الافكار الضيقة لا تساهم في علاج الازمات الخانقة في العراق
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2428 - #08-10-2008# - 09:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
من المعلوم ان هناك مجموعة كبيرة و متفاوتة من الافكار و العقائد و الايديولوجيات و المباديء الاساسية منتشرة على الساحة السياسية العراقية، و كل منها تدلو بدلوها و تعلن عن مواقفهاو تعبر عن ارائها و تساهم بشكل و اخر في سير العملية السياسية الجارية كيفما كانت في العراق الجديد.
من الواضح ان العراق الجديد منذ سقوط الدكتاتورية و هو يمر بكم هاءل من الازمات السياسية الاقتصادية الاجتماعية المتعاقبة، منها ما تكون عويصة و شائكة و لم تُحل جذريا لحد اليوم، و منها عولجت مؤقتا و منها كانت طارئة و اختفت، و لكن منها مصيرية و تهم حاضر و مستقبل شعوب العراق و نظام حكمه و مستقبله و ترسيخ امنه و استقراره، و منها تاريخية ترتبط بفكر و ايمان المتصارعين و نظرتهم الى الحياة و المستقبل و مصير الشعب و البلاد. جلي على الجميع بان هناك مؤثرات فكرية عقائدية لتحديد النظر الى اية ازمة و بيان الموقف ازائها من قبل اي طرف كان، و المعلوم ان المواقف تظهر انطلاقا من الاعتماد على الافكار العرقية او المذهبية و الدينية او الحزبية الضيقة بعيدا عن الخط العام او اطار المصالح العليا لمستقبل العراق الجديد و الاستحقاقات التاريخية الدستورية.
و للاسف ان ما نشاهده اليوم هو امتداد للسياسات و النظرات السابقة المشوبة بالخوف و القلق و المصالح الذاتية البحتة، و هي المسيطرة على العقلية السائدة لجميع الاطراف دون النظر الى عراق جديد من الجوهر و المظهر، عراق ديموقراطي بكل معنى الكلمة، تعددي تسامحي ضامن لحقوق و توزيع الثروات ، بعيد عن المركزية الجالبة للانفرادية و المائلة لسيطرة جهة معينة و احدة و مهمشة لاخرى، عراق ضامن و محافظ للثقة المتبادلة بين جميع الاطياف.
العامل الهام لتوفير العقلية التقدمية الحداثوية المؤمنة بهذه المباديء الهامة الضرورية لاعادة النظر في كل خطا و العمل على اعادة اللحمة و عودة القطار الى سكته و ضمان مستقبله ، هو الالتزام بالافكار التقدمية البعيدة عن النظرات الضيقة المنحازة, مؤنة ببناء عراق جديد قلبا و قالبا.
طيل هذه الفترة، ظهرت عوامل و مسببات عدة لخلق الازمات و تخلت اتجاهات و اطراف و بانت مواقف اعتمدت على الخلفية الفكرية لاصحابها و مدى تقبلهم للواقع الجديد، و لا نخفي هنا ان اكثريتها كانت مخيبة للامال معتمدة على المصالح الذاتية و مستندة على افكار و معتقدات ضيقة الافق و المساحة و الاهداف و غير علمية ، و طغت المصالح السياسية بشكل مطلق تقريبا على الوضع و معاملة الاطرافو لم توجد خطوط وطنيةحمراء تلزم كافة الجهات عدم الخروج منها .
كانت من الازمات مصيرية و شائكة و تخص حاضر و مستقبل العراق ، و لكن المواقف اعتمدت استنادا على الواقع و الوضع الاني و السياسة التي فرضت الاراء، و لم تكناي موقف و راي يعلن اعتمادا على الحقائق و احقية اصحاب الشان و المشكلة او دستوريتها ابدا، و لم يؤخذ بالراي العام و الحقائق التاريخية بعين الاعتبار ، و جل ما رايناه عدم تفهم لاراء و مواقف الاخرين و التعصب و الانانية و الضيق في الاعتقاد و العمل و محاولة الغاء الاخر ، و الاستناد على المناورات و اللعب السياسية في هذه القضايا الهامة المستقبلية.
لذا علينا القول ان الوسيلة الرئيسية الهامة لحل كل الازمات تنبع من العقلية و الفكر السليم الواسع قبل اي شيء اخر، و من النظرة التقدمية الانسانية لجميع القضايا و المشاكل و استنادا على الحيادية و العدالة و الحقائق بموجب الدستور و القانون و ليس الالتفاف عليه،بعيدا عن الصراعات الثانوية السياسية او فكرية او عقيدية ، و ان اصرينا حقا على التعايش السلمي و المواطنة لابد ان نلتزم بالمباديء العامة و المصالح العليا، و بالديموقراطية الحقيقية و العقلية الانسانية المتفتحة تُعالج كل الازمات ، و نخطوا نحو المستقبل المنظور ، ان كانت النيات صافية و نابعة من الحرص على مستقبل الاجيال و التوجه الصحيح لضمان العدالة الاجتماعية و المساواة.[1]