر الا و اسستها الاحزاب او تدخلت في شؤونها و ارغمتها على العمل من اجل الاهداف السياسية و هي الان تعمل و تهدف في جهودها الى تحقيق شعارات و امنيات فكرية سياسية حزبية او عقيدية خاصة بشكل مباشر او غير مياشر.
اما من الجهة الثانية ان الاسباب التي تجعل الوضع على ما هو عليه و تساعد على عدم ظهور هذه المجموعات هو انعدام او انخفاض مستوى الوعي المطلوب للمجتمع بكافة مكوناته الذي يحول دون انبثاق هذه المجموعات ، بل هناك من العقائد و الاديان و الافكار التي تمنع الفكرة من جذورها جملة و تفصيلا اضافة الى ياس النخبة و اهمالهم للشان العام و هو السبب الرئيسي كما اعتقد.
اما ما يحتاجه المجتمع العراقي لانبثاق و تاسيس هكذا مجموعات التي تعتبر كمراقب عام على السلطة و المجتمع من كافة النواحي هو تجريد كافة المنظمات و الاتحادات و النقابات عن التحزب بعدة طرق متعددة و اهمها الانتخابات الحرة النزيهة، و العمل على وحدة الجهود و فصل الاختصاصات و الاعتماد على المباديء و الاهداف العملية الخاصة بكل مجموعة ، و يقع الواجب الاكبر على عاتق الاعلام و المثقفين لاعتماد الشفافية و محاولة كشف السلبيات، و اعادة النظر في الحياة السياسية الاجتماعية الاقتصادية الثقافية العامة، و كما هو معلوم ان لهذه المجموعات الدور الاكبر في تعديل و تصليح المسارات و مراقبة السلطات لكشف الانحرافات و تحديد اوتعين الاصلح في كل شان.
الجدير بالذكر ان هناك افاق صغيرة تُشاهد من بعيد في هذا المجال و خاصة من الجانب الاعلامي الثقافي ، بحيث فضاء الحرية النسبية المتوفرة و بالاخص ما تعمل به الفضائيات تعتبر ضغوطا كبرى على السلطات ، و الكل على الامل ان تتقوى مع الاقسام الاعلامية الثقافية الاخرى، مع محاولة انبثاق كافة المجموعات التي تكون لها النتاجات المثالية في هذا المضمار.
من الملاحظ في الوضع العراقي الحالي، ان بعض الاحزاب و التيارات التي تحسب نفسها على المعارضة الايجابية للحكم حلت مؤقتا محل مجموعات الضغط لحدما و لكن اهدافها تختلف عنها و هي تعمل من خلال افكارها و عقائدها و تستغل وجود القوات الاجنبية لتعلق عليه كل السلبيات و هذه لغرض في نفس يعقوب كما نعلم، و هي التي عقًدت التوازن الى حد كبير ، لانها منها ماكانت في السلطة و انسحبت لاسباب سياسية فكرية و هذه ليست من اهداف مجموعات الضغوط الحقيقية على الرغم من توافق متطلباتها الانية احيانا مع اهداف مجموعات الضغط ، لان الدوافع المخفية سياسية فكرية بحتة وهي ليست لصالح اهداف المجموعات ، على الرغم من اعلانها و تصريحاتها بان همها الاساسي هو التصحيح و التعديل.
و بهذا نتاكد ان الارضية الملائمة و الوضع الاجتماعي السياسي لم تتوفر لبزوغ مجموعات ضغط بمعنى الكلمة و هي التي يمكن ان تفيد الشعب من كافة النواحي اكثر بكثير من الاحزاب و التيارات و الحركات السياسية.[1]